دراسة عالمية: السودان يدخل مرحلة التضخم المفرط والجنيه السوداني يفقد قيمته

كشفت دراسة تحليلية حديثة صادرة عن مركز الدراسات النقدية في جامعة أوسلو أن السودان دخل رسميًا مرحلة التضخم المفرط، مع تجاوز معدلات التضخم حاجز 400% خلال العام الماضي، ما أدى إلى انهيار الوظيفة الاجتماعية للجنيه السوداني وفقدانه دوره كأداة تبادل وادخار واستقرار اقتصادي.

اسعار العملات مقابل الجنيه السوداني اليوم الأحد 19 اكتوبر 2025

وأكد التقرير أن التضخم المفرط لا ينعكس بالأرقام فقط، بل من خلال فقدان المجتمع ثقته في العملة المحلية، وتحول التعاملات اليومية نحو العملات الأجنبية مثل الدولار والريال والدرهم.

الجنيه السوداني خارج منظومة التداول الشعبي

أشارت الدراسة إلى أن الجنيه السوداني لم يعد وسيلة للتسعير أو الادخار حتى في الأسواق الشعبية، حيث يعتمد التجار والمستهلكون على العملات الأجنبية في تحديد أسعار السلع والخدمات، بما في ذلك المواد الغذائية، الإيجارات، والأجور اليومية، ما يؤكد خروج الجنيه من الدورة الاقتصادية الفعلية.

ما هو التضخم المفرط؟ وكيف ينطبق على السودان؟

وفق التصنيف النقدي الدولي، يُعرّف التضخم المفرط بأنه تجاوز معدل التضخم الشهري 50% أو السنوي 1000%. وعلى الرغم من غياب بيانات رسمية دقيقة في السودان، استخدمت الدراسة أسعار السوق الموازي والسلع الأساسية لتقدير معدل التضخم عند 400% سنويًا، وهو ما يضع السودان في فئة الدول التي تعيش تضخمًا مفرطًا وظيفيًا، على غرار فنزويلا وزيمبابوي سابقًا.

انهيار القدرة الشرائية وتراجع الاستهلاك بنسبة 40%

أوضحت الدراسة أن أسعار المواد الغذائية تضاعفت ثلاث مرات خلال 12 شهرًا، بينما ارتفعت أسعار الوقود بنسبة 280% والإيجارات بنسبة 230%. هذا الانهيار دفع الأسر السودانية إلى تقليص استهلاكها بنسبة 40%، إضافة إلى تحويل المدخرات بالجنيه إلى سلع أو عملات أجنبية خوفًا من فقدان قيمتها بالكامل.

الجنيه السوداني: رمز سياسي لا أداة اقتصادية

ووفق الدراسة، أصبح الجنيه السوداني يُستخدم بشكل أكبر في الخطابات الرسمية وليس في الواقع الاقتصادي، حيث يتم التعامل عليه باعتباره رمزًا سياسيًا للسيادة الوطنية بدلًا من كونه وسيلة اقتصادية فاعلة، ما يعكس أزمة ثقة عميقة بين المواطن والدولة.

توصيات مركز أوسلو لإعادة بناء الثقة في العملة

اقترحت الدراسة عدة إجراءات لإنقاذ الجنيه وإعادة دوره الاجتماعي، أبرزها:

♦ إطلاق برنامج وطني للتثقيف المالي.

♦ ربط الجنيه بـ سلة عملات دولية أو أصول حقيقية.

♦ إنشاء هيئة نقدية مستقلة عن السلطة التنفيذية.

♦ تقديم دعم نقدي مباشر للأسر المتضررة بالعملات الصعبة.

أزمة الجنيه أزمة ثقة مجتمعية قبل أن تكون نقدية

خلصت الدراسة إلى أن السودان لا يواجه مجرد أزمة تضخم نقدي، بل أزمة ثقة وطنية في العملة المحلية، حيث خرج الجنيه من التداول الفعلي، وأصبحت الأسواق تدار بعملات أجنبية، ما يتطلب إصلاحًا اقتصاديًا وسياسيًا مؤسسيًا لاستعادة الثقة المجتمعية.

Exit mobile version