هل يترشح البشير للرئاسة إذا عُدِّل الدستور؟

بالرغم من حديث الرئيس “البشير” في حواره الأخير مع قناة “العربية” حول عدم نيته الترشح للرئاسة، باعتبار أنه أكمل فترته الدستورية، إلا أن حديث بعض المختصين والسياسيين عن إمكانية تعديل الدستور حتى يتمكن “البشير” من الترشح مرة، جعل بعضهم لا يستبعد إمكانية ترشحه.
وفي الوقت الذي بدأ فيه تداول هذا الموضوع داخل وخارج الحزب، حذَّر دكتور “أمين حسن عمر” من اللجوء لتعديل الدستور، واعتبر في حديث تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي، أن الدعوة لإعادة ترشيح الرئيس مخالفة للدستور. كما أوضح الرئيس نفسه في لقائه مع قناة “العربية”، أن الدعوة لتعديل الدستور رأينا عواقبها لدى الآخرين، والحزب والرئيس في غنى عنها، وكشف عن أن الرأي الذي يحمله أن أفضل ما يفعله الرئيس وهو قمين به وأشبه به أن يهيئ الحزب لقيادة جديدة تأتي بديمقراطية صادقة، ومن يرتضيه جمهور الحزب سيكون أقرب لكي يرتضيه جمهور الناس، وبدوره أبدى دكتور “قطبي المهدي” عدم موافقته على القيام بإجراء تعديل للدستور من أجل التمديد للرئيس. وقال في حديثه لـ(المجهر) أمس، الرئيس نفسه إذا أتيح له أن يترشح مرة أخرى لن يترشح، وهذا قرار اتخذه منذ فترة، وحتى ترشحه الأخير قبله بعد ضغوط مورست عليه من قبل بعض أعضاء الحزب، ووفقاً لـ”قطبي” أن الإشكالية يمكن أن تظهر إذا وضع دستور جديد، وقتها سيطرح الموضوع من بدايته، ويحدد فيه المدة، وسأل هل سيضع الدستور الجديد قبل الانتخابات أم لا؟ وإذا اتفق السودانيون على دستور جديد ستكون هناك بداية جديدة تتيح لأي سوداني الترشح. ومضى “قطبي” في القول: أتصور أن الرئيس لن يترشح في كل الأحوال، وهذا القرار اتخذه بنفسه بغض النظر عن أن الدستور سيتيح له ذلك أم لا، وأنا كنت في الماضي من المؤيدين لترشحه نظراً لحساسية الوضع السياسي، واعتقد أن الوضع لا زال غير مستقر، ولا توجد بدائل أفضل منه، لكن في نهاية الأمر لابد أن يأتي شخص آخر، وأفتكر لا زال هناك متسع من الوقت، وتوقع “قطبي” أن تبرز شخصيات قومية في الساحة والمؤتمر الوطني، كذلك يستطيع ترشيح عدد من الشخصيات، وهو أكثر قرباً من مسألة الحكم، لأن قياداته تمرست على العمل وخبرت الملفات السودانية، وهناك شخصيات ظلت تعمل إلى جانب الرئيس، ولديها خبرة طويلة، وتمرست على التعامل مع التحديات ومازالت متصلة بهذه الملفات، والتحدي أن تنظر إلى هذه الملفات نظرة جديدة تشكِّل إضافة حقيقية، والحديث لـ”قطبي”.
ومن جانبه كشف عضو البرلمان المستقل “عبد الجليل عجبين” رئيس اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان عضو لجنة التشريع والعدل عن إمكانية تعديل الدستور الذي ينص على دورتين كحد أقصى لرئيس الجمهورية، وذلك بإضافة نص يجوز تمديد فترة رئيس الجمهورية لأي ظرف. وأكد “عبد الجليل” أن الدستور الموجود الآن انتقالي يسمح بأي اختراق يحدث له، وبذلك يجوز تمديد فترة أخرى لـ”البشير”، مشيراً إلى تعديل الدستور أكثر من مرة، وأكد عدم إلزامية المادة التي حددت فترتين للرئيس، باعتبار أن الدستور انتقالي. وقال: عملية اختراق الدستور ليست صعبة، فيمكن تجديد فترة رئاسية لـ”البشير” في أي وقت من قبل حزبه، خاصة أن لديهم أغلبية بالبرلمان تسمح لهم بذلك، والأحزاب المشاركة ضعيفة، وهناك ثمة توافق بين هذا الطرح، وما أكده الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي الأستاذ “كمال عمر” الذي أكد لـ”المجهر” إمكانية تعديل الدستور لفترة رئاسية أخرى، إذا أجمعت القوى السياسية المشاركة في الحوار على ذلك، لأن في الدستور المؤقت لا يوجد ما يمنع ذلك، وقال: لكننا لدينا تصور لضبط فترات الرئاسة في مرحلة الدستور الجديد، بحيث لا يتعدى الدورتين، لكن في الدستور الحالي يمكن أن يحصل تمديد بالتوافق السياسي، وهذا حسب طبيعة الدستور، ونحن لا نعتبره مثالياً، المثالية في ضبط الولاية.
حديث الرئيس “البشير” عن عدم نيته الترشح مرة أخرى وما أعقبه من آراء في الساحة السياسية، تناولته، من زاوية إمكانية تعديل الدستور، وسائل الإعلام المقروءة أو مواقع التواصل الاجتماعي، كما كان الحال بالنسبة لدكتور “أمين” يدل على أن موضوع ترشح “البشير” مرة أخرى من الموضوعات التي تجد نقاشاً مستفيضاً داخل حزب المؤتمر الوطني، وبالتأكيد ستكون هناك مجموعة تساند موضوع ترشحه مرة أخرى، حتى لو اقتضى الأمر تعديل الدستور، وحديث دكتور “أمين” في هذا التوقيت يمكن أن يفهم في سياق قطع الطريق على هذه المجموعة وتذكيرها بأن ترشيح الرئيس مخالف للدستور، حتى لا تتوسع شقة الخلاف داخل الحزب حول هذا الموضوع، على خلفية أن الرئيس نفسه في حديثه لقناة “العربية”، حينما أعلن عدم ترشحه للحكم بنهاية العام 2020م، لم يستبعد أن يكون هناك صراع حول المنصب بين المتنافسين، عندما أشار إلى أنه قد يكون هناك متنافسون حول منصب رئيس الحزب، مثل أي حزب في الدنيا، لكن دكتور “قطبي” نفى إلى (المجهر) أن تكون هناك صراعات داخل حزب المؤتمر الوطني حول مرشح الرئاسة القادمة. وقال: في تقديري لا توجد صراعات، وسيكون هناك أكثر من مرشح، حتى تكون هناك خيارات، لكنه عاد وقال: إذا حدثت اختلافات، فالأمر يعتمد على وضع الحزب والروح التي تحكم الاختلاف، إذا كانت روح وطنية تتحلى بالقيم الإسلامية ومسؤولة، فلن تكون هناك مشكلة، لكن إذا كان الصراع حول المناصب فستكون هناك مشكلة. وحول إمكانية نشوء صراع في حزب المؤتمر الوطني بين التنظيميين والعسكريين حول مرشح الرئاسة مستقبلاً، قال “قطبي”: إن هذا الموضوع مرتبط بمتطلبات المرحلة، واعتقد أن أوضاع البلد الأمنية لازالت مضطربة والإحساس بأهمية الأمن يجعل استيعاب القوات المسلحة بشكل عام في القرار السياسي مهم، على ضوء أن هناك مخاوف من أن يأتي رئيس مدني لا يفهم الموقف السياسي ومتطلبات المرحلة، وهذا سيخلق مشاكل، والرئيس “البشير” استطاع خلال مرحلته كسب ثقة الجيش لانتمائه العسكري. الآن المدنيون يرون أن هناك مشاكل غير الاضطرابات الأمنية تتطلب كفاءات، والعسكريون لديهم كفاءات، فإذا استطاع الناس ترشيح شخصية مدنية عندها انتماء للمؤسسة العسكرية، سيكون هذا أفضل، والرئيس البشير طوال لـ27 عاماً، كان حوله عسكريون تابعوا معه كل القضايا، واعتقد يمكنهم أن يلعبوا هذا الدور، و27 سنة كافية لردم الهوة بين الجانبين.
فاطمة مبارك

Exit mobile version