أعاد فريق بحثي يقوده عالم سوداني بجامعة إيبرهارد كارلس توبنغن الألمانية تسليط الضوء على مشروب الحلو مر، الذي اعتاده السودانيون في رمضان لقرون، ليمنحه بعدا جديدا بوصفه غذاءً استراتيجيا يمكن الاعتماد عليه في أوقات الحروب والأزمات ونقص الإمدادات الغذائية، بفضل ثرائه بالمركبات الغذائية الحيوية.
زيوت طبيعية تفتح التصبغات و البقع الداكنة في البشرة
الدخن اللؤلؤي.. سر القيمة الغذائية العالية
يُحضّر الحلو مر تقليديا من الذرة الرفيعة، بينما يتم إنتاجه في دارفور وكردفان من الدخن اللؤلؤي، وهو محصول يتميز بقدرته على تحمّل الجفاف وارتفاع الحرارة، مما يجعله خيارا مثاليا لتصنيع مشروب قادر على مواجهة تقلبات الأمن الغذائي.
خطوات التصنيع التقليدية وفوائدها الكيميائية
وأوضح الباحث طلال سيد عبد الحليم أن صناعة المشروب تبدأ بنقع الحبوب لبدء مرحلة الإنبات التي تزيد من النشاط الحيوي للمركبات النشطة، ثم تجفيفها وطحنها وخلطها بالتوابل العطرية مثل القرفة والقرنفل والزنجبيل. وتخضع العجينة لتخمير ثانٍ يمنحها نكهة فريدة قبل خبزها على الصاج لإنتاج رقائق الحلو مر الشهيرة.
طريقة التحضير المثالية للمشروب
وتبدأ عملية التجهيز بنقع نحو 120 غراما من الرقائق في لتر من الماء لمدة ساعتين، ثم يضاف 10 غرامات من السكر للحصول على التوازن المعروف بين الحلاوة والمرارة، وهو ما يمنح الحلو مر مذاقه المتفرد.
اختلافات كيميائية بين سلالات الدخن
وأظهرت الدراسة اختلافات واضحة بين السلالات الثلاث المستخدمة في دارفور وكردفان وهي دمبي الأحمر والأصفر والأبيض. وبينت النتائج أن دمبي الأصفر يتميز بأعلى مستويات حمض الغاما أمينوبوتيريك الداعم لوظائف الدماغ، فيما يحتوي دمبي الأحمر على أعلى نسب الفينولات والكاروتينات والتانينات، وهي مركبات مضادة للأكسدة تعزز المناعة وصحة العين والجلد.
الإنبات والتخمير يرفعان القيمة الغذائية
وأشار عبد الحليم إلى أن عمليتي الإنبات والتخمير تحسنان النكهة، وترفعان المحتوى الحيوي للمركبات المفيدة، وتقللان في الوقت نفسه من المواد المضادة للتغذية، مما يجعل المشروب أسهل هضما وأكثر فائدة. كما أثبتت الاختبارات ارتفاع القدرة المضادة للأكسدة في الرقائق مقارنة بالدقيق الخام.
غذاء مقاوم للأزمات والكوارث
ويرى الباحث أن قدرة الدخن اللؤلؤي على النمو في البيئات القاسية، إضافة إلى سهولة تخزين رقائق الحلو مر ونقلها، تجعل هذا المنتج خيارا غذائيا مثاليا للمناطق المتأثرة بالحروب والانقطاعات الغذائية.
وصفة علمية لإنتاج الحلو مر في البيئات الهشة
وقد وضع الفريق البحثي “ملفا مثاليا” لإنتاج الحلو مر في الظروف الضعيفة، يتضمن استخدام سلالات غنية بالمركبات الحيوية مثل دمبي الأحمر والأصفر، وإنبات الحبوب لمدة تصل إلى 72 ساعة، وتخميرها لمدة تصل إلى 24 ساعة باستخدام بادئات محلية، ثم إنتاج رقائق مستقرة قابلة للتخزين الطويل.
تمكين النساء وتطوير الإنتاج المحلي
وشدد عبد الحليم على أهمية إشراك مجموعات النساء في مراحل الإنتاج، وتوفير بيئة نظيفة وأدوات بسيطة مثل صواني الإنبات وألواح التجفيف، إلى جانب إمكانية إضافة نكهات مثل الكركديه والتمر الهندي والقرفة والزنجبيل لتعزيز القيمة الغذائية.
خطط مستقبلية لتطوير المشروب
ويعمل الفريق على تنفيذ مشروع تجريبي لإنتاج الحلو مر في المجتمعات الأكثر هشاشة، إلى جانب مقارنة طرق التحضير المختلفة للحفاظ على أعلى قيمة غذائية، والتوجه لإنتاج نسخة معززة بإضافة البقوليات أو المستخلصات النباتية، مع إعداد دليل تدريبي مصور لدعم مجموعات النساء والمدارس الحقلية.
