بالرغم من تهديدات وزارة الداخلية بتطبيق عقوبة قطع اليد على جالبي سيارات البوكو حرام، والأخرى المعروفة إصطلاحاً بـ(س ح) والتي تاتي من الدول المجاورة إلى دارفور، إلا أن تجارة هذا النوع من السيارات ما زال يزداد نشاطاً، حتى أن أسواق دلالاتها انتشرت بكل القطاع الغربي، ووصلت حتى مدينة الأبيض وغرب كردفان، حيث كانت حكومة غرب كرفات قد خصصت مركزين لتسجيل السيارات بمدينتي الفولة والنهود، وأشهر دلالات البوكو حرام بوسط مدينة نيالا، والتي تشهد إقبالا متزايداً يوماً بعد يوم، خاصة من تجار الخرطوم .
وكان وزير الداخلية المستقيل الفريق ركن عصمت عبد الرحمن قد أكد في وقت سابق أنه تم حصر وتسجيل آلاف من السيارات التي تدفقت إلى كل ولايات دارفور حتى الآن، وأعلن أن الحكومة بصدد تنفيذ “قطع اليد حدّاً” على كل شخص يضبط بحوزته سيارة بعد اكتمال إجراءات الحصر التي تجري حالياً باعتباره سارقا.
بداية دخولها
بدأ تدفق هذه السيارات إلى داخل البلاد منذ العام 2015م، وجاءت الدفعة الأولى منها من دولتي الكاميرون ونيجيريا، ودخلت عبر نقطة مشتركة وهي كوتنو وبوابتها إلى السودان مدينة الجنينة عبر تشاد، أدخلتها مجموعات عبر مناطق التماس، ثم طالبوا السلطات بتنقنين وضعها، فإنتهز المواطنون الفرصة ونشطوا في جلب سيارات البوكو حرام، ويقول أحد كبار تجار البوكو حرام ويدعى أشرف الحضري لـ(آخر لحظة) إن المواطنين استغلوا سماح السلطات بتقنين البوكو حرام عملاً بالمثل الشعبي «في جاه الملوك نلوك».
ليبيا فتحت
ويواصل الحضري حديثه قائلاً: إن العربات الصغيرة ماركة الكليك وغيرها من العربات الكورية والبكاسي أصبحت تأتي من ليبيا، وثمنها رخيص جداً مقارنة بأسعار السوق الجاري، وأضاف أن قيمة سيارة كليك في السوق تتراوح مابين (150- 220) ألف جنيه، اما نفس السيارة كليك «بوكو حرام» قيمتها في حدود (90-110) ألف جنيه، هذه الأسعار الرخيصة نوعاً ما دفعت أعداد كبيرة من المواطنين إلى شراء سيارات البوكو حرام وإقتنائها، ومكنت ذوي الدخل المحدود وأصحاب الأوضاع المادية المتوسطة من امتلاك سيارات، لافتاً إلى أن دخول تلك السيارات من ليبيا تزامن مع حوجة الدولة لإيرادات، ففرضت رسوم جمركية تصل إلى (60%) من قيمة السيارة من موديل الأعوام (2012-2016) وما قيمته (40%) لما دون ذلك الموديل، وبعدها صارت تجارة رأسمالية يغامر فيها كل أصحاب رؤوس الأموال، وغادروا إلى تلك الدول عبر الطيران لجلب المزيد منها، والحديث ما زال للحضري الذي يشير إلى أن رسوم الجمارك أدت إلى إرتفاع أسعار سيارات البوكو حرام، ففي السابق كان الفرق من سعر السوق العادي للسيارات حوالي (80%-70%) أما حالياً فيقول الحضري إن سعر سيارات البوكو حرام أقل فقط بمبلغ (5) آلاف جنيه، ويلمح الحضري إلى احتمال تعرض السلطات إلى ضغوطات من شركات السيارات التي تعرضت إلى خسائر بسبب ضعف أسعار البوكو حرام.
الشفرة
(س، ح) تستخدم كشفرة للسيارات التي وصلت البلاد من دول الجوار، إلا أن تجار السيارات ينفون أن تكون تلك السيارات مسروقة، بل ينبهون إلى أنها سيارات ماركة البوكس ضبطت بعد دخولها من إحدى دول الجوار.
لجنة للحصر
وكانت رئاسة الجمهورية أصدرت مؤخراً قراراً بالرقم (255) قضى بتكوين لجنة لتقنين وحصر السيارات غير المرخصة بدارفور، وتضم في عضويتها كافة الوحدات الأمنية منها الشرطة والاستخبارات والأمن الاقتصادي ووزارة المالية والجمارك والمكافحة، وقد حوى القرار على فقرة الاستعانة بما تراه مناسباً، وتم إضافة الإعلام وقوات حرس الحدود للجنة، أما طبيعة عملها فهي تتلخص في حصر وتقنين العربات المخالفة للقانون بدارفور.
وبدأ الإعلان عن التسجيل في منتصف شهر أكتوبر من العام الماضي، وتمكنت اللجنة من حصر وتسجيل ما يقارب (2000) سيارة غير مرخصة من مختلف الموديلات بولاية شمال دارفور وحدها خلال شهر ونصف، وتجاوزت (10) آلاف سيارة بمختلف الولايات.
تجار نيالا
وفي حديث مع أحد التجار في مدينة نيالا يدعى محمد عبد الرحمن قال إن معظم عربات البوكو حرام تأتي من يوغندا وتباع على أنها عربات مستعملة والباقي يأتي من تشاد وليبيا، وهي سيارات مستهلكة، وأغلب هذه السيارات هي كورية، وتوجد سيارات تصعب عملية بيعها ويتم التصرف فيها بطريقة أخرى.
ويروي عبد الرحمن أن بعضاً من هذه السيارات تأتي بطرق غير مشروعة، وهناك أشخاص محددون مهمتهم متابعتها وإيصالها إلى أصحابها، وفي كثير من الأحيان يتم التوصل إليها مثل ما حدث في منظمة الشهيد، حيث تمت سرقة سيارة منهم، وتم بيعها على أنها بوكو حرام، ولكن من خلال المتابعة توصلوا إليها.. أما مراحل دخول السيارات إلى البلاد من الخارج، فيتم رصدها بعد دخولها للحدود وتتم عملية الحظر عبر الانتربول .. وهي مرحلة قبل الجمارك، والأنتربول هم الذين يتابعوا دخول هذه السيارات، وعن طريقهم يتم تبليغ السلطات الأمنية السودانيه بدخول سيارات إلى البلاد، وبعد عرضها على الأنتربول للتأكد من أن السيارة غير مسروقة تذهب إلى الجمارك وإذا أصبحت مسروقة يتم حجزها .
يمضي عبد الرحمن قائلاً إن المهربين أصبحوا أكثر حرصاً، وأصبحت السيارات تدخل عن طريق الشمالية، لكي يتجاوزوا حائط الجمارك، ومن ثم تتم المبايعة، والتي يقوم بها أي محامي في نيالا، وهي وثيقة بيع فقط وتذهب مباشرة إلي الجمارك، كما أن هنالك عدداً كبيراً من التجار استفادوا من هذه التجارة، وأصبحت مصدر دخل مربح بالنسبة لهم.
أسعار بوكو حرام
السيارات موديلات 2014 عربات صغيرة بدأت أسعارها من (60 – 70) ألف جنيه، والآن ارتفعت إلى (115 – 120) ألف جنيه خلال ثلاثة أشهر، وتصل إلى المستهلك بسعر (180) ألف جنيه، أما سيارات الدفع الرباعي فأسعارها تتراوح بين (300 – 320) ألف جنيه، وقبل شهرين كانت الأسعار أقل من هذا بكثير، وانتشرت عربات البوكو بصورة كبيرة، وما أن تذهب إلى مدينة في دارفور، تشاهد هناك العربات الفارهة تتجول في شوارع المدن، وعندما تسمع أسعارها الزهيدة مقارنة مع أسعارها الحقيقية بالعاصمة يتضح فرق السعر الشاسع، فعلى سبيل المثال فإن العربة البوكس دبل كاب موديل 2016 التي خضعت لإجراءات الجمارك يبلغ سعرها 750 ألف جنيه، وذات العربة بدارفور من التي دخلت البلاد عبر التهريب لا يتجاوز سعرها المائتي ألف جنيه.
وقال عدد من التجار والمواطنين الذين يمتلكون عربات بوكو حرام أشارو إلى أنهم فضلوا الحصول عليها، وذلك لأسعارها الزهيدة، ويبدو أنهم مقتنعون بالنظرية التي تشير إلى انخفاض رسوم الجمارك بدول الجوار مقارنة بالرسوم السودانية، مما يجعل قيمة تلك العربية منخفضة وفي متناول اليد .
اخر لحظة