استغلا وظيفتهما وتربحا 45.2 مليون درهم عُمولات زبائن

تمكنت إدارة الخبرة وتسوية المنازعات في ديوان صاحب السمو حاكم دبي من حل واحدة من كبريات القضايا العقارية في الإمارة، لمشروع تابع لإحدى شركات التطوير العقاري، استغل اثنان من موظفيها صلاحياتهما وتربحا مبلغ 45.2 مليون درهم دون وجه حق، وفقاً لهاشم سالم القيواني مدير إدارة الخبرة وتسوية المنازعات بديوان صاحب السمو حاكم دبي.

وقال القيواني لـ «البيان» إن المتهمين قاما عمداً بالإضرار بمصالح الشركة والتربح والحصول على عمولات من عملاء الشركة بطرق غير مشروعة أثناء بيع قطع أراض تابعة لمشاريع الشركة، مؤكداً أن الإدارة بعد تداولها الدعوى وبحثها بدقة، أصدرت المحكمة المختصة حكمها بإدانة المدعى عليه الأول، ومالك الشركة التي ادعت حجزها لقطع أراضي الشركة المدعية، وألزمتهما بسداد المبالغ التي حصلا عليها دون وجه حق.

استغلال

وأفادت الشركة المدعية في دعواها بأن المدعى عليهم، وعددهم أكثر من المتهمين السابقين، استغلوا الصلاحيات الممنوحة لهم وقاموا ببيع قطع أراضي مميزة لعدد من العملاء بأسعار متدنية لا تتوافق مع القيمة السوقية، وأنها قامت بتكليف الإدارات المعنية لديها لإجراء تحقيقات موسعة وتبين وجود تواطؤ من قبل بعض موظفيها مع آخرين من خارج الشركة، حيث قام الموظفين المدعى عليهم بإيهام عدد من العملاء بأن قطع الأراضي المعروضة للبيع محجوزة للغير، وأنه يتعين عليهم سداد مبالغ لحسابات الأشخاص والشركات الحاجزة لتلك القطع كأرباح مقابل التنازل عنها، كما أفادت بقيام الموظفين المدعى عليهم بمنح بعض العملاء مزايا ومنافع بما يخالف سياسة الشركة، مما نتج عنه إلحاق أضرار بأموال ومصالح الشركة بمبلغ 150 مليون درهم.

وأوضح القيواني أن تلك الدعوى كانت نتيجة الإفراط في منح الصلاحيات لبعض الموظفين دون وجود رقابة عليهم، حيث إنها تتعلق بمديرين يعملون في شركة تطوير عقاري وأطراف ذات علاقة بهم من خارج الشركة، وبعد إحالة الدعوى للإدارة قامت بتكليف لجنة من خبرائها المتخصصين لدراستها وإبداء الرأي المهني بشأنها، مشيراً إلى أن الإدارة واجهت في بداية بحث موضوع تلك الدعوى بعض الصعوبات، تمثلت في ضرورة إجراء دراسات تفصيلية لكيفية تنفيذ عمليات بيع قطع الأراضي، وتتبع الحسابات البنكية الخاصة بالأطراف ذات العلاقة بالدعوى داخل وخارجها، والوقوف على مدى استفادة أي من المدعى عليهم، أو تربحه من عائدات عمليات بيع قطع الأراضي للعملاء، بالإضافة إلى التحقق من مدى استغلال أي منهم لوظيفته، ومدى وجود أضرار لحقت بالشركة جراء ذلك.

اجراءات

وأشار القيواني إلى أن الإدارة قامت بتحديد منهج البحث بدأ من تحليل موضوع الدعوى، والوقوف على الفترة التي حدثت فيها، وحصر التعاملات والتداولات التي تمت على قطع الأراضي العائدة للشركة المدعية، والإجراءات المتبعة لتنفيذ عمليات البيع، ومدى توافق ذلك مع سياسات البيع المعمول بها لدى المدعية، وتحديد دور كل من الموظفين المدعى عليهم في تنفيذ عمليات البيع.

كما عقدت إدارة الخبرة العديد من الاجتماعات مع أطراف الدعوى ووكلائهم ومناقشتهم في المستندات المقدمة، ودراسة ملفات الموظفين المدعى عليهم، وتحديد المهام والصلاحيات والمسؤوليات من خلال الوصف الوظيفي لكل منهم، مشيرا إلى انه تبين أن المدعى عليه الأول كان يعمل مديراً إدارياً بالشركة المدعية، وتم منحه صلاحيات واسعة تضمنت متابعة الأمور الإدارية، والتشغيلية، وخدمة العملاء، وتعاقدات الشركة مع الغير.

وتبين أن المدعى عليه الثاني كان مسؤولا عن الشؤون القانونية، ومن مهامه مراجعة العقود والاتفاقيات التي تبرمها الشركة المدعية مع الغير، والمدعى عليه الثالث كان مدير عمليات بالشركة المدعية، وتضمنت مهامه تقديم الدراسات المتعلقة بتحديد أسعار بيع قطع الأراضي، والتفاوض مع العملاء والمستثمرين.

نتائج

وأضاف القيواني: «من خلال دراسة موضوع الدعوى تبين أن الشركة المدعية بدأت في التحقيق في المخالفات المنسوبة للموظفين المدعى عليهم وآخرين من خارج الشركة، عندما تقدم أحد العملاء بشكوى إلى الشركة المدعية أفاد فيها إلى تعرضه للغش من قبل بعض موظفيها، نتج عنه قيامه بسداد مبالغ لصالح إحدى الشركات بدعوى أنها تملك حقوق حجز على عدد من قطع الأراضي، فقامت الشركة المدعية بإيقاف الموظفين المدعى عليهم عن العمل، والتقدم بالدعوى الحالية ضدهم حيث نسبت إليهم تعمدهم بالإضرار بمصالحها وأموالها والتربح من وظائفهم»

وأكد القيواني أن اللجنة المختصة المكلفة من إدارة الخبرة قامت بدراسة المستندات المتعلقة بهذا الشأن ومنها عمليات بيع الأراضي خلال فترة تواجد الموظفين المدعى عليهم، حيث تبين قيام لجنة مختصة لدى الشركة المدعية بإعادة تخطيط بعض المناطق، واستحداث قطع أراضي، وتحديد متوسط أسعار بيع تلك القطع وعرضها للبيع، وقد تقدم عدد من العملاء لشراء بعض القطع، فقام المدعى عليه الأول بصفته مديراً بالشركة المدعية وبما له من صلاحيات واسعة بإيهام بعض العملاء بوجود حجز مسبق لإحدى الشركات على تلك القطع، وأنه يتعين عليهم شراء تلك القطع من الشركة التي تملك أسبقية الحجز، وقام بتزويدهم باسم تلك الشركة ومالكها وحساباتها.

وعندها قام عدد من العملاء بسداد مبالغ لتلك الشركة على مدار 3 سنوات، وصلت ما يقارب 45.2 مليون درهم، وبعد دراسة الإدارة للمستندات المقدمة تبين عدم وجود أية حقوق أو حجوزات مسبقة على قطع الأراضي من قبل الشركة المذكورة، وأن المدعى عليه الأول لجأ إلى تلك الحجة بهدف التربح لنفسه وللغير، وتبين قيامه بمنح بعض العملاء مزايا متنوعة بهدف تحفيزهم على شراء الأراضي، وسداد عمولات بصورة غير مشروعة لتلك الشركة، موضحاً أن تلك المزايا تمثلت في: تعديل شروط السداد، والدفعات المقدمة، ومنحهم مساحات إضافية مجانية، وتبين للإدارة قيام المدعى عليه الأول بالتربح والاستفادة من المبالغ المسددة من العملاء إلى مالك الشركة التي ادعى قيامها بحجز قطع الأراضي موضوع الدعوى، حيث تم حصر المبالغ التي حصل عليها المدعى عليه الأول وبلغت ما يقارب 22.6 مليون درهم تم تحويلها إلى حساباته وحساب الشركات العائدة له داخل الدولة وخارجها، واتضح استفادة مالك الشركة بذات المبلغ، بما يعني أنهما تقاسما المبالغ التي حصلا عليها من العملاء دون وجه حق.

دراسة متعمقة

وقال القيواني: «وبعد مناقشة المدعى عليه الأول في ذلك، قدم اتفاقيات مبرمة بينه وبين مالك الشركة التي ادعى أنها حجزت قطع الأراضي، كمحاولة منه للتغطية على المبالغ التي حصل عليها، وللتدليل على أن تلك المبالغ حصل عليها مقابل أتعابه عن تقديم خدمات إدارية واستشارية لتلك الشركة، إلا أنه بعد دراسة الخبرة للاتفاقيات المقدمة من المدعى عليه الأول تبين أنها غير صحيحة، وأن الهدف من تقديمها إخفاء تربحه ومالك الشركة التي ادعت وجود حجز مسبق منها على قطع أراضي الشركة المدعية»

براءة

وفيما يتعلق بباقي الموظفين المدعى عليهم في القضية، تبين عدم وجود دور لهم في تنفيذ عمليات بيع قطع الأراضي، فضلا عن عدم تربحهم أو استفادتهم من ذلك.

تقرير

وأوضح القيواني انه بعد انتهاء الإدارة من أعمالها كافة، قدمت تقريرها إلى المحكمة متضمناً النتائج التي تم التوصل إليها، وبياناً تفصيلياً للمبالغ التي حصل عليها المدعى عليه الأول والأطراف ذات العلاقة، وبعد تداول الدعوى أصدرت المحكمة حكمها بإدانة المدعى عليه الأول، ومالك الشركة التي ادعت حجزها لقطع أراضي الشركة المدعية، وألزمتهما بسداد المبالغ التي حصلا عليها دون وجه حق.

توصيات

أوصى هاشم القيواني كافة الشركات بضرورة تحديد الوصف الوظيفي لكافة موظفيها، على أن يتضمن ذلك الوصف: المسؤوليات، والمهام، والواجبات المنوطة لكل موظف بصورة واضحة تساعد في إجراء تقييم لأدائه لاحقاً، والوقوف على نقاط القوة والضعف، مع ضرورة الحد من التداخل في الاختصاصات الوظيفية، وعدم الإفراط في منح الصلاحيات، فضلا عن تفعيل وتقوية النظام الرقابي لدى الشركات كافة، تجنباً للوقوع في مثل تلك النوعية من الدعاوى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.