دينكا أبيي والرقم الوطني.. معاناة البحث عن هوية

يقضي مئات المواطنين من قبيلة (دينكا نوك) يومهم ذهاباً وإياباً بين مكاتب المسؤولين للحصول على وثيقة إثبات الهوية التي تمثل سودانيتهم ظلوا في انتظارها منذ سنوات حتى يتمكنوا من إيجاد العمل أو السفر أو غيرها من الاحتياجات الأخرى، فالآن يعانون أشد المعاناة نتيجة التلاعب في إجراءات إفادات الرقم الوطني من جانب المسؤولين، الأمر الذي خلق أزمات ومشاكل كثيرة باتت تهدد استقرارهم النفسي والاجتماعي..

اتباع الخطوات

واتهم رئيس المجلس الأعلى لتنسيق شؤون دينكا نوك شول نوين في حديث لـ(الصيحة) المشرف على إجراءات الرقم الوطني بعملية تحريف إفادات

وأي معلومات يدلون بها الرقم الوطني وتمليكها لجنوبيين لا علاقة لهم بعشائر دينكا نوك بمنطقة أبيي وأضاف أن الإفادات المستخرجة من قبل المشرف المسؤول غير المعتمدة لدى الجهات المعنية يتم استخراجها بتواطؤ مع العمد لاستغلال المواطنين بمبالغ مالية لاكمال إجراءات الرقم الوطني، وقال إن المجلس منذ العام (2012-2013م ) لم تحدث أي صعوبات أو تعقيدات بشأن الرقم الوطني وعملية استخراج الرقم تتم عن طريق التحري مع المواطنين، وفي السنوات الأخيرة اتضح أن هناك تجاوزات وتعقيدات في عملية الاستخراج من قبل المشرف المسؤول، لافتاً إلى أن التجاوزات تتمثل في منح الجنوبيين من خارج أبناء عشائر دينكا نوك الرقم الوطني، ويعتبر الرقم حقاً لدينكا نوك، متهماً المشرف بتحريف الإفادات في الرقم الوطني بالتنسيق مع عمد العشائر بمنطقة دينكا نوك، مؤكداً أن هذه الإفادات غير معتمدة لدى السلطات الرسمية، مضيفاً أن العمد والمشرف أصبحوا يقومون بنهب المواطنين الجنوبيين وإغرائهم بإفادات غير رسمية ليست معتمدة لدى السلطات، وهم لاجئون من دولة الجنوب.

وأضاف أن هناك جنوبيين ليسوا من أبناء دينكا نوك تم منحهم الرقم الوطني، والآن هم بمنطقة أبيي، وقال ‘ن برتكول أبيي نص على أن منطقة أبيي لعشائر دينكا نوك الـ(9) وبسبب تجاوزات المشرف وتحريف الإفادات التي لا تعتمد وأصبحت الواسطة تلعب دوراً في عملية استخراج الرقم الوطني للجنوبيين، وطالب شول بضرورة إنشاء مراكز بالولايات لتسهيل عملية استخراج الرقم الوطني، وقال إن الولايات لا يوجد بها ضباط لإكمال الإجراءات، مبيناً أن هناك جنوبيين ليست لهم علاقة بالمنطقة ينتحلون صفة وكلاء يقومون باستخراج الرقم الوطني، مشيراً إلى أن السلطات لا تعتمد هذه الإفادات التي يقوم المشرف باستخراجها لمواطني دينكا نوك وصفها بالجرائم المقصودة.

وقال إن إفادة الرقم الوطني متاحة لجميع الجنوبيين وقمنا بإخطار إشرافية أبيي الجهة المسؤولة عن حسم هذه التجاوزات، ولكنها لم تعر الأمر اهتماماً.

فقدان الثقة

فيما قال الأستاذ الجامعي من منطقة أبيي (ميول ميون) في حديثة لـ (الصيحة) أمس إن التطورات الأخيرة التي تتعلق بشأن المواطن الجنوبي الشمالي، وولايات غرب وشمال كردفان وأعالي النيل وواو تشكل صعوبات وخطراً كبيراً بسبب عدم امتلاك المواطنين الرقم الوطني. وأضاف أن هذه الصعوبات جعلت الكثير من المواطنين يتساءلون عن مصيرهم في ظل التلاعب والصعوبات، مبيناً أن المواطنين في أبيي فقدوا الثقة بينهم وبين المسؤولين في إجراءات استخراج الرقم الوطني، وأكد أن منطقة أبيي تعاني من التهميش حيث يمارس المسؤولون عن إجراءات الرقم الوطني استغلال المواطنين للمصالح الشخصية في الاستفادة من الوضع الراهن.

وقال ماتيو ودوو أن منطقة أبيي في العام (2011) شهدت صداماً بين الخرطوم وجوبا بعد أن قامت قوات من الجيش الشعبي بقصف المنطقة وأحرقت عدداً كبيرًا من المراكز المختصة باستخراج الرقم الوطني بداخلها سجلات المواطنين.

حرق المنطقة

الصعوبات التي يواجهها مواطنو أبيي تتمثل في المشرف المسؤول عن عملية استخراج الرقم الوطني والسلاطين حسبما أكد مدير مكتب الإعلام بالمجلس الأعلى لتنسيق شؤون دينكا نوك بمنطقة أبيي فدانق كول في حديثه لـ(الصيحة ) أمس أن أحداث العام 2008م تم فيها حرق مستندات المواطنين بمنطقة أبيي، وأضاف أن المنطقة ليست بها مراكز لاستخرج الرقم الوطني لعدم استقرار الأوضاع، مؤكداً أن المركز الذي يقوم بإجراءات استخراج الرقم الوطني مقره بالخرطوم، كاشفاً عن أن إجراءات الاستخراج تستغرق أكثر من شهرين، وأرجع (كول) تأخيرها إلى عدم وجود مركز بالمنطقة، وقال إن اللجان المنسقة بالمنطقة تقوم بتوظيف استمارات المواطنة لمصالحهم الشخصية، وأوضح أن المنطقة منذ العام 2011م لم تتواجد بها قوات حكومية، وقال إن مواطن أبيي يتكبد المشاق إلى الخرطوم لاستخراج الرقم الوطني مشيراً إلى أن المواطن عندما يأتي للخرطوم بغرض إكمال إجراءات الاستخراج يتم حجزه ووضعه بالمعسكرات بحجة عدم امتلاكه أوراقاً ثبوتية، وقال إن هذه الممارسات خلقت عدم ثقة بين المواطن والمركز. وأشار إلى أن عملية دخول المواطن إلى أبيي تتم بالتهريب بسبب الرقم الوطني بجانب عمليات تهريب المواطنين من ولايات دارفور إلى منطقة أبيي، مؤكداً أن الإفادات التي تستخرج لجميع الجنوبيين وليس لمواطني دينكا نوك التي نصت اتفاقية ابيي على منح دينكا نوك فقط الرقم الوطني، والمشرف يمنح اللاجئين الجنوبيين من دولة جنوب السودان الرقم الوطني.

تفتقد الكنترول

ويعد التشابك الاجتماعي لمواطني منطقة أبيي إحدى المشكلات الأساسية في الواقع إذ يتكون من (9) عشائر رغم أن الجهات القائمة بأمر المواطن استغلت غياب الحكومة والرقابة لتنفيذ الأجنده الشخصية على حساب المواطن الجنوبي الذي يعاني من الصراعات العرقية والدموية التي اندلعت في جوبا بين القيادات السياسية حسبما ذكره مسؤول الشباب بأبيي عبد السلام ملوك في حديثة للصيحة أمس أن بعض الجهات تستغل مواطن منطقة أبيي في الصراعات السياسية والأجندة الشخصية لتنفيذ مخططاتها، مضيفاً أن هذا الوضع أفقد السلاطنين والمسؤولين الثقة، وقال إن حكومة جوبا تقوم بتجنيد أبناء دينكا نوك في الجيش الشعبي وتطالبهم بالمشاركة في الحرب مع قبيلة النوير، مؤكداً أن الصراعات أدت إلى حرق كميات كبيرة من مستندات المواطنين، مبيناً أن الصعوبات التي تواجه المواطنين بالمنطقة متمثلة في تلكؤ المشرف المسؤول عن الرقم الموطني وعدم وجود مراكز لاستخراج الرقم الوطني بالمنطقة، وأضاف أن ولايات دارفور يتم عبرها تهريب المواطنين إلى منطقة أبيي بسبب امتلاكهم الأوراق الثبوتية تعطيهم الحق في المواطنة، وقال إن مجتمع دينكا نوك يضم عدداً كبيراً من العشائر مؤكدًا أن الشهادات التي تستخرج من السلاطين لا تعتمد لدى السلطات المختصة، مضيفاً أن عملية استخراج البطاقات والرقم الوطني بها صعوبات كبيرة للمواطنين، وتفتقد الكنترول المسؤول عن عمليات استخراج المستندات بالمنطقة، مضيفاً أن المجلس يمارس عملية المنافع والمصالح الشخصية، والمكسب المالي فقط، ولا يقوم بعملية تسهيل الإجراءات، مضيفاً أن هناك أسراً فقيرة وشرائح لا تقدر على التنقل من أبيي إلى المناطق الأخرى.

فقدان الثقة

ولعل ما ذهب إليه مسؤول مجتمع دينكا نوك ميار دينق لـ(الصيحة) أمس أن الصعوبات في استخراج الرقم الوطني كبيرة بسبب غياب الرقابة والأجهزة الأمنية واستغلال المشرف المسؤول عن استخراج الإفادات للمواطنين بجانب توظيف الإفادة المتعلقة بإجراءات استخراج الرقم للمصلحة الشخصية، مضيفاً أن المصلحة الشخصية تطغى على المصلحة العامة للمواطنين في استخراج الإفادات والأوراق الثبوتية من قبل المسؤول بأبيي، وقال إن المواطن فقد الثقة في عملية استخراج الأوراق الثبوتية والرقم بسبب عدم مصداقية المسؤولين. وقال: إذا ذهب المواطن بالرقم الوطني المستخرج الى الشرطة لإكمال إجراءاته تُطلب منه البيانات الرسمية في حالة عدم وجودها يتم حجز المواطن بسبب عدم صحة المستندات بجانب انعدام الثقة بين السلاطين ودينكا نوك والشرطة في عملية استخراج الأوراق الثبوتية للمواطن بأبيي، وأشار إلى أن المنطقة تفتقد المراكز التي تسهل استخراج استخراج الرقم الوطني.

وقال المواطن ديفيد ماكوج إن المسؤولين عن استخراج الرقم الوطني بمنطقة أبيي يعملون على الاستثمار في الإفادة التي يتم بموجبها إكمال إجراءات الرقم، وأضاف أن المواطن الذي استخرج رقماً وطنياً من مناطق راجا وواو لا تعتمد شهادته في أبيي ويتم تصنيفه بأنه ليس من مواطني المنطقة بجانب الشهادات التي تم حرقها في أحداث العام 2008م يتم استخراجها مجدداً للمواطنين من مركز الخرطوم فقط .

وقال المواطن باكو توماس إن المنسق العام المختص باستخراج الرقم الوطني جعل المواطن يشك في مصداقيته لعدم الاعتراف بشهادة الرقم الوطني عند القيام بإجراءات ضرورية للمواطن من خارج منطقة أبيي، وأضاف أن المسؤولين عن المستندات التي يتم استخراجها غير معترف بها بسبب التلاعب، وقال إن السلاطين في المنطقة يقومون بالتعرف على المواطنين القادمين من المناطق الأخرى، مضيفاً أن الحرب هي التي أفقدت المواطن هويته وفقد الثقة في اللجان المختصة.

محاسبة المشرف العام

ويرى عدد من المواطنين أن الصعوبات التي تواجه المواطنين في منطقة أبيي تتمثل في تلاعب المشرف المسؤول عن استخراج الإفادات المتعلقة بالرقم الوطني وقالت المواطنة بمنطقة بأبيي آمنة مليك كون إن التلاعب في الإفادات التي يتم بموجبها استخراج الرقم الوطني أفرزت هذه الصعوبات، وأضافت أن هناك نموذجاً لامرأة من قبيلة جنوبية استخرجت رقماً وطنياً وسافرت إلى القاهرة ثم كتبت على مواقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) أن المشرف العام يتلاعب بالإفادات التي يتم بموجبها استخراج الرقم الوطني ويستغلها لمصلحته الشخصية يجب على السلطات أن تستمع لصوت المواطن الذي يعاني من الظلم المرير في حقوقه التي كفلها له الدستور وأن هذا المشرف ليس أهلاً لهذه المسؤولية التي يتوجب أن يتحملها من يؤمن بالوطنية الخالصة ليخدم مواطنيه، ونطالب السلطات المختصة بتغيير المسؤول عن استخراج شهادة الإفادة فوراً ومحاسبته لأنه تلاعب في حق مواطني دينكا نوك.

وقال المواطن من منطقة أبيي ماتيوأنيق إن المواطنين تتم معرفتهم عن طريق السلاطين بالمنطقة، وأضاف أن هناك استغلالاً للمواطنين من قبل المسؤولين عن استخراج الإفادة للرقم الوطني، وأشار إلى أن هناك أسراً فقيرة لا تقدر على دفع ثمن إجراءات استخراج الرقم الوطني يطلب منهم الذهاب للمركز بالخرطوم لإكمال الإجراءات التي يتم بموجبها استخراج الرقم، مضيفاً أن المواطنين لا يدركون إجراءات استخراج الرقم، لذلك يتم التلاعب بهم من قبل المسؤولين عن الاستخراج، وقال إن هذه الأسباب جعلت الكثير من المواطنين يعانون من التنقل للمناطق الأخرى، موضحاً أن المواطنين لا يقدرون على مواصلة أعمالهم بالولايات الحدودية لمنطقة أبيي.

تهريب المواطنين

وقال المواطن من منطقة أبيي ميار دوو جك إن مواطني منطقة أبيي يتم تهريبهم من غرب وشمال كردفان بسبب عدم امتلاكهم الأوراق الثبوتية التي تثبت تبعيتهم لمنطقة أبيي، وأضاف أن المهربين يطالبون بمبالغ مالية كبيرة لتهريبهم لأبيي، وأشار إلى أن الصعوبات التي تواجههم عدم حصولهم على الرقم الوطني لسوء أوضاعهم المالية وتتم مطالبتهم بالذهاب إلى المركز بالخرطوم لإكمال إجراءات الرقم الوطني وأوضح أن المنطقة تعاني من التهميش من قبل المجلس الأعلى المختص بمجتمع دينكا نوك.

وقال مسؤول بأبيي بولاية غرب كردفان كبوني جاك إن المواطنين الجنوبيين بالولاية يفقدون المستندات التي تثبت هويتهم والرقم الموطني يمثل أحد هذه المشكلات عند المعابر الحدودية لمنطقة أبيي، وأضاف أن عمليات تهريب المواطنين من الولاية تعود إلى عدم توفير الإجراءات الرسمية للمواطنين بالولايات بجانب وجود مركز واحد بولاية الخرطوم الذي يقوم باستخراج الرقم وإكمال الإجراءات.
الصيحة

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.