محكمة الطفل بنيالا تصدر حكماً بالإعدام في حق مغتصب الطفلة “ضحى”

تدافع المواطنون باكراً صبيحة أمس (الإثنين) إلى مقر محكمة جنايات نيالا التي تستضيف مجريات الحكم في قضية اغتصاب وقتل الطفلة “ضحى عماد الدين” التي وقعت في السابع عشر من مايو الجاري بحي الوحدة الحارة الأولى بنيالا.
وفي تمام الساعة الحادية عشرة وثمانية عشر دقيقة ارتفع صوت رجل شرطة المحاكم: (محكمة) معلناً بداية الجلسة الثانية التي تم تحديدها للنطق بالحكم بعد أن اكتملت كل أركان المحاكمة في الجلسة الأولى التي انعقدت يوم (الأربعاء) الماضي والتي سجل فيها المتهم في القضية “مصطفى إسماعيل” الذي كان يعمل في بقالة داخل الحي- اعترافاً قضائياً بارتكابه الجريمتين (الاغتصاب والقتل) والتي تم فيها توجيه التهمتين إليه بموجب المادتين (45/ب) من قانون الطفل للعام (2010)م و(130) من القانون الجنائي السوداني.
* بداية الجلسة
بدأ قاضي محكمة الطفل مولانا الدكتور “إسماعيل إدريس إسماعيل” الجلسة- التي استمرت (50) دقيقة- بعرض مطول لحيثيات الجريمة والإجراءات القانونية التي اتبعتها المحكمة وممثلو الاتهام والدفاع، بجانب عرضه لكل المواد القانونية التي يحتمل أن يجد فيها المتهم فرصة لتخفيف العقوبة عليه، كما استعرض بالمقابل المواد التي تدينه وتوقع عليه أقصى العقوبات، وأخيراً جاء الحكم الذي قابله الجمهور داخل القاعة بالتهليل والتكبير إعداماً شنقاً حتى الموت قصاصاً بموجب المادة (130) من القانون الجنائي السوداني والإعدام تعزيراً بموجب المادة (45/ب) من قانون الطفل للعام (2010)م، وقال قاضي محكمة الطفل أثناء تلاوته قرار المحكمة إن ظاهرة اغتصاب الأطفال باتت مهددة للمجتمع لذلك لابد من إيقاع أقصى العقوبة على المدان وهي الإعدام.
* والدا الضحية يطالبان بالقصاص
على الرغم من يقين الجماهير داخل القاعة وخارجها بأن الحكم سيكون إعداماً بالاستناد إلى الاعترافات القضائية التي سجلها المتهم، إلا أن بعضهم انتابه إحساس من القلق عندما استدعى القاضي ذوي الضحية “ضحى” لاستشارتهم وتخييرهم بين خياري العفو والصفح عن المدان في جريمة اغتصاب وقتل ابنتهما أو إيقاع حكم الإعدام عليه قصاصاً وتعزيراً فجاء أولاً رد والد الطفلة “عماد الدين محمد محمدين” ( القصاص ولا شيء غير القصاص) بعده اكتفت الأم “منال محمد عبد الله” بكلمتين (أنا عايزة القصاص)، فكان ردهما بمثابة كلمات خرجت من حناجر كل الذين ظلوا لساعات في القاعة التي ارتفعت درجات الحرارة بها بسبب انقطاع التيار الكهربائي عنها بالإضافة لارتفاع سقف مطالب المواطنين بحكم الإعدام ولا حكم غيره.
* مدعي جرائم دارفور يكشف المثير.
سارع مساعد المدعي العام لجرائم دارفور مولانا “عادل محمد موسى” إلى عقد مؤتمر صحفي مصغر أكد فيه أن مكتب مدعي جرائم دارفور سيقف بشدة تجاه تطبيق القانون لحماية الأطفال من ظاهرة الاغتصاب التي تفشت بالبلاد، كاشفاً عن وقوع (35) جريمة اغتصاب أطفال في شهري أبريل المنصرم ومايو الحالي بجنوب دارفور بواقع (16) حالة في أبريل تم البت في (6) بلاغات منها والبقية في قيد التحري، بينما شهد شهر مايو الحالي ارتكاب (19) جريمة اغتصاب للأطفال من بينها هذه القضية، وذكر أن البت في هذه القضية لم يأخذ وقتاً طويلاً بفضل تفاعل كل الأطراف المعنية بالقضية المتمثلين في (وكلاء النيابة، والمستشارين، وممثلي الاتهام والدفاع، والشهود) وأشار إلى أنه على الرغم من أن المحكمة كانت سريعة في جلستين إلا أنها اتخذت كل المعايير الدولية لتحقيق العدالة.
* مطالب مجتمعية بتنفيذ عقوبة القصاص.
ظل مجتمع مدينة نيالا منذ وقوع حادثة اغتصاب وقتل الطفلة “ضحى” يطالب بتنفيذ حكم الإعدام على الجاني في ميدان عام حتى يكون عظة وعبرة لغيره خاصة وأن حالات اغتصاب الأطفال المبلغ عنها بالولاية قد ارتفعت في الشهرين الماضيين، وصارت جريمة اغتصاب الأطفال واحدة من أكبر مهددات المجتمع، وشهدت قاعة المحكمة وباحتها الخارجية ازحام المئات من جماهير مدينة نيالا الذين رفعوا لافتات تطالب بإعدام مغتصب الطفلة “ضحى” علناً في ميدان عام، بجانب الدعوة لتضامن المجتمع لحماية الأطفال من الاعتداء وعقب صدور الحكم تحركت أسرة الطفلة “ضحى” برفقة عشرات من المواطنين بعد صدور الحكم إلى مقر أمانة حكومة الولاية وطالبت والي الولاية “آدم الفكي” بأن يكون تنفيذ حكم الإعدام في حق مغتصب ابنتهم في ميدان عام داخل مدينة نيالا، فيما قال الوالي في رده عليهم إن القضية طالما صدر فيها حكم قضائي فما تبقى عبارة عن إجراءات أكد أنها ستكتمل لكنه لم يقطع بأن يتم التنفيذ علناً داخل نيالا، في الوقت ذاته تعهد مساعد المدعي العام لجرائم دارفور بأن مكتب مدعي جرائم دارفور ملتزم بالقانون لتنفيذ عقوبة الإعدام في حق المدان علناً، إلا أنه عاد وقال إن الإعدام سيتم لكنه ليس بالطريقة التي تطالب بها الجماهير. وأضاف (سيكون الإعدام خارج نيالا بسبب عدم وجود مشنقة في المدينة) مشيراً إلى أنه سيتم استدعاء ذوي الطفلة الضحية وأحد القضاة، وطبيب ليشهدوا تنفيذ حكم الإعدام.
* المعمل الجنائي وبشاعة الجريمة ساعدا في سرعة الحكم.
ممثل الدفاع عن الحق الخاص لأسرة الضحية المحامي “عبد الرحمن حسن سعيد” قال إن ما توصلت إليه المحكمة من قرار بإعدام الجاني نتيجة حتمية من واقع البينات التي توفرت في هذه القضية، مشيراً إلى أن وجود المعمل الجنائي الذي تم افتتاحه في مطلع هذا العام بمدينة نيالا ساعد كثيراً في سرعة الإجراءات والبت في القضية في وقت وجيز، وأشار إلى أنه في الفترات السابقة كانت ترسل العينات إلى المعمل الجنائي في الخرطوم ومن ثم تعود النتيجة لنيالا بعد أن تأخذ وقتاً طويلاً يتأخر بسببه البت في القضايا، ولفت إلى أن هذه القضية ببشاعتها هزت الضمير الإنساني بالسودان لذلك كل الحضور والشاهدين من جيران أسرة الضحية سارعوا إلى الشرطة وأدلوا بأقوالهم دون تكليف، وأضاف ( بشاعة الجريمة أصبحت دافعاً لكل الأطراف والشهود لحضورهم في الوقت المناسب والإدلاء بشهادتهم في القضية).
* دعوات للتوعية بقوانين حماية الطفل.
برز جلياً بعد وقوع جريمة اغتصاب الطفلة “ضحى” أن هناك جهلاً وعدم توعية بقانون الطفل للعام (2010) الذي يقضي بحكم الإعدام على مغتصبي الأطفال، وقال مساعد مدعي جرائم دارفور إن الإحصائيات تشير إلى أن المواطنين لا يبلغون السلطات المختصة عن جرائم الاغتصاب التي تقع على أطفالهم لأسباب اجتماعية، بيد أنه أشار إلى أنه بعد زيادة حالات الاغتصاب بدأ المجتمع يدرك خطورة الأمر واقتنع بأنه لابد من التبليغ من أجل إيقاف هذه الظاهرة عبر المحاكمات العادلة بدلاً عن التسويات الأهلية، في الأثناء طالب ناشطون مجتمعيون بضرورة تنظيم حملة إعلامية واسعة لتوعية المجتمع بقانون الطفل للعام (2010)م وتوعية الأسر بالمخاطر المحدقة بالأطفال جراء هذه الظاهرة الدخيلة على المجتمع السوداني.

المجهر السياسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.