شبيغل: هل فتح المصريون صفحةً جديدةً مع مبارك وعائلته؟.. وما هو المقدار الحقيقي لثروته

أبدت صحيفة شبيغل الألمانية دهشتها لوضع الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك الذي يتمتع مع أسرته بالأموال التي حصلوا عليها من الفساد، متسائلة عن حجم ثروة مبارك وعائلته، ومعتبرة أن المصريين يبدو أنهم فتحوا صفحة جديدة يعمها السلام مع مبارك وعائلته.

تقول الصحيفة في تقريرها بعد ثلاثة عقود من الحكم، ثار الشعب المصري سنة 2011 ضد الديكتاتور، محمد حسني مبارك. في أعقاب ذلك، تمت محاكمة الرئيس المصري الأسبق بتهمة الاستيلاء على أموال الدولة. وهنا، لسائل أن يسأل ماذا يفعل مبارك في الوقت الراهن؟.

وعادت الصحيفة لبداية حكم الرئيس المصري الأسبق، مبارك، حينما قال خلال أول حوار له مع صحيفة دير شبيغل الألمانية سنة 1982، أن “ست سنوات كافية بالنسبة لأي رئيس حتى يجري الإصلاحات الضرورية في بلاده، إثر ذلك ينبغي عليه التنحي عن السلطة”.

وأضاف مبارك خلال هذا الحوار الذي أجراه بعد ثلاثة أشهر من توليه مقاليد الحكم في مصر، مخاطباً الصحافي، “في حال أردت تأليف كتاب حول الثورة المصرية، فبإمكانك الاتصال بي”.

ولفتت شبيغل إلى أن مبارك كان يقصد بالثورة، الانقلاب العسكري الذي قام به الرئيس المصري، جمال عبد الناصر، سنة 1952 حتى يتولى السلطة ويجعل من مصر ديكتاتورية عسكرية. ومنذ ذلك الوقت، أصبحت مصر تحت حكم العسكر. فبعد عبد الناصر، تولى أنور السادات مقاليد الحكم، وإثر مقتله، تولى حسني مبارك السلطة، مع العلم أن مبارك كان يشغل منصب طيار عسكري، ليتربع على كرسي العرش في مصر لمدة 30 سنة تقريباً.

وفي شهر كانون الثاني/يناير سنة 2011، تظاهر المصريون في ميدان التحرير رافعين شعارات من قبيل “عيش، حرية، عدالة”.

وفي خضم هذه المظاهرات، قام المحتجون بحرق مقر الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم. وقد انتهت هذه الاحتجاجات الشعبية بتنحي مبارك عن السلطة ومعه أفراد عائلته المكونة من زوجته سوزان ونجليه جمال وعلاء.

واعتبرت الصحيفة أن القصر الرئاسي تحول خلال أواخر عهد مبارك إلى مزرعة عائلية. وتساءلت ما مقدار الثروة التي جمعها مبارك وعائلته؟.

ليس مثل القذافي

لفتت الصحيفة الألمانية إلى أنه في الوقت الراهن، لا يزال مبارك على قيد الحياة، خلافاً للرئيس الليبي الراحل، معمر القذافي الذي قتل على أيدي شعبه.

كما أن مصير مبارك مغاير لما حدث مع الرئيس التونسي الأسبق، زين العابدين بن علي، الذي غادر بلاده متوجهاً نحو السعودية حاملاً معه ثروة طائلة.

في الواقع، مَثل الرئيس المصري الأسبق أمام المحكمة وصدر في حقه حكم بالسجن، وقد قضى معظم عقوبته في المستشفى العسكري.

كما واجه الرئيس المصري الأسبق حكماً لمدة 36 شهراً في السجن لتورطه في قضايا الفساد، على خلفية اختلاسه الملايين من خزينة الدولة بغرض تجديد منازله الفخمة، مثلما هو الأمر بالنسبة لنجليه.

علاوة على ذلك، صدر في حق مبارك حكم بالسجن مدى الحياة سنة 2012 بتهمة المشاركة في قتل مئات المتظاهرين. في المقابل، تمت تبرئة مبارك في شهر آذار/مارس 2017. وبالتالي، أصبح مبارك حراً، كما توقع محاميه خلال حواره مع صحيفة دير شبيغل الألمانية سنة 2013 ليعود إلى الفيلا الفخمة التي يملكها في مصر الجديدة.

وفي الأثناء، سارع أنصار مبارك بنشر العديد من الصور، التي توثق مشاهد للرئيس المصري الأسبق وهو بصدد قبول التهاني في مقر إقامته بمناسبة عيد ميلاده 89 في 4 مايو/أيار، على موقع فيسبوك.

من شرم الشيخ إلى لندن

وذكرت الصحيفة خلال فترة حكمه، قام مبارك وعائلته بشراء العديد من العقارات في مختلف أنحاء العالم، من بينها فيلا فخمة بمنطقة نايتسبريدج الراقية في لندن ومسكن فخم بمنتجع شرم الشيخ الواقع في ساحل البحر الأحمر بشبه جزيرة سيناء، فضلاً عن العديد من العقارات الأخرى في كل من بيفرلي هيلز وميامي وباريس ودبي.
في حقيقة الأمر، تعزى عودة حسني مبارك إلى الفيلا الواقعة في مصر الجديدة التي كان يقطن فيها خلال عمله نائباً للسادات سنة 1979، إلى جهود زوجته سوزان مبارك التي تمكنت من إعادة هذا المسكن الفاخر إلى حوزة عائلتها، حسب الصحيفة.

دكتوراه فخرية لسوزان مبارك من جامعات ألمانية

تنحدر سوزان مبارك من أم ويلزية وطبيب مصري. وقد انخرطت خلال فترة حكم زوجها في العديد من المشاريع الاجتماعية، حيث ناضلت في سبيل محو الأمية وضمان المزيد من الحقوق لصالح المرأة المصرية. وقد تحصلت زوجة الرئيس المصري الأسبق على الماجستير في علم الاجتماع كما نالت عدة جوائز من قبل الجامعات الألمانية، حسب شبيغل.

ومن بين هذه الجامعات، جامعة “أف أو برلين” التي غضت الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر ومنحت سوزان مبارك الميدالية الذهبية الشرفية سنة 2003.
كما قدمت جامعة شتوتغارت لزوجة الرئيس المصري الأسبق شهادة “المواطنة الفخرية” في نوفمبر/تشرين الثاني سنة 2004، وذلك في إطار حفل موسيقي نظمته الجامعة بقاعة “كونيغ كارل هاله” بدار الاقتصاد في شتوتغارت.

وحسب الصحيفة فإنه إبان الثورة، صرح المسؤولون في كلتا الجامعتين أنه لا موجب لسحب الجائزتين من زوجة الديكتاتور المصري الأسبق نظراً لأنه لم تصدر في حقها أي أحكام قضائية.

كما صرح مسؤولون بجامعة “أف أو برلين” أن “الجامعة كانت محقة عندما منحت شهادة “المواطنة الفخرية” لسوزان مبارك”.

وتطرقت الصحيفة إلى الوضع الراهن، قائلة إن الشعب المصري يعيش تحت وطأة الممارسات القمعية التي ينتهجها النظام المصري بشكل يومي.

وخلال الأربع سنوات الأخيرة، اعتقلت الحكومة المصرية قرابة 60 ألف مصري، وجهت لهم تهماً سياسية، من بينهم أنصار وأعضاء تابعون لحركة الإخوان المسلمين، فضلاً عن نقابيين ونشطاء حقوقيين وصحفيين.

ولفتت إلى أن أجهزة مكافحة الفساد كانت قد اعتقلت سوزان مبارك ليتم إطلاق سراحها بعد أربعة أيام بدعوى أنها حولت ثروتها التي تقدر بحوالي 2.8 مليون يورو لصالح الدولة المصرية، مشيرة إلى أن هذا الرقم يعتبر ضخماً بالنسبة لسيدة كرست حياتها من أجل الأعمال الخيرية.

وأشارت إلى أن سوزان مبارك تمكنت من استرجاع الفيلا الواقعة في مصر الجديدة التي ضمها الرئيس المصري الأسبق لأملاكه في السابق بصفة غير مشروعة. وتجدر الإشارة إلى أن مبارك يعيش في الوقت الحالي في هذه الفيلا برفقة بقية أفراد عائلته تحت الإقامة الجبرية.

ثروة مبارك وعائلته

تواترت الإشاعات بشأن حجم ثروة مبارك، التي بلغت وفقاً لآخر التقديرات حوالي 70 مليار دولار، علماً وأن البنوك السويسرية قامت في شهر مايو/أيار سنة 2011، بتجميد حوالي 326 مليون يورو من أمواله المودعة لديها، حسب الصحيفة الألمانية.

وكانت مصادر قضائية مصرية قد كشفت الإثنين 20 مارس/آذار 2017 أن أجهزة الدولة تسلمت تقارير حول ثروة الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في الداخل، قدرت بـ3 مليارات و600 مليون جنيه، وفقاً لما ورد في تقرير لموقع روسيا الْيَوْمَ العربي.

وأشارت المصادر، إلى أن لجان فحص الثروة واجهت العديد من العقبات أثناء حصر أموال مبارك في الداخل نتيجة قيامه باتباع نظام اقتصادي مركب في تسجيل ممتلكاته بحيث يصعب على المحاسبين الماليين الوصول إليها.

وأكدت أن مبارك وأفراد حكومته يمتلكون في الخارج ما يقرب من المليار ونصف المليار دولار، من بينها نحو 650 مليون دولار لمبارك ونجليه بما يعادل 9 مليارات و750 مليون جنيه، وهي عبارة عن أصول وعقارات في لندن وقبرص وأميركا بجانب 410 ملايين دولار في سويسرا.

علاء وجمال

وأشارت صحيفة شبيغيل إلى أنه خلال فترة حكم مبارك، برز في الواجهة نجلاه جمال وعلاء اللذان تم إيداعهما سجن طرة جنوب القاهرة بتهمة استغلال النفوذ.

وقالت إنه من المثير للاهتمام أن الرئيس المصري الأسبق وزوجته كانا يمهدان الطريق لصالح ابنهما الأصغر جمال الذي درس إدارة الأعمال حتى يرث العرش في مصر بعد والده.

وأضافت أنه عرف عن جمال مبارك افتقاره للكاريزما، في حين أشار العديد من المراقبين على الصعيد الدولي إلى أنه يشبه إلى حد ما بشار الأسد الذي ورث الحكم بعد وفاة والده حافظ الأسد.

في المقابل، بقي علاء مبارك خلف كواليس السلطة وذلك حتى يكرس وقته من أجل تكديس الأموال لفائدة عائلته. وقد ظهر اسمه في وثائق بنما التي كشفت أن علاء مبارك يعد المالك الرئيسي لشركة “بان وورلد إينفاستمنتز” التي تأسست خلال التسعينيات، حسب الصحيفة الألمانية.

وقالت الصحيفة إنه نتيجة لقضايا الفساد التي تورط فيها مبارك ونجلاه، ثار الشعب المصري ضد العائلة الحاكمة. لكن يبدو أن المصريين فتحوا صفحة جديدة يعمها السلام مع مبارك وعائلته. فقد راجت، مؤخراً، على شبكة الإنترنت صور لنجلي مبارك.

فقد التقط جمال مبارك العديد من الصور وهو بصدد التجول بين أهرامات الجيزة، في حين انتشرت صور أخرى لعلاء مبارك أثناء تناوله لوجبة خفيفة بحي السيدة زينب بالقاهرة. كما ظهرت صورة للأخوين وهما بصدد مشاهدة مباراة ودية بين مصر وتونس، فضلاً عن صور أخرى لنجلي مبارك برفقة أنصارهما وهما في قمة السعادة.

هاف بوست

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.