نجح سودانيون في تطويع وسائل التواصل الاجتماعي في حياتهم بأشكال مختلفة، أصبحت معها تلك الوسائل تقدم خدمات مجتمعية كبيرة وتسهم في لم الشمل لأشخاص فقدوا التواصل معا لسنوات عدة تخطت الربع قرن “ليبدأوا المشوار من جديد” من نقطة الصفر.
“بسأل من زول”، صفحة على “فيسبوك”، استطاعت خلال 18 يوماً فقط من إطلاقها، استقطاب ما يزيد عن الأربعة وعشرين ألف عضو، حيث تعمل الصفحة على البحث عن أصدقاء الطفولة أو الدراسة أو الأقارب ممن تفرقت بهم السبل وتشتتوا في البقاع المختلفة للظروف الحياتية ففقدوا معها وسائل التواصل معا دون إرادتهم.
ضجت الصفحة بعشرات البوستات التي تنشر يومياً “لتسأل عن قريب أو صديق أو زميل دراسة” لتجد تفاعل قوى من أعضائها، تتوج بنهايتها بأن يكتمل اللقاء بين صاحب البوست والشخص الذي يبحث عنه في ملحمة اجتماعية يستنفر فيها الجميع “للم الشمل”.
أقل من 24 ساعة وصل عباس عبدالرحمن إلى صديقه “بعد أن تفارقا في المرحلة المتوسطة قبل 26 عاماً” حيث نجح عبر بوست حمل معلومات تفصيلية عن صديقه وأسرة ظلت عالقة في ذاكرتة كل تلك السنين “في أن يصل أحد الأعضاء آلية، ويجمعهما معاً، بتوفير وسائل الاتصال بينهما، ليؤكد عبدالرحمن في سعادة ومن خلال ذات البوست بلقائة بصديق دراسته الذي لم يفقد الأمل في ان يلتقية رغم تطاول السنين، حيث أجبرتهم ظروف الحياة والانتقال من منطقة إلى أخرى في العام 1991م على البعاد.
ويقول أحد مؤسسي الصفحة على “فيسبوك” الفاضل محمد عوض العليم لـ”العربي الجديد” إنّ عدد الحالات التي نشرت على الصفحة خلال الـ18 يوماً الفائتة للبحث عن أشخاص فقدوا التواصل معهم لأزمان متعددة 72 حالة بمتوسط أربع حالات يومياً، وتوقع أن يزيد التفاعل أكبر خلال الأيام المقبلة لا سيما وأن الصفحة أطلقت في رمضان حيث تقل فيه الوتيرة عادة.
وأكد عوض العليم أنّ فكرة الصفحة انطلقت من منشور (بوست) رفعه في إحدى مجموعات “فيسبوك” كان يبحث عن صديق له، وارتفع حجم التفاعل في التعليقات، ما قاد أحد الأصدقاء إلى اقتراح إنشاء صفحة متخصصة فقط في “لم الشمل” ومن هنا جاءت صفحة “بسأل من زول”، التي “أنشأناها بعدد بسيط، ثم قمنا بفتح الصفحة ليتزايد عدد الأعضاء ويتخطوا الأربعة وعشرين ألف عضو” كما أن العضوية في حالة تزايد بشكل يومي.
وأكد أنهم وضعوا حزمة من الضوابط لإدارة الصفحة والحد من أي مخاطر “فهناك تحذيرات بأن يرسل رقم الشخص المفقود للسائل في الخاص” مع التشديد على إبلاغ ذاك الشخص أنّ أحدهم يسأل عنه واستئذانه فيما يلي وسيلة الاتصال به، فضلاً عن إنذار وحذف كل من يخرج عن الهدف المنشود للصفحة. وأشار لعدد من حالات النجاح التي حققتها الصفحة في لم الشمل الأمر الذي أكسبها صيتاً وقاد كثيرين للانضمام والتفاعل معها.
جمعت صفحة “بسأل عن زول” جميع الطيف السوداني، وشكلت تفاعلاً كبيراً، واهتماماً من قبل الأعضاء في الوصول للشخص الذي يسأل عنه. حيث ينشر اسم الشخص المعني بمعلومات مفصلة عن مسكنه القديم والمنطقة التي ينحدر منها بجانب معلومات بشأن الجامعة التي درس بها وعن أسرته وهكذا “ليسهل عن الجميع مهمة البحث” ففي هذه الـ”جروب” لا يوجد مستحيل، ويتوافر فيه فن الممكن. فإن لم تكن تعرف الشخص المعني فدورك لا ينتهي قطعاً، فأنت ستصل إلى معارفك بالاستناد لأي من المعلومات التي نشرها السائل.
وتقول درة، عضوة المجموعة، إنها تحمست لها جدًا بسبب التجاوب العالي مع الحالات المرفوعة، وهو ما قادها لرفع منشور تسأل فيه عن صديقة فقدت الاتصال بها، وأوضحت أنها التمست نتائج في المجموعة، فهناك شخصيات فقدوا الاتصال ببعضهم لأكثر من عشرين عاماً وساعدهم الأعضاء في اللقاء من جديد.
العربي الجديد