الحكومة و مؤامرة ضد الواتساب..!!

في إحدى أمسيات شهر يونيو من العام ٢٠١٠ كانت الإسكندرية كعادتها تحتفي بالصيف ..الساحل يضج بالحركة والأسواق تزدحم بالناس.. توقفت عربة شرطة بهدوء أمام مقهى إنترنت ..اثنان من المخبرين همّا بتفتيش الحضور استناداً على قانون الطواريء الذي يفترض أن كل مواطن متهم حتى تثبت براءته ..قاوم الشاب خالد سعيد تصرف رجال الشرطة ..المعركة لم تكن متكافئة ..حيث تم تهشيم رأس الشاب الذي لم يبلغ الثلاثين عاماً..مقتل خالد وبتعدد رواياته أشعل ثورة في عالم الإنترنت..تم تصميم صفحة بعنوان (كلنا خالد سعيد) بلغ عدد روادها ثلاثة ملايين مواطن أغلبهم من الشباب..حينما همّت الشرطة المصرية للاحتفال بعيدها السنوي في ٢٥ يناير كانت في انتظارها مفاجئة..على وقع نداء ناعم من صفحة كلنا خالد نزل آلاف الشباب إلى الشارع..بعيد عدة أيام لم يجد الرئيس المصري حسني مبارك غير إصدار بيان يعلن فيه تخليه عن حكم مصر بعد ثلاثين عاماً.

منذ عدة أيام بدأت الحكومة السودانية تفتعل مشكلة مع التقانة الحديثة متمثلة في (الواتساب).. عززت الحكومة من هجومها على التقانة الحديثة إثر صدور شائعات حول مقتل المواطنة أديبة فاروق..من بين تلك الشواهد حديث الفريق عمر المختار مدير هيئة التوجيه بالشرطة ..الفريق المختار يعتقد أن مجانية مواقع التواصل الاجتماعي وعدم ضبطها يؤدي لتفشي الشائعات..فيما وجه مولانا عمر أحمد النائب العام بسرعة تعقب مروجي الشائعات عبر الوسائط الحديثة والتي وصلت لمرحلة الكذب الضار المفضي الى الأذى الجسيم .

في منتصف الأسبوع الماضي عقد رئيس الجمهورية اجتماعا نادراً جمع فيه وزيرة الاتصالات وقادة الأجهزة الأمنية والشرطية..كما تم لاحقاً الإعلان عن عدد من الورش والندوات التي تهدف إلى تمهيد الطريق أمام معركة قادمة مع وسائل التواصل الاجتماعي..كما علينا أن نضع في الاعتبار الرسائل السياسية المؤثرة التي أرسلتها الناشطة السياسية تراجي مصطفى عبر (الواتساب)..لم تحتاج السيدة تراجي إلى استخدام أي من وسائل الإعلام التقليدي في إيصال رسالتها التي اقتربت فيها من الوصول إلى الخطوط الحمراء.

أغلب الظن أن الحكومة تريد تهيئة الملعب في معركتها ضد التكنلوجيا المتجاوزة للحدود..ستحاول أن تثبت للمجتمع أن في الواتساب إثماً كبيراً..بعدها ستقوم وفي المرحلة الأولى بمنع المكالمات الهاتفية عبر الواتساب..هذه الخطوة ستجد التأييد من (لوبي ) شركات الاتصال..بعدها إن لم تحدث مقاومة سيتم رفع تعرفة الإنترنت عبر فرض ضرائب باهظة تمنع الفقراء من الاستمتاع بخدمات الإنترنت..في نهاية المطاف سيتم إلغاء الخدمة بتبريرات الحفاظ على الأمن الاجتماعي.

في تقديري أن الحكومة تدرك جيداً خطورة الإعلام الجديد وقدرته على هز العروش..ثورة الربيع العربي كان من آلياتها (الفيس بوك) رغم ضعف هذه الشبكة في حشد التفاعل الفوري مقارنة بالواتساب..ويبدو أن الحكومة لديها قراءة أكثر قتامة لمقبل الأيام ..وربما تتأهب لمعركة تصفير العداد عبر إخراس الإعلام غير القابل للتحييد.

بصراحة ..هنالك قوانين رادعة لكل من تسول له نفسه باستخدام (السوشيال ميديا) بشكل يضر بأمن المجتمع..لكن الحكومة تخاف على نفسها وتريد أن تتغدى بالواتساب قبل تلك الليلة.

بقلم : عبدالباقي الظافر – الصيحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.