ويل للعالم إذا أنحرف المثقفون!

المجتمع أصبح في خطر كبير بسبب بعض الأشخاص الذين جعلوا العالم تحت أمرهم بفكرهم المنافي للأخلاق الذي يتم نشره في أنحاء العالم ، حتى تسممت العقول . أن تكون مثقفا أمر ليس بتلك السهولة التي يعتقدها البعض ، فالثقافة هي إلمامك بأشياء كثيرة ، والسعي الدائم لنشر تلك الثقافة بين أفراد المجتمع بصورة جيدة أقرب للمثالية . والمثقف له دور كبير في بناء المجتمع ، بناء الأمة ، فهو الشخص الذي يمتلك مجموعة من المعرفة في مجالات عديدة ويؤثر علي مجتمعه بتلك الأفكار تأثيرا إيجابيا ينعكس على الأشخاص المحيطين به ، وقبل ذلك تنعكس على سلوكه فبعد إكتسابه المعرفة اللازمة نجده أكثر مرونه وأقل حماقة. أما الانسان قليل المعرفة نجده غير مفيد للمجتمع إلا في بعض الحالات النادرة ، فيتكل على الناس في تحديد مصيره ولا يترك أثرا واضحا في بناء أمته . ولكن هل تعلم أن المثقف في حد ذاته أصبح يشكل خطرا كبيرا علي أمته وعلي العالم بأكمله ؟ فقد قال ابن خلدون « ويل للعالم إذا أنحرف فيه المثقفون « وهذه العبارة فيها وعيد كبير ، فلا شك أن العالم يعتمد إعتمادا كليا على المثقفين في كافة أمور الحياة السياسية ، الإجتماعية ، الاقتصادية والدينية . فإن كان ذلك المثقف منحرف الفكر سيؤثر بصورة مباشرة على المجتمع المحيط به ، وذلك بفرز أفكار سامة قد تهلك المجتمعات كافة ، ولن يقف ضده أحد ، لأن الأغلبية يعتمدون إعتمادا كليا على هؤلاء المثقفين في إدارة حياتهم وشؤونهم ، وكل ما يعتريهم من أمور . وهنالك ظاهرة سيئة انتشرت أخيرا بسبب هؤلاء المثقفين الذين يستغلون فكرهم وقدرتهم الكبيرة في طمس الدين والهوية ، ونشر الفكر العقيم ، فالعديد من الكتاب الشباب نجدهم استغلوا قدرتهم علي التعبير والتأثير بحروفهم على شباب آخرين فحاربوا الدين بثقافتهم تلك ، وطمسوا بعض العادات ، وهذا الأمر إذا استمر سيؤثر في مقبل الأعوام علي الأجيال القادمة ، فإذا تم نشر مؤلفات بعضهم المبتذلة التي تحتوي على مصطلحات سيئة ، وذات أسلوب ينافي الأخلاق والأعراف وقرأها الجيل القادم ستكون كارثة ، خصوصا أن الأجيال دائما تتأثر بالكّتاب والشعراء ويعتقدون أنهم معصومون من الخطأ . إنحراف بعض رجال الدين الذين يستغلون مكانتهم الكبيرة بين الناس فيأتون بآراء غير موجودة لا في القرآن ولا السنة، وإنما هي إجتهادات تنافي الدين . وهنالك المثقف السياسي الذكي الذي لم يستغل ذكاءه أبدا في خدمة الوطن والشعب ، بل أصبح ذلك الذكاء محصورا في بث الفتنة والدخول في مفاوضات عقيمة لن تخرج البلد من القاع وإنما هي سياسة تخريبية مقصودة ، فنحن في أشد الحاجة لمثقفين سياسيين هدفهم الأول فض النزاعات وإستخدام مقدراتهم العظيمة في إحلال السلام والإستقرار سواء كان عن طريق المفاوضات التي تنشد للسلام الملموس ، ذلك السلام الذي أصبحنا نقرأه ونسمع به ولكن لم نشاهده ، فبعد حروب فظيعة إنفصل الجنوب ، والسودان غير مستعد لفقد أي جزء آخر من أرضه . المثقف يجب أن يرتقي بأمته ، ولكن في هذا الزمن أصبح يمارس سلوكيات بغيضة لا يلاحظها إلا مثقف آخر ، والمقصود هنا أن تلك السلوكيات لن يعلم الشخص العادي مدي سوئها إن لم يكن ملما بنفس المعرفة الموجودة عند ذلك المثقف . وهذا السلوك أشبه بالتضليل الفكري ، وهو إخفاء بعض الأمور حتي لا يهتدي الناس للحقيقة ، ونشر الأفكار الخاطئة وهذا أسوأ فعل به يزداد جهل الأمم وتكثر الإنتهاكات الدينية تحت مسمى الحضارة والمواكبة.
إسراء الشاهر
الصحافة

Exit mobile version