البشير: دعمنا الثورة ضد القذافي لكن الأمور سارت عكس ما نريد

شهدت الخرطوم مباحثات أمنية واقتصادية وسياسية بين الرئيس السوداني عمر البشير وضيفه رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج، في ظل تأكيدات بأن الطرفين اتفقا على العمل المشترك أمنياً، لا سيما في مجال مكافحة الإرهاب، بهدف استعادة الاستقرار إلى ليبيا.
وقال البشير في مؤتمر صحافي مشترك مع السراج في الخرطوم، أمس، إن بلاده لا تملك أجندة داخل ليبيا عدا تحقيق وحدتها واستقرارها واستعادة أمنها وطمأنينتها. وأوضح: «نؤكد أنه ليست لنا أجندة خاصة غير مصلحة الشعب الليبي ووحدة الشعب الليبي أولاً وثانياً وأخيراً».
وأكد البشير أن دعم حكومته للثورة ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011 استند إلى الرغبة في تحقيق تطلعات الشعب الليبي وتحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا والإقليم. وتابع: «بكل أسف، سارت الأمور عكس ما نريد وحدث ما حدث، ونؤكد أن جهدنا ظل مستمراً في دعم الشعب الليبي والأمن الليبي».
وجدد الرئيس السوداني التأكيد على تأييد «حكومة الوفاق الوطني الليبية» باعتبارها مُجمعاً عليها محلياً وإقليمياً ودولياً «دون أن نتدخل في الصراع الداخلي الليبي». وأضاف: «نتطلع لدعم من الأشقاء في دول الجوار القريب والبعيد للاستقرار وجمع الكلمة ووحدة الصف في ليبيا». وتابع: «نحن في السودان نتأثر بصورة مباشرة بما يدور في الساحة الليبية من عدم استقرار».
وجدد البشير الإشارة إلى وجود من سماهم «مرتزقة سودانيين» من المقاتلين في ليبيا يشكلون تهديداً مباشرا للسودان، مشيراً إلى أن محاولات استغلال الفراغ الداخلي في لبيبا ومحاولات تحويل البلدين إلى بوابات ومعابر للهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر والجريمة العابرة للحدود، تُلقي على حكومته «كلفة عالية».
من جهته، قال فائز السراج للصحافيين إنه أجرى مع البشير مباحثات تناولت التحديات التي تواجه البلدين، وتطور الأوضاع في ليبيا سياسيا واقتصاديا وأمنيا، والجهود المبذولة لتحقيق المصالحة الوطنية، وإنهاء حالة الانقسام. وأوضح أن مباحثاته مع البشير تناولت العمل لتأمين الحدود المشتركة، وتنفيذ الاتفاقيات الأمنية، وتطوير العلاقات الثنائية، وتبادل الدعم في المجالات الاقتصادية، وتشجيع الاستثمار.
وأوضح السراج أن العلاقات الرسمية بين السودان وبلاده مرت بحالات مد وجذر، لكنها لم تؤثر على علاقة الشعبين التي «لم تتأثر بالتقلبات السياسية». وتعهد بالاستفادة مما سماها «أخطاء الماضي» وبناء علاقات قوية واستراتيجية في حاضر البلدين ومستقبلهما، وقال إن حكومته ملتزمة بالمبادرة التي أطلقها بعقد انتخابات تشريعية ورئاسية في أقرب فرصة للخروج مما سماها «حالة الانسداد» التي تمر بها ليبيا.
ووصل السراج إلى العاصمة السودانية أمس في أول زيارة رسمية له للبلاد تستغرق يومين، بعد أن تأجلت زيارته التي كانت مقررة للبلاد منتصف مارس (آذار) الماضي بسبب اضطرابات أمنية في ليبيا.
وقال وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور في تصريحات بمطار الخرطوم إن الزيارة رسمية، وتتناول العلاقات بين البلدين، فضلاً عن حزمة ملفات؛ أبرزها الأمن في ليبيا، والحركات المسلحة السودانية الناشطة في ليبيا، إضافة لملفات اقتصادية، والتنسيق في المحافل الإقليمية والدولية. وأوضح غندور أن السودان ظل يحرس الحدود الطويلة مع ليبيا، ليحول دون «حركة المجرمين وقطاع الطرق وخاطفي ومهربي البشر، ولوقف الهجرة غير الشرعية». وقال إن الزيارة ستبحث حزمة من الملفات «أبرزها تحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا»، مضيفاً أن «السودان يهمه أمن وسلامة ووحدة ليبيا، ووضع السلاح». وتابع: «ليبيا تشهد حالياً مرحلة جديدة في تاريخها».
وجدد غندور الاتهامات بإيواء حركات مسلحة سودانية في ليبيا. وقال: «هناك حركات مسلحة سودانية دخلت إلى ليبيا بعتادها العسكري، بعد دحرها في دارفور، وهذه الحركات تحتمي ببعض الجهات الخارجة عن سيطرة الحكومة الليبية، والشرعية الدولية، وتعمل على زعزعة أمن السودان واستقراره».
ولم تشهد علاقة الخرطوم أي توتر مع حكومة السراج، خلافاً لعلاقتها مع الحكومة المؤقتة المنبثقة عن مجلس النواب في طبرق (شرق) والتي درجت على اتهام الحكومة السودانية بتسليح ميليشيات في ليبيا. وفي يوليو (تموز) الماضي، أغلقت الحكومة الليبية المؤقتة في مدينة البيضاء (شرق)، القنصلية السودانية في مدينة الكفرة (جنوب شرقي البلاد) بدعوى ارتكاب موظفيها ممارسات تمس بالأمن القومي الليبي. وذلك على الرغم من نفي الخرطوم أي صلة تربطها بأطراف النزاع في ليبيا. كما نفت الخرطوم الاتهامات التي أطلقها الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، وتضمنت الزعم بدعم السودان وتدريبه جماعات إرهابية في ليبيا.
ومن المنتظر أن يجري السراج مباحثات منفصلة مع رئيس الوزراء السوداني بكري حسن صالح، ورئيس جهاز الأمن الوطني السوداني الفريق محمد عطا المولى عباس.

الخرطوم: أحمد يونس – الشرق الاوسط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.