اول حوار مع الأمريكية السودانية المرشحة لمجلس بلدية (آيوا) الأمريكية “مزاهر صالح”

شهرياً تستقبل شواطئ البحر الأبيض المتوسط نواحي أوروبا العشرات من المهاجرين إلى بلاد الأحلام في قارتي أوروبا وأمريكا، وتبتلع أمواج المتوسط الهادرة مثلهم سنوياً، في إطار سعيهم لحياة أفضل بعد أن فقدوها في بلادهم الأصلية التي غالباً ما تعاني من معضلات اقتصادية حرمتهم من الحصول على فرص للعيش الكريم، أو صراعات إثنية كما هو الحال في أفريقيا، أو أنظمة سياسية سلبتهم حقوقهم، ومنهم من يبحث عن وجهة لتحقيق أحلام شخصية عجز عن تحقيقها في بلده.. وبطبيعة الحال ظل العالم الأول يشغل حيزاً في تفكير كل مواطني العالم الثالث الحالمين برغد العيش.. وهكذا وكأي مواطن من هذه البقاع، قررت ضيفتنا “مزاهر محمد علي صالح” الهجرة إلى أمريكا، ومنها بدأت في تحقيق أحلامها، وها هي اليوم مرشحة لمقعد في مجلس بلدية مدينة (آيوا) كأول مهاجرة، وسودانية تترشح لهذا الموقع، وتشير قياسات الرأي في الإعلام الأمريكي أن المهاجرة ذات الأصول السودانية والمدعومة من الحزب الديمقراطي الأمريكي تسير في طريق الفوز على منافسيها.. (المجهر) السياسي كانت سباقة في محاورتها.
{ من هي “مزاهر”؟ وإلى أي منطقة تعود جذورك في السودان؟
_ أنا “مزاهر محمد علي صالح”، دنقلاوية من جزيرة مقاصر، تربيت في مصنع سكر الجنيد، درست المرحلة الثانوية بمدينة ود مدني، تخرجت في كلية الهندسة قسم المدنية من جامعة السودان، ثم درست تنمية الطفولة المبكرة بجامعة آشلي في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم درست تخطيط مخ في كلية “كيركود” المجتمعية بمدينة “آيوا”، واجتزت امتحان المعادلة الأمريكية للرخصة في تخطيط المخ.
{ أين تقيم أسرتك الكبيرة في السودان؟
_ أسرتي تسكن في منطقة الحاج يوسف المايقوما.
{ ما هي نشاطاتك في منطقتك التي دفعتك للترشح لهذا الموقع الحساس؟
_ أنا من مؤسسي مركز عدالة العمال بآيوا سيتي، وكنت في منصب نائب رئيس مجلس الإدارة لمدة عامين، ومن ثم رئيس مجلس الإدارة لمدة عام، تنظيم كل الوقت للمجتمع، وأحد مؤسسي مشروع وادي آيوا للغذاء العالمي، عضو مجلس مراجعة الشرطة المجتمعية، عضو المائدة المستديرة لمدير المدينة، وعضو مجلس إدارة منطقة وسط المدينة.
{ متى هاجرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية؟
_ في العام 2000، أي قبل (17) عاماً، بعد الفراغ من دراستي الجامعية.
{ إلى أي الحزبين تنتمين.. الديمقراطي أم الجمهوري؟
_ أنتمي للحزب الديمقراطي الأمريكي، وهو الذي رشحني حالياً لهذا المنصب.
{ المنصب المرشحة له وأهميته؟
_ أنا مرشحة لمنصب عضو مجلس المدينة، يضاهي المجلس التشريعي لولاية الخرطوم مثلاً، تكمن أهميته في أنه يشرع كل القوانين التي تحكم المدينة، من قوانين بناء البيوت، للاستثمار والتجارة، إلى الطرق والجسور وغيرها.
{ أمريكا في نظر “مزاهر”؟
_ الولايات المتحدة الأمريكية بلد الأحلام، بإمكانك تحقيق كل ما تصبو له بدون عقبات تقف في طريقك، إن كنت تحلم بالدراسة والشهادات العلمية، بإمكانك أن تدرس ما تحلم به، إضافة إلى أن الحراك الإنساني في تلك المجتمعات لا يشترط عمراً محدداً، أي بإمكانك أن تلتحق بالجامعة أو الدراسات العليا وتدرس ما تحلم به في أي عمر من حياتك، أي كل من يجتهد في تلك البقاع يستطيع تحقيق أحلامه.
{ من هم حكام أمريكا الحقيقيين من وجهة نظرك؟
_ الشعب هو الذي يقرر من هم الحكام.
{ البعض يقول إن البيض الأنجلوساكسون البروتستانت هم الحكام؟
_ لا أعتقد أن هذا الحديث صحيح، هنا في الولايات المتحدة للجميع حقوق متساوية، أنا الآن مهاجرة ولست من السكان الأصليين، حصلت على الجنسية الأمريكية مثلي مثل أي مواطن أمريكي، وها أنا أترشح في انتخابات ككافة المواطنين.. من يحكمون أمريكا هم من تأتي بهم صناديق الاقتراع، بغض النظر عن جذورهم، والرئيس السابق “باراك أوباما” خير مثال على ذلك.
{ هل ترين أن “ترمب” يمثل حالة شاذة في السياسة الأمريكية؟
_ إذا كنت تقصدين بسؤالك قراراته تجاه السودان الأخيرة، دعيني أنبهك لأمر مهم، هنا المواطنون لا يهتمون كثيراً للسياسة الخارجية، لذلك أنا أيضاً لا اهتم بهذا الأمر، كل ما أركز عليه جهودي الذهنية هو السياسات الداخلية التي يتأثر بها المواطن الأمريكي، و”ترمب” جاءت به للسلطة فئة معينة من الشعب.
{ زوج ابنته هو كبير مستشاريه كما أشيع؟
_ لا أهتم بما يجري في البيت الأبيض، ولم أتساءل عن هذا لأجد إجابة، كما أخبرتك أنا أركز جهودي فقط في مدينة آيوا وقضاياها.
{ متى تملكتك فكرة الترشح أول مرة؟
_ منذ العام الماضي، كنت أمارس عملي اليومي في مركز العمال، ويضم معظم الأقليات في المنطقة، والذين لم يحصلوا على قدر كافٍ من التعليم، قررت الترشح لأجلهم.
{ ماذا قدمت لناخبيك حتى ترشحت نيابة عنهم؟
_ أنا أعمل الآن من أجل تغيير مدينة آيوا لكي أجعلها تنفع كل الناس، بغض النظر عن أنهم أقليات أم مهاجرون أم سكان أصليون، أو عمال بسطاء أو رجال أعمال أثرياء، لأننا هنا سنربي أبناءنا.. كنت أجمعهم مع بعضهم البعض في مائدة مستديرة للبت في حل مشكلة ما، ومن هنا طفرت إلى ذهني فكرة الترشح، لإكمال ما بدأته بشكل رسمي، وهنا لا يمكنك الترشح ما لم تكن لك لمسات ظاهرة وأعمال واضحة تجاه المواطن.. من أهم ما قمت به هو رفع الحد الأدنى للأجور في منطقتي من (7) دولارات و(25) سنتاً، إلى (10) دولارات، ووفقنا بين السكان وعمال البناء ليعملوا في بناء بيوتهم بأسعار مخفضة حتى يجد الجميع السكن المناسب، وعملت على تحسين علاقة البوليس مع الأقليات والمهاجرين، حتى يجدوا معاملة جيدة من الشرطة، ولا يتم توقيفهم لفترات أطول.
{ كيف تسير حملتك الانتخابية؟
_ أشعر أنها تمضي على ما يرام، أحياناً أحس أنني سأفوز بنسبة (80%)، وأحياناً تغطى علي نسبة الفشل الـ(20%)، ولكني أعتقد بفوزي.
{ كيف يبدو السودان في نظر المواطنين الأمريكان؟
_ الشعب عادة لا يهتم بالسياسة الخارجية للحكومة، ومن يعرفون السودان قليلون جداً، وهم من المهتمين بالسياسة الخارجية، لكني عملت في آيوا على تعريف المواطنين بالسودان وغيره من العالم الثالث وقضايا تلك البلدان، حتى عندما قرر الرئيس “ترمب” منع دخول مواطني سبع دول إلى الولايات المتحدة، خرج ألفا مواطن في تظاهرات وارتدوا العلم الأمريكي في شكل حجاب.
{ ماذا ستحققين لبلدك الأم (السودان) في حال فوزك في مجال العلاقات الشعبية والثقافية بين البلدين؟
_ إذا فزت سأمثل كل المواطنين في مدينتي بغض النظر عن جذورهم سودانيين أو غيرهم، لكني قبل ذلك أعمل على إبراز ثقافة السودان وعاداته وتقاليده من خلال الفنون والمعارض والموسيقى، وحتى الأكل السوداني، حيث درجنا على جمع عدد كبير من المواطنين بمختلف أصولهم في قاعة كبيرة كل شهرين، وكل أسرة أو فرد يأتي بوجبة من مجتمعه الأصلي، واشترطنا أن يجلس كل شخص بالقرب من شخص لا يعرفه، وعندها نتعارف، ونعرف بثقافتنا الأصلية، ونتبادل الهواتف، حيث نشأت علاقات اجتماعية حميمة بين المواطنين في مدينتي، وانصهر المهاجرون في المجتمع المحلي.
{ ما هي المؤهلات التي يجب أن تتوفر في المرشح لأي مستوى انتخابي؟
_ الأمريكان لا يهتمون للمؤهلات، إن كنت تقصدين المؤهلات العلمية وما إلى ذلك، أنا منافسي في هذه الانتخابات طالب جامعي لم يكمل دراسته الجامعية بعد، يشترط فيك فقط أن تكون مواطناً أمريكياً، وتجاوزت الثامنة عشرة من العمر، أي لا تحتاج أن تكون “بروفيسوراً مثلاً أو رجل أعمال ثري لتترشح في الانتخابات.
حاورتها عبر الهاتف- رشان أوشي
المجهر

Exit mobile version