أردوغان في الخرطوم نهاية الشهر الجاري

سودافاكس – السودان :
الفاتح حسنين: هذه قصة أول زيارة لأردوغان إلى السودان
السفير الكردفاني: السودان يرتبط بأكثر من سبعين اتفاقية مع تركيا
القنصل السوداني في إسطنبول: علاقات البلدين راسخة، والزيارة ستفتح آفاقاً جديدة
ربيع عبد العاطي: الزيارة لها طعم خاص والشعب السوداني ينتظرها

منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في تركيا عام 2002 شهدت العلاقات الثنائية مع السودان تحسّناً ملحوظاً حيث تضاعفت الاستثمارات التركية في السودان إلى ملياري دولار، ويتجاوز التبادل التجاري بين البلدين 400 مليون دولار ويقر الطرفان بحاجتهما إلى تعزيز تعاونهما الاقتصادي الذي “لا يرقى إلى مستوى علاقتهما السياسية، وينشط بالسودان عدد من المنظمات التركية في مساعدة المتضررين من النزاع المسلح في دارفور، أبرزها وكالة التنسيق والتعاون التركية “تيكا” وهيئة الإغاثة الإنسانية التركية (إيهاها) ورغم ذلك كله لم يزر الرئيس رجب طيب أردوغان السودان منذ توليه منصب رئاسة الجمهورية، إلا أن الرئيس التركي زار السودان في فترة سابقة إبان توليه رئاسة الوزراء بالحكومة التركية التي كان يرأسها عبد الله غول، وجاءت زيارة أردوغان للسودان للمشاركة في القمة الإفريقية التى عُقدت بالسودان في العام 2007م كضيف شرف، وقام أردوغان بزيارة ولاية جنوب درافور وحاضرتها نيالا وافتتح المستشفى التركي بالولاية، ومنذ ذلك الحين لم يقم أردوغان بزيارة السودان، مما جعل الأسئلة تتصاعد عن السبب الذي منع أردوغان من زيارة السودان، خاصة وأنه زار عدداً من الدول الإفريقية والعربية، ما زاد الأمر إثارة هو الحديث المتكرر من جهات رسمية باقتراب موعد زيارة أردوغان للسودان، ولكن دون أن تتم هذه الزيارات، والجديد في الأمر أن أحاديث كثيرة من مسؤولين رسميين في السودان وتركيا أكدت قُرب ميقات زيارة أردوغان للسودان، فهل سيهبط أردوغان الخرطوم هذه المرة وماذا سيفعل في هذه الزيارة التي انتظرها السودان كثيراً، هذا ما سنحاول الإجابة عليه المساحات التالية.
زيارات لم تتم
تم الإعلان كثيراً في فترات سابقة عن زيارات سيقوم بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى السودان، إلا أن هذه الزيارات لم تتم كما تم الإعلان عنها، وفي الثامن من سبتمبر في العام 2012م أعلن والي ولاية جنوب دارفور حماد إسماعيل عن زيارة سيقوم بها رئيس الوزراء التركي “رجب طيب اردوغان” إلى السودان في منتصف أكتوبر العام 2012م. ليشهد خلالها افتتاح المستشفى التركي الذي شيدته الحكومة التركية في ولاية جنوب دارفور، وفي من ديسمبر من العام 2016 أوضحت وزارة الخارجية السوادنية، أن اللجنة الاقتصادية والتجارية المشتركة بين السودان وتركيا، عقدت اجتماعها الأول في الفترة من 27 إلى 30 ديسمبر 2016، بالعاصمة التركية أنقرة، مضيفة أن المباحثات تطرقت إلى ضرورة إكمال اتفاق الشركة الاقتصادية والتجارية بين البلدين بالسرعة المطلوبة، وأشارت الوزارة، إلى أنه تم التوقيع بالأحرف الأولى عقب نهاية المباحثات في أنقرة، تمهيداً للتوقيع عليها في العاصمة الخرطوم، وذلك على هامش الزيارة المرتقبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان للسودان، وأوضحت الوزارة، أن الاتفاقيات شملت العديد من المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين البلدين، منها إقامة مناطق لأسواق الحرة بولاية “البحر الأحمر”، وغيرها من الولايات الأخرى، كما تم الاتفاق على رفع حجم التبادل التجارى بين الخرطوم وأنقرة لمليار دولار بنهاية عام 2018، ودعم تركيا للسودان في القضايا الدولية والإقليمية وخاصة فيما يتعلق بطلب السودان للانضمام لمنظمة التجارة العالمية، وفي 26 أكتوبر 2016 ـ كشفت الخارجية السودانية أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، رحب بزيارة السودان في الربع الأول من العام 2017م، تلبية للدعوة التي قدمها له نظيره السوداني الرئيس عمر البشير، وأفادت الخارجية السودانية طبقاً لتقارير إعلامية، بأن الرئيس التركي أعرب لوزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور الذي سلمه رسالة من الرئيس السوداني على دعم بلاده للسودان في جميع المجالات والعمل لتعزيز التعاون السياسي والاقتصادي، في تصريحات أدلى بها وزير الخارجية إبراهيم غندور في المجلس الوطني على هامش حضوره جلسة لمناقشة مشروع قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي، قال إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيزور السودان في الربع الأول من العام 2017م، وقال غندور إن “العلاقات التركية السودانية ممتازة، وفي أفضل حالاتها، ولعل العلاقات الاقتصادية على وجه الخصوص ستشهد في المرحلة المقبلة طفرة كبيرة، وأضاف أنه “رغم الاستثمارات التركية الموجودة في السودان، لكن التبادل التجاري بين البلدين والعلاقات الاقتصادية يمكن أن تكون أفضل من ذلك بكثير، وتوقع غندور أن “تفتح زيارة الرئيس أردوغان القادمة إلى السودان آفاقاً جديدة للعلاقات الاقتصادية بين البلدين الشقيقين.
تأكيدات
أحاديث كثيرة راجت في الفترة السابقة عن زيارة أردوغان للسودان، من الجانبين السوداني والتركي، وحملت صحيفة (السوداني) بداية هذا الأسبوع عنواناً رئيساً على صفحتها الأولى عن زيارة متوقعة للرئيس التركي أردوغان للسودان نهاية هذا الشهر، وسيجري أردوغان مباحثات مع رئيس الجمهورية عمر البشير حول العلاقات الثنائية بين البلدين والقضايا ذات الاهتمام المشترك، كما سيلتقي خلال الزيارة بعدد من المسؤولين السودانيين.
الحديث عن زيارة أردوغان أكدته أوساط رسمية تركية وسودانية من حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، ومن القنصل السوداني في إسطنبول.
أول زيارة
علاقة الرئيس التركي بأردوغان بالسودان تعود إلى ثلاثين عاماً كما أشار بروفسيور الفاتح حسنين (صديق أردوغان المقرب) في حديث سابق له مع الصيحة حين أشار إلى رجب طيب أردوغان جاء إلى السودان ومعه آخرين في عام 1988م في مؤتمر الجبهة الإسلامية القومية الأول وخاطب الناس ولم يكن يمثل أي شيء بتركيا ولكننا كنا موقنين وقتها بأن له مستقبلا باهراً وكلمنا نجم الدين أربكان رحمه الله وأربكان كان غير مرتاح له، وبعدها استمرت العلاقات بيننا ونحن نطوف أروربا ننشئ مدارس ونترجم كتباً كمعاني القرآن الكريم باللغات المختلفة.
(70) اتفاقية
خلال احتفال الجالية التركية بدحر الانقلاب الفاشل الأخير ثمن السفير يوسف الكردفاني سفيرنا الحالي العلاقات المتطورة بين السودان وتركيا وأعلن أن السودان يرتبط بأكثر من سبعين اتفاقية مع تركيا وهي الاتفاقيات الأكثر مع الدول، وأن علاقات السودان وتركيا لا ترتبط بالمصالح المشتركة فقط وإنما تستند إلى الدين والتراث المشترك، وذكّر بأن الرئيس البشير كان أول من اتصل على الرئيس التركي رجب أردوغان مهنئاً باندحار الانقلاب.
نفي وإثبات
نفى القنصل السوداني في إسطنبول عماد الدين ميرغني التهامي، أن تكون هنالك أسباب خفية لتأخر زيارة أردوغان للسودان، وقال عماد الدين في إفادات لـ(لصيحة) إن زيارة أردوغان تأخرت لترتيبات وأولويات باتفاق الطرفين، وأضاف أن العلاقة بين السودان وتركيا في كامل توهجها وازدهارها، وأكد عماد الدين على أن الزيارة قائمة وستكون قريباً دون أن يحدد موعداً قاطعاً، فيما قال القيادي بحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا الفاتح تونا إن زيارة أردوغان للسودان ستكون قريباً جداً، إلا أن الفاتح تونا جزم بأنه لا يعرف إذا كان هنالك سبب منع زيارة أردوغان في الفترات السابقة، مشدداً على أن ذلك أمر يخص حكومات البلدين، مؤكداً على أن الشعب السوداني من أقرب الشعوب إلى الشعب التركي، متمنياً أن تكون زيارة أردوغان للسودان فاتحة خير للبلدين لتطور العلاقات وازدهارها.
توقعات
يرى بعض المراقبين أن العلاقات بين السودان وتركيا لم تكن كما ينبغي لها، باعتبار أن الحزبين الحاكمين في البلدين ينطلقان من خلفية فكرية واحدة، وذلك من المفترض أن يجعل من العلاقة بين البلدين أكثر حميمية وقربى، إلا أن ذلك في واقع الأمر لم يكن حقيقياً، فالعلاقة بين السودان وتركيا لم تشهد فتوراً واضحاً، ولكنها مع ذلك لم تكن كما يشتهي الشعبان، أغلب الاتجاهات ذهبت إلى أن المفاصلة التي شهدتها الحركة الإسلامية في رمضان من العام 2000م هي التي أوجدت تلك الجفوة، ذلك أن بعض الأنظمة المنضوية تحت الجلباب الإسلامي كانت تعيب على إسلاميي السودان انشقاقهم الذي جاء في وقت عصيب، تواجه فيه حركات الإسلام السياسي موجة من العنف والتنكيل، هذا الشعور العام أوجد حالة من من السخط تجاه الحكومة السودانية التي أخرجت عرّابها الشيخ حسن الترابي وعدداً من القيادات الإسلامية خارج مركب السلطة، وبين السخط على الانشقاق والتعاطف مع الشيخ حسن الترابي والإحباطات من انشقاق الحركة الإسلامية السودانية التي كانت تعتبر بارقة أمل لنظيراتها في العالم لوصولها للسلطة في السودان في العام 1989م، واجهت الحكومة السودانية نوعاً من الجفاء من حركات الإسلام السياسي في العالم، والتي من بينها حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، ولكن بعد اكتمال الحوار الوطني وعودة المؤتمر الشعبي للواجهة من جديد كجزء من الحكومة القائمة من المتوقع أن تعود العلاقات بين السودان الأنظمة الأخرى المنتمية للحركة الإسلامية إلى سابق عهدها، وهذا ما سيحدث بين السودان وتركيا كما يتوقع كثير من المراقبين.
طعم خاص
رأى القيادي في المؤتمر الوطني الدكتور ربيع عبد العاطي، أن زيارة أردوغان للسودان لها طعم خاص وأن الشعب السوداني والحكومة جميعهم ينتظرون زيارة أردوغان للسودان، وقال ربيع خلال حديثه لـ(الصيحة) إن الشعب السوداني لا يخفي حبه وإعجابه بأردوغان كقائد يهتم بقضايا الأمة جميعها، مدللاً على حب السودانيين لأردوغان بموقفهم من الانقلاب الفاشل الذي شهدته تركيا، واصفاً زيارة أردوغان للسودان بالمميزة جداً وذات القدر الكبير من الأهمية، مؤكداً أن السودانيين ينتظرون الزيارة بأحر من الجمر، وأشار ربيع إلى التوافق بين السودان وتركيا في المواقف الإقليمية الذي توقع أنه تظهر ثماره في الزيارة المرتقبة.
تطابق رؤى
تطابق المواقف السودانية التركية في الفترة الأخيرة يشيء بانبلاج فجر جديد ستشهده العلاقات السودانية التركية، فمواقف السودان تطابقت مع تركيا حيال الأزمة الخليجية وأزمة اليمن والحل في سوريا، وزيارة الرئيس البشير إلى روسيا الشهر المنصرم ولقائه بالرئيس بوتين في الوقت الذي تواجد فيه الرئيس الإيراني والتركي في (سوتشي) الروسية يؤكد أن هنالك تطابق للرؤى بين قيادة البلاد في العديد من القضايا، مما سينعكس إيجاباً على لقاء البشير وأردوغان في الخرطوم نهاية الشهر الجاري.
محمد أبوزيد كروم
الصيحة

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.