“الشعب يحتضر” يعاني المرضى بمستشفى الشعب التعليمي بالخرطوم من شح في الأسِرَّة والنقالات والبيئة المتردية في أروقة المستشفى

سودافاكس – الخرطوم :
يتزاحم مئات المرضى في الباحة الرئيسة لمستشفى الشعب باحثين عن الشفاء، ولكن عند دخولهم للمستشفى تزداد المعاناة والمرض ويفاجأون بتردي بيئته وتباطؤ الخدمة نسبة للضغط العالي عليه، وشكا المرضى ومرافقوهم من سوء الخدمات بمستشفى الشعب التعليمي حيث يفترشون الأرض لانتظار فرصة جلوسهم على كرسي أو سرير يستريحون به متخذين الممرات داخل المستشفى مكانا للجلوس لهم لقلة الأسِرّة به.
الحال يغني عن السؤال في بعض العنابر بالمستشفى نسبة لتعطل المرواح والمكيفات، وهناك روائح نتنة تنبعث من العنابر بسبب ملاصقتها للحمامات.
يتقاسم الرجال والنساء نفس المكان والمعاناة لاختلاط بعض العنابر بين الجنسين،
أما قسم العناية المكثفة بالمستشفى بداخله أجهزة متعطلة محاطة بمياه الصرف الصحي.
لا يوجد سرير
قصد المواطن عثمان مستشفى الشعب التعليمي قادما من الدمازين برفقة والدته المريضة محمولة بإسعاف من هناك لتجري لها عملية غسيل الكُلى، ولكن لم يحالفه الحظ في أن يجد لها عنبرا أو سريرا خاليا، وظلت والدة عثمان تعاني لعدة ساعات مستلقية داخل عربة الإسعاف دون مرور أي طبيب لإجراء الفحوصات اللازمة لها، علماً بأن حالتها الصحية لا تحتمل الانتظار، وفي أثناء الانتظار أتى الطبيب ليخبرهم بأنه قد تم تحويلهم لحوادث بحري لإجراء العملية، لكن عند وصلهم تفاجأوا برفض إدارة مستشفى بحري استقبال الحالة بحجة عدم إخطار مستشفى الشعب لهم، مما أجبر المريضة للعودة لدائرة مغلقة، وحينها رأيت ابنها عثمان وعلى وجهه ترتسم علامات الضجر والاستياء، سألته عن السبب فقال لي بحزن في هذا المستشفى يعاني المواطنون كثيراً، وأضاف هل تصدقين أن والدتي في هذا الحال منذ الصباح، وبدأ في سرد قصته والآلام تعتصر قلبه.
عنبر مختلط
يتخذ المرضى والمرافقون الممرات عنابر ومكانا للجلوس لقلة الأسِرّة.
عند دخولي من بوابة قسم الحوادث كان المنظر مؤلما ومدهشا، فأول ما وقع على عيني مشهد مريضة تتوسد جزءا من ثوب إحدى المرافقات لتستر به جسدها نسبة لوجود الرجال والنساء في نفس العنبر دون أدنى خصوصية، فالكل هنا يتقاسمون نفس المكان والمعاناة.
ممرض واحد بالحوادث
والأسوأ من ذلك وجود بعض المرضى الذين يفترشون الأرض وهم في حالة انتظار فرصة للجلوس على كرسي أو سرير يستريحون به، وعندما كنت أراقب المنظر دخلت امرأة ومعها والدتها طاعنة في السن ولقلة الكادر الطبي لم تتوفر لها العناية المطلوبة بسبب وجود ممرض واحد فقط بالحوادث، وهو يتابع حالة مريض محمول على نقالة.
الجلوس أرضاً
جلست إلى إحدى المريضات وهي تئن وجعاً، فقالت إن المستشفيات الحكومية أصبحت لا تقدم خدمة جيدة كما ترين الوضع، وأوضحت أنها موجودة في المستشفى منذ الصباح الباكر، واشتكت من عدم توفر الكادر الطبي ليمر على جميع الموجودين، وقالت (خلي الطبق مستورا ولا داعي لأن تتعبي نفسك حتى إذا ذهبتي لهم لن ينصلح الحال)، خارج العنبر يجلس عدد كبير من المرافقين على الأرض.
عنابر ملاصقة للحمامات
عند دخولك لعنبر الباطنية، فإن أول ما يستقبلك الروائح النتنة التي تشمئز منها الأنفس والتي تأتي من الحمامات.
إذ إنها تلاصق العنابر مباشرةً مما زاد الأمر سوءاً، لا سيما عنبر (9) الذي وصفه بعض المرضى الذين جلست إليهم (اليوم التالي) بـ(المنفى)، وأكدوا مدى تضررهم بشكل كبير من تلك الروائح النتنة، وقال أحدهم إن مياه الصرف الصحي في أغلب الاحيان تقاسمنا العنبر، وعبر المرضى عن انزعاجهم لتعطل (المكيفات والمراوح بالعنابر)، وقال العم أبكر المصاب بمرض القلب إنه يعاني كثيراً من بعد العنبر وقربه من الحمامات والذي وصف رائحتها بأن تزيد من آلامه. وأضاف أبكر أذهب مضطرا للحمامات التي يديرها إثيوبيون مقابل دفع مبلغ مالي، وأضاف هناك الوضع أفضل بقليل من هنا. ويواصل عم أبكر حديثه وملامح التعب على وجهه قائلاً: لا يوجد شخص يهتم بأمرنا هنا وبين أنه في فصل الصيف يتم نقل المرضى للنوم خارج العنابر ليلاً نسبة لارتفاع درجة الحرارة.
تعامل سيء
تشكو المريضة نفيسة من معاناتها عند دخولها لدورات المياه والتي تنبعث منها روائح كريهة، أضافة إلى القاذورات الموجودة بالداخل، وأضافت كل ذلك لا يليق بمستشفى عريق مثل الشعب وقالت إنها تضطر لدخول تلك المرافق باستمرار
نسبة لإصابتها بالتهاب في الكليتين، وبينت أنها ومن معها من مرضى متضررين جدا من هذا الأمر، وأكدت نفيسة أنهم تقدموا بشكاوى من قبل للإدارة ولم يتم النظر فيها، ووصفت تعامل الأطباء في المستشفى بالسيء نسبة للاتكالية في العمل، وأضافت أن المرضى يضطرون إلى الذهاب لمكاتب الاطباء باحثين عنهم في الحالات الحرجة.
عدم توفر الأدوية
والملاحظ وجود مكيف واحد داخل غرفة الممرضات
وفي أثناء تجوالي داخل العنابر بالمستشفى تبادلت أطراف الحديث مع أحد الكوادر الطبية التي أقرت بأن الضغط على المستشفى أكبر من إمكانياتها، مما يجعل بعض المرضى والمرافقين يجلسون على الأرض أو على كرسي متحرك لعدم توفر الأسرة. وقالت إنه بالرغم من معرفة الإدارة بهذا الواضع إلا أنها لم تقم بأدنى معالجات للوضع، وأضافت الأمر صار مكشوفا للجميع، أخذت نفساً عميقاً وواصلت الحديث وقالت إن هناك عدم توفر للأدوية داخل المستشفى وبعض الأدوات الطبية التي تجبر المريض إلى البحث عن بعضها بالخارج، نسبة لإغلاق الصيدلية بحجة الصيانة، ولكن المشكلة الحقيقية في عجز التأمين عن توفير الأدوية والدفع لهم، وأضافت قائلة أنا اعمل هنا مشرفة لأكثر من عام وأعاني كثيراً من مرافقي المرضى الذين لا يتفهمون موقفنا ويتهموننا دائماً بالتقصير، وهم لا يدرون كم نحن ايضاً نعاني كثيراً حينما نطالب ببعض النواقص والاحتياجات ولا نجد استجابة.
أجهزة متعطلة بالعناية المكثفة
في رحلة التجوال داخل المستشفى توقفت عند باب العناية المكثفة التي ظننت أنها ستكون بصورة جيدة لكنني ذهلت من منظر الأجهزة المتعطلة المحاطة بمياه الصرف الصحي، رغم أن الحمامات مغلقة لكن عاجلاً ام اجلاً ستؤثر في انفجاره، وتهالك المبنى الذي في الأساس متهالك.
قلة الأسرة والنقالات
بعد تجوالي في العنابر وعدد من أقسام المستشفى حاولت الوصول للمدير الطبي للمستشفى لسماع وجهة نظره حول أوضاع المستشفى، ولكن عند معرفة الموظف الذي وجدته على باب المدير الطبي بأني صحفية وأريد مقابلة المدير تعذر لي بأن المدير غير موجود ولكنني تواصلت معه هاتفيا.
وقال المدير الطبي لمستشفى الشعب الدكتور الصادق عسكر إن الضغط عال جدا على المستشفى بسبب أنه يستوعب اكثر من طاقته، وعزيا ذلك لدمج الحوادث معه ما نتج عنه قلة الأسرة والنقالات للمرضى.
وعن إغلاق الصيدلية على مدى أيام قال عسكر إن الصيدلية لا تتبع للمستشفى وإنما تتبع للدواء الدائري، مضيفا أن صيدلية المستشفى مفتوحة في كل الأوقات وتوجد بها الأدوية المنقذة للحياة والأدوات الطبية.

حسيبة سليمان
المصدر : صحيفة اليوم التالي

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.