“المركزي” هل .. باع الفرخة واشترى ريشها؟!

سودافاكس :

الطرفة القديمة من السودان (القديم) تقول إن بعض (الجلابة) وفِي بعض الأنحاء كانوا يشترون الفرخة بقرش واحد.. ثم يبيعون الريشة الواحدة المنزوعة من تلك الفرخة.. بقرشين لذات الشخص الذي اشتروا منه الفرخة كاملة بنصف قيمة الريشة الواحدة.. وما سردناه بالأمس عن قصة بيع أسهم بنك الثروة الحيوانية.. يجعلنا نظن.. وليس كل الظن إثماً.. أن البنك المركزي أعاد طرفة الفرخة وريشها بحذافيرها.. وكله فراخ في فراخ..!
ولعل من الأخبار الجيدة منذ الأمس أن الجمعية العمومية لبنك الثروة الحيوانية.. التي كان مقرراً لها أن تنعقد بالأمس.. للإجهاز على البنك بتمكين الذين اشتروا الفرخة وباعوا الريشة على مجلس إدارة البنك.. وهذا يعني أن الفرصة ما تزال مواتية لتصحيح هذا الوضع الخاطئ بكل المقاييس.. نقول خاطئ.. لأن البداية كانت خاطئة.. والمدخل كان خاطئاً.. فالمقدمات الخاطئة تقود.. بالضرورة.. لنتائج خاطئة.. وحتى القاعدة الشرعية والقانونية تقول إن.. ما بُني على باطل فهو باطل.. وحين نقول ذلك فنحن نعني الإجراءات والخطوات والترتيبات التي استحوذت بها هذه الشركة على ما يفوق الخمسين في المائة من أسهم بنك الثروة الحيوانية.. بغض النظر عن الطريقة التي قدرت بها قيمة تلك الأسهم.. ولا الصيغة التي سددت بها تلك القيمة..!
فقد فات عليَّ بالأمس.. وأنا أعترف بهذا السهو، أن أطرح سؤالاً مهماً.. عن مدى مسؤولية اللجنة الفنية للتصرف في مرافق القطاع العام عن هذه الصفقة.. ومدى علمها بها.. واطلاعها على تفاصيلها.. ووقوفها على تنفيذها.. فإن كانت هذه اللجنة تعلم فهذه مصيبة.. أما إن لم تكن تعلم فالمصيبة أعظم وأجل.. وإن كنت أرجح عدم علم اللجنة الفنية للتصرف في مرافق القطاع العام بصفقة بنك الثروة الحيوانية.. وأن البنك المركزي هو وحده من باع الفرخة بقرش.. ثم اشترى الريشة الواحدة بقرشين.. ذلك أنه ومبلغ علمي أن التصرف في مرافق القطاع العام.. ويسمى الخصخصة أحياناً.. وبغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف معه.. إلا أن قانونه قد بذل من النصوص ما يوفر الحد الأدنى من العدالة في توزيع الفرص.. والمساواة في التنافس.. والسعي للحصول على أفضل الأسعار.. وليس كما حدث.. إذ شروه بثمن بخس.. دراهم معدودة.. وكانوا فيه من الطامعين.. وأشرنا بالأمس إلى غياب الشفافية في العملية..!
وغنيٌ عن القول أن ممتلكات البنك المركزي.. سواء كانت منقولات أو نقداً أو أسهماً.. فهي أصول حكومية.. ينطبق عليها ما ينطبق على الأصول الحكومية كافة.. ولا ينبغي أن يتم التصرف فيها إلا عبر هذه اللجنة المختصة والمتخصصة.. ووفق الضوابط المعلومة.. التي تلزم بالإعلان.. لا على المستوى المحلي.. بل حتى على المستوى العالمي.. بحثاً عن أفضل الفرص.. وقبل كل ذلك.. فهذه اللجنة الفنية هي التي تتولى.. عبر خبراء مختصين.. تقييم هذه الأصول.. وتحديد أسعارها.. ولا تتركه لأمزجة أفراد أو مصالحهم الضيقة.. وعلى ذكر الأصول والتقييم.. من يصدق أن بنك الثروة الحيوانية بلغت قيمة أراضٍ يمتلكها في أم درمان فقط.. أكثر من خمسمائة مليار جنيه..؟!
ترى.. هل يعلم البنك المركزي بهذه الإجراءات والضوابط التي تحكم التصرف في مرافق القطاع العام..؟ أم يعتقد البنك المركزي أن الأسهم التي يمتلكها في البنوك لا تعتبر أصولاً..؟ أم أن المركزي يعتقد أنه فوق القانون وفوق الضوابط..؟ أم أنه يعلم كل هذا ولكنه مطمئن أن أحداً لن يسأل..!؟؟! لنرى ما تشرق عليه شمس هذا اليوم بشأن مصرف الثروة الحيوانية.
اعتذار مستحق:-
تجدني مضطراً للاعتذار مرة أخرى للعميد النور ومعجبي خصاله الحميدة، لتأجيل الرسائل التي عقبت على الموضوع إلى الغد.
المصدر : صحيفة اليوم التالي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.