أولت صحف عربية كثيرة بنسختيها الورقية والإلكترونية اهتماماً بزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للخرطوم ولقائه بنظيره السوداني عمر البشير وما أسفر عنه.
وانتقد كثير من المعلقين قرار الخرطوم تسليم تركيا إدارة جزيرة سواكن الواقعة في البحر الأحمر لفترة زمنية غير محددة.
“مناكفة لمصر”
شنت صحف مصرية هجوماً حاداً على قرار السودان، مؤكدة أن الخرطوم فتحت موانيها “لانتقال سلاح الإرهاب والإرهابيين إلى مصر”.
ويقول عماد الدين أديب في صحيفة “الوطن”، في مقالٍ بعنوان “عمر البشير والانتحار السياسي”، إن البشير “يلعب بالنار من أجل الدولارات”.
ويعلق على تسليم إدارة الجزيرة لتركيا قائلا إنها سوف تتحول إلى “قاعدة دفاع وتدريب وتخزين للسلاح يتم إنشاؤها بواسطة شركات تركية وبتمويل كامل من دولة قطر”.
ويختتم مقاله: “يبدو أن المال عند البشير أهم من الدماء المشتركة مع المصريين”.
وكتب عماد الدين حسين رئيس تحرير “الشروق” يقول إن زيارة الرئيس التركي للسودان تأتي “في إطار مناكفة مصر ومعاندتها ومحاولة إزعاجها بكل الطرق”.
ويضيف: “اللوم الحقيقي ينبغي أن يذهب لسياسة الرئيس السوداني الذى لم يفعل شيئًا خلال الشهور الماضية، إلا مناكفة مصر. ليس سرا أن العلاقات الرسمية بين الحكومتين في القاهرة والخرطوم تمر بواحدة من أسوأ مراحلها، رغم أن الحكومة المصرية لا تريد تصعيد الأمور رسميا وإعلاميا، وأعلم أنها تفضِّل حل الخلافات في غرف مغلقة”.
ويقول محمد أبو الفضل في “الأهرام”: “الخطورة التي ينطوي عليها التقارب بين أنقرة والخرطوم ومعهما الدوحة، تكمن في انطلاقه من دعم الحركات الإسلامية المتشددة، ومساندة الجماعات الإرهابية في المنطقة، وتوفير غطاء لاستقبال الفارين من سوريا والعراق، وفتح مجال لصراع بديل بعد أن بدأت الأزمة في سوريا تقترب من طريق التسوية السياسية”.
وعقب زيارة أردوغان في صحبة البشير للمعالم التاريخية والأثرية لمدينة سواكن وقع البلدان 12 اتفاقا للتعاون بينهما في المجالات العسكرية والاقتصادية والزراعية خلال زيارة الرئيس التركي أردوغان للخرطوم.
وكتب عريب الرنتاوي في “الدستور” الأردنية يقول: “لا شك، أن وجوداً تركياً عسكرياً على مقربة من مصر وقبالة السعودية، وتعزيز حضورها الممتد من البحر الأحمر وحتى الخليج العربي مروراً بخليج عدن، من شأنه أن يكون مصدر إزعاج، حتى لا نقول مصدر تهديد، للمصالح المصرية والسعودية والإماراتية، في وقت تتميز فيه علاقات أنقرة ببعض هذه الدول الثلاث، بالتوتر وببعضها الآخر بالقطيعة”.
وفي مقالٍ بعنوان “الصراع في البحر وعليه”، يقول محمد خروب في “الرأي” الأردنية إن “سيطرة” تركيا على سواكن تفتح “الباب أمام سيل من الأسئلة حول مستقبل الصراع المحتدم على البحر الأحمر، الذي كان يوصف ذات يوم بأنه بحيرة عربية وأنه جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي”.
وفي “عكاظ” السعودية، يتساءل حمود أبو طالب “ما الذي يجعل البشير يسلم تركيا جزيرة استراتيجية في موقع مهم محاذ للمملكة، وهي دولة تسعى علنا إلى التوسع وبسط النفوذ على دول عربية، خصوصا دول الخليج ومصر. وما الذي يجعله يتحالف مع رئيس دولة يحتضن ويدعم تنظيم الإخوان المصنف إرهابيا، ويقف بقوة مع دولة قطر ويتآمر مع إيران علينا، وما هي فائدة المقايضة بعلاقة السودان مع أكثر الدول دعما له ووقوفا معه لصالح دولة تقف موقف العداء لدول عربية وتتربص بها؟”
“استفزازات الإعلام المصري”
وفي صحيفة “الانتباهة” السودانية يقول كمال عوض في مقالة تحت عنوان “موقف مصري غريب” إن الإعلام المصري يحاول “التقليل من شأن زيارة أردوغان للسودان .. ويكيل الاتهامات” ويصور الزيارة “وكأنها حلقة تآمر ضدهم”.
ويضيف “زيارة أردوغان حركت الرمال تحت أقدام المصريين، فبدأوا في مغازلته وتحدثوا عن إمكانية عودة العلاقات بعد سنوات من القطيعة”.
وفي صحيفة “الجريدة” يقول خالد الضبياني إن سياسات تركيا منذ فترة توحي “باستحالة عودتها للمربع الأمريكي”، ويشير إلى أن تحالفا جديدا “بين الناقمين على السياسة الأمريكية” يولد. ويضم هذا التحالف “السودان، وتركيا وسوريا وروسيا وقطر”.
ويختتم مقاله بالدعوة إلى “عدم الانقياد لاستفزازات الإعلام المصري”، ويقول “مرحبا بمصلحة السودان وشعبه، وإن كان ثمنها التحالف مع قطر وتركيا وروسيا، وحتى إيران وسوريا، ولا وألف لا لتبعية تجردنا من ذاتنا …”.
ويحاول عبدالله إسحق في “الانتباهة” طمأنة الشعب المصري إزاء نتائج زيارة أردوغان للخرطوم. ويقول في مقالٍ بعنوان “اطمئنوا يا مصريين”: “على الحكومة المصرية أن تطمئن ولا تحمل زيارة الرئيس التركي إلى السودان أكثر مما حدد لها، فهي زيارة تكمن أهميتها في أنها جاءت بعد رفع العقوبات الاقتصادية والحصار الاقتصادي الأمريكي عن السودان، وقمة للدول الإسلامية عن القدس الشريف التي انتصرت فيه الدول الإسلامية لصالح القضية الفلسطينية للقدس وإرادة الأمة المسلمة”.
ويضيف الكاتب أن “المطلوب من الأشقاء المصريين أن يفهموا أن السودان بلد حر في عملية بناء علاقاته الخارجية مع تركيا وغيرها من دول العالم الإسلامي والعربي والغربي والأفريقي والآسيوي وفق ما تقتضيه مصالحه الوطنية، فقد انتهى عهد الوصاية والرعاية الأبوية على كل دول المنطقة، وجاء عهد الاحترام والتبادل والتعاون على أسس جديدة ومعايير محددة”.
روسيا اليوم