خمسة أسباب قد تدفع السودان لحرب إقليمية

ظل السودان مشغولا بحروبه الداخلية منذ اندلاع التمرد في جنوب السودان بقيادة جون قرنق، واستمر تلك الحروب إلى أن انتهت بانفصال الجنوب في العام 2011م تحت ضغوط خارجية وإملاءات رضخت لها حكومة السودان طمعا في استقرار البلاد وتحقيق السلام، إلا أنه سرعان ما فتحت جبهة الغرب، وبدأ تمرد جديد ينشط ويعود للساحة السودانية، ولكن لخبرة الحكومة حالت دون توسعه وتمكنت من هزيمته وتصفية قياداته وتحجيم دوره، ولم يعد هناك بديل للقوة الخارجية التي تدعم وتحرض وتقف وراء إضعاف السودان ونهب مقدراته منذ حكم الرئيس جعفر نميري ونجاحها في ذلك الوقت بالحصول على ود الرئيس واستغلاله وابتزازه ليسمح بإقامة مشروع على أرض سودانية خالصة بتاريخها وإنسانها ليعود ريع ذلك المشروع للدولة الجارة مقابل تهجير وإغراق مدينة بأكملها، ولم يكن ذلك مدعاة لمدح السودان أو دافع للاحترام، بل ثغرة لمزيد من الاستغلال، بنفس غربي وبأيادي محلية كان التنسيق والدعم المخابراتي واللوجستي يصب على تحركات التمرد حتى تم إضعاف الدولة التي خالفت النظرية الأمريكية التي تقول: بأن الدولة ليست مؤسسة خيرية، فدعمت كثيرا من حركات التحرر الإسلامي وتبنت مواقف دول عدم الانحياز وآوت رموز وقيادات تلك الحركات حتى اتهمت بالإرهاب تلك الذريعة التي تمنع نصر المسلم لأخيه المسلم.

واليوم بات الأمر واضحا وجليا بأن الدولة مقبلة على صراع جديد يحتم عليها التأهب لرد الاعتبار واستنهاض الوطنية التي ضاعت بين انخداع السودان بالصداقة المزيفة بين عدد من دول المنطقة التي غدرت به سرا وجهرا، ولم يكن التدخل الأوغندي بالبوابة الجنوبية عنا ببعيد في معركة الميل أربعين التي كسر فيها الجيش السوداني كل تشكيلات القتال المشترك بين الخوارج الجنوبيين والمعتدين الأوغنديين، وكان النصر حليفا للإرادة السودانية وتوقف الزحف شمالا وبعد الانتصار، تم الضغط على الحكومة للتنازل عن تلك المكاسب لتسوية بعض الملفات التي أريد لها أن تكون عصا لجزرة لم يقضمها سوى فاسدي الحكومة ومنتفعيها.

واليوم السودان يواجه تحديات كبيرة من شأنها أن تحدد مصيره وتصنع مستقبله وهناك أسباب دولية وإقليمية ستجر السودان إلى المشاركة في حروب التحرير ضد النظام العالمي الذي قضى على كل الأنظمة المجاورة واستبدلها بأخرى كاملة الولاء، ومن تلك الأسباب التي من المحتمل أن تحرك السودان سياسيًا وعسكريًا لعل أبرزها حرب المياه التي استعرت قضيتها وأظهرت للعلن بأن إشكالية عقلية الهيمنة على المياه في نهر النيل تدفع بعض الدول للمطالبة بحقوقها كاملة وإلغاء نصيب الأسد الذي تستحوز عليه آخر دول المصب دونما وجه حق.

وثاني تلك الأسباب الدفاع عن حلفائه في المنطقة كتركيا وقطر اللتان اثبتتا أن السودان هو الوحيد الأقرب إليهما سياسيا وهو الشريك الأجدر بكسر مربع التآمر على الإسلاميين.

ثالثا: التحولات الكبيرة التي طرأت على المنطقة العربية والتي أدت بدورها إلى خلق أنظمة مناوءة لحكم الإخوان المسلمين، وإن كان السودان ينفي تمسكه بمنهج الإخوان المسلمين لإيجاد أرضية تفاهم بين المجتمع الدولي، إلا أن هذه الحجة تعطي تفويضا لحصاره والسعي لإسقاطه.

رابعا: الدور الذي يلعبه السودان على الساحة العربية المضطربة قد تغضب بعض الدول التي ترى السودان منافسا لها، وقد تسعى بذلك إلى جره إلى حرب مباشرة أو حرب بالوكالة.

خامسا: الصراع بين التحالفات السياسية التي ينتمي السودان إلى أحد طرفيها يحتم عليه مناصرتها عند التصعيد، خصوصا قطر التي قد تتعرض لهجوم عنيف بحكم مواقفها القريبة من الموقف السوداني المخالف لبعض سياسات الانقسام بالتحديد في ليبيا ومصر.

ساسة بوست

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.