كاتب مصري: 4 خطوات مصرية لاحتواء شباب السودان

لعل أهم ما خرجت به القمة الإفريقية التى انعقدت خلال الأيام الماضية فى أديس أبابا، هو تلطيف الأجواء فى العلاقات بين مصر والسودان، التى اعتراها قدر كبير من الجفوة فى الأشهر الأخيرة. فكم كان وزير الخارجية السودانى إبراهيم غندور بليغا عندما قال فى المؤتمر الصحفى الذى جمعه مع وزير الخارجية سامح شكرى: «إن العلاقات المصرية ــ السودانية مقدسة، لكن فى بعض الأحيان تحصل بعض الإشكالات حتى فى المقدس»، فى إشارة إلى أنه لا توجد علاقات بين دولة وأخرى مهما كانت درجة متانتها لا تشهد خلافات، باعتبار أن ذلك وارد حتى فيما وصفه الوزير بـ«المقدس».

ما سرع وتيرة ذوبان الجليد بين القاهرة والخرطوم اللقاء الثنائى الذى جمع الرئيسين السيسى والبشير على هامش القمة الإفريقية أيضا، والذى وصفه البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية بأنه «لقاء اتسم بالأخوية والمصارحة والمكاشفة على خصوصية وقوة العلاقات المصرية السودانية».

(2)

يمكن أن نقول إن القاهرة والخرطوم قد تجاوزتا حالة الجمود فى العلاقات التى استمرت طيلة الأشهر القليلة الماضية، لكن من الصعب القول بأنه قد تم تجاوز ما خلفته هذه الأشهر ــ وما قبلها من خلافات على مدى العقود الثلاثة الأخيرة ــ على صعيد ترسيخ صورة ذهنية نمطية عن مصر فى مخيلة قطاع كبير من الشباب السودانى، تم تأطيرها فى: «مصر التى لا تحب الخير للسودان»، أو «التى تمارس الاستعلاء على السودانيين» أو «الساعية لفرض الوصاية على الخرطوم».

القيادات المصرية والسودانية على السواء يتهمان الإعلام فى التسبب فيما آلت إليه هذه الأوضاع بين شعبى وادى النيل، فى حيلة دفاعية لا شعورية تعرف فى أدبيات علم النفس بـ«الإسقاط»، وكأن الخلافات السياسية المتكررة بين البلدين ليست مسئولة عن هذه الصور الذهنية المشوهة والخطيرة فى العلاقة بين الشعبين الشقيقين.

هذا المعنى كان محور حديث طويل لى مع مسئول سودانى رفيع قبل عدة أيام، قال لى بالنص: «أنا ممن ينظرون لعلاقاتنا مع مصر من زاوية استراتيجية بعيدة المدى.. أشعر بقلق بالغ لتنامى تيار داخل السودان أغلبه من الشباب نظرته لمصر شديدة السلبية، أنتم لا تنتبهون لحقيقة مهمة، وهى أن الشباب السودانى يتابع بشغف القنوات الفضائية المصرية، ويطل باهتمام على صحفكم، فيما ينحصر الاهتمام المصرى بالسودان فى نخب أكاديمية ضيقة، والخطورة أن ما يبثه الإعلام المصرى عن السودان ملىء بالسلبيات التى يمكن لها بفعل التراكم أن تنشئ حاجزا نفسيا كبيرا بين الشعبين، ولا أعفى الإعلام السودانى من المسئولية أيضا».

المسئول السودانى أضاف بأن نصف وزراء الحكومة السودانية الحالية تلقوا تعليمهم فى مصر، أى امتزجوا بأهلها ويعرفون مشاعر رجل الشارع المصرى تجاه السودان، لكن هذا الأمر سيتغير بعد سنوات قليلة، ذلك أن الجامعات المصرية لم تعد تتلقى طلابا سودانيين كثر كما كان الحال فى الماضى.

(3)

يبقى السؤال: ماذا علينا أن نصنع لكبح التيار المعادى لمصر من الشباب السودانى بغض النظر عمن تسبب فى تغذيته؟
فى هذا الصدد أقدم جملة من المقترحات، القابلة للأخذ منها والرد عليها فيما يلى:
• تخصيص منح دراسية لأعداد من الطلاب السودانيين المتفوقين من مختلف أنحاء السودان فى الجامعات المصرية الحكومية والخاصة.

• إقامة أسبوع لشباب الجامعات المصرى ــ السودانى، بحيث يمتزج فيه شباب ممثلون لمختلف الجامعات المصرية والسودانية، لتكون مناسبة لتعارف حقيقى بينهم، على أن يعقد بالتناوب.. مرة فى جامعة مصرية والتى تليها تستضيفه جامعة سودانية.

• بعيدا عن الحديث الرسمى عن ميثاق شرف إعلامى يلتزم به الإعلاميون فى مصر والسودان عند تغطية شئون البلدين أقترح إفساح المجال لتبادل زيارات بين الصحفيين المصريين والسودانيين، لا تكتفى بالعواصم، بل تستهدف الأطراف.. نريد فى مصر مثلا أن نقدم معرفة حقيقية عن السودان وثقافته المتنوعة، الذى بات مجهولا لقطاعات كبيرة من الشعب المصرى.

• اتفاق القنوات التلفزيونية فى كلا البلدين على إنتاج برامج مشتركة تبث فى توقيت واحد تعظم من فوائد التكامل بين الشعبين، مع التأكيد على أنه حتما سيكون هناك نقاط خلافية بين البلدين، وأنه لا تطابق تام فى وجهات النظر بين أى حكومتين وشعبين مهما كان عمق العلاقات بينهما لكن الأهم هو صون واحترام حق الاختلاف.

خالد أبو بكر
صحيفة الشوق المصرية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.