قيادي بالمؤتمر الوطني: المعارضة السودانية أخطأت باستغلال احتجاجات غلاء الأسعار

قال قيادي بحزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان، إن أحزاب المعارضة في البلاد ارتكبت خطأ رئيسيا عندما حاولت استغلال احتجاجات موجة الغلاء لإسقاط النظام (يرأسه عمر البشير)”.

وفي مقابلة مع الأناضول، أوضح عضو القطاع السياسي بالحزب، عبد السخي عباس، أن المعارضة كانت “تتحدث حول تعبير جماهيري عن حالة الغلاء (..) لكنها حاولت استغلال الأمر لإسقاط النظام، بما يخدم أهدافها الحزبية الضيقة”.

واعتبر عباس أن ذلك “أفشل محاولاتها بالتأكيد”.

ومنذ مطلع يناير/ كانون الثاني الماضي، تشهد العاصمة الخرطوم ومدن سودانية أخرى احتجاجات شعبية، تنديدا بغلاء المعيشة وسوء الأوضاع الاقتصادية.

وأضاف عباس “على الرغم من أن الاحتجاجات قادتها كوادر الأحزاب السياسية، ومنظمات المجتمع المدني -كأفراد متأثرين- فإنها كانت بقرار جماهيري”.

ورأى أن “إحساس المعارضة بتهاوي النظام هو الذي أفشل طريقة التعبير”.

وأشار عباس أن “ذلك جعل الحكومة تتعامل بعنف وعنف مفرط بعض الأحيان، وهذا لم يكن مقبولا، وإن كانت المعارضة هي التي دفعت لاتخاذ مثل هذا السلوك”.

وتابع: “محاولة اهتبال (استغلال) الفرصة لإسقاط النظام بحجة أن الأوضاع الاقتصادية سيئة، أفشلت الاحتجاجات”.

وفي يناير/كانون الثاني الماضي، استدعت المعارضة السودانية المدنية بأحزابها المختلفة “كل قواعدها للتظاهر سلميا وعدم التنازل عن إسقاط النظام مهما كلفها من ثمن”.

**دعوة الحكومة للتراجع

في السياق ذاته، دعا عباس “الحكومة إلى التراجع عن الإجراءات الاقتصادية الأخيرة، باعتبارها لم تؤدِّ النتائح المطلوبة”.

وأقرت الحكومة إجراءات اقتصادية في ميزانيتها للعام الحالي 2018، أدت إلى ارتفاع في أسعار السلع الأساسية، بما فيها الخبز.

ويعاني السودان من شح في النقد الأجنبي بعد انفصال جنوب السودان في 2011، وفقدانه لثلاث أرباع موارده النفطية التي تقدر بـ80% من موارد النقد الأجنبي.

وتابع عباس: “كل مؤشرات الاقتصاد تصاعدت، ولم تتراجع سواء على صعيد سعر الصرف، والتضخم، وحركة الإنتاج، وتقليل الواردات، وتعزيز الصادرات، وتحسين مستوى المعيشة”.

وأضاف: “بعض المعنيين بقضية الاقتصاد والموازنة (في الحكومة) يعتقدون بإمكانية تحسن الوضع مستقبلا، لكنه مر أكثر من شهر ولم تظهر أي مؤشرات”.

ودعا القيادي بالحزب الحاكم إلى وجوب التراجع عن هذه الإجراءات، و”وذلك ليس عيبا”.

عباس قال أيضا: “نحن كحزب (حاكم) معنين بتوصيل صوت المواطن للسلطة، وهذه الإجراءات قاسية، ينبغي التراجع عنها، لأنها أثبتت بالممارسة العملية أنها لم تؤدِّ النتائج المطلوبة”.

وأوضح عباس أن “الحكومة قصدت الإصلاح من وراء الإجراءات الاقتصادية، وهي فكرة صائبة، لكن الخطأ الذي وقع فيه واضعو السياسة الاقتصادية، أنهم لم يتدرجوا في تنفيذها”.

وتضمنت إجراءات الحكومة على الصعيد الاقتصادي، رفع الدعم عن السلع، وتوحيد سعر الصرف، وتشجيع الإنتاج، ورفع القيمة الجمركية للسلع المستوردة من الخارج.

**التوتر مع دول الجوار

وعلى صعيد مختلف متعلق بالتوتر مع دول الجوار (مصر وإرتريا)، قال عباس: إن “النظام الحاكم المصري يعتقد أن الإسلام السياسي المهدد الرئيسي لمسيرة الدولة بمصر”.

وأوضح: “يعتقد (النظام المصري) أن (ثورة) الإنقاذ (بقيادة البشير 1989) امتداد طبيعي لهذا المُهدد، بالتالي ظل يقول إن النظام بالسودان يدعم (جماعة) الإخوان المسلمين بمصر”.

وأكد أن “الصورة ليست بهذا التطابق في الواقع”.

وأضاف: “ظلت مصر تضع السودان في قائمة المهددات لأمنها القومي، كما أن إسرائيل تعتبر نظام الخرطوم من مهددات مشروعها، وبالتالي على حلفاؤها في المنطقة والشرق الأوسط وعلى رأسهم مصر، القيام بدور لمحاصرة الواقع”.

وتابع: “مصر وإرتريا تعتبران الأذرع الرئيسية للسياسة الإسرائيلية في المنطقة والقرن الإفريقي”.

واعتبر عباس أن “التوتر (بين الدول الثلاث) ليس بسبب زيارة (الرئيس التركي رجب طيب) أردوغان إلى السودان (في ديسمبر/كانون الأول الماضي)”.

واستدرك القول: “لكن هذه حلقة متصلة من الأساليب التي يتخذها النظام المصري لمحاصرة نظام الخرطوم”.

وتابع، “لقاء البشير والسيسي في أديس أبابا (الشهر الماضي) لا يمنع تكرار الأزمة بين البلدين لكنه يغير التكتيك”.

واعتبر عباس أن “مصر بوضع ضعيف فيما يتعلق بقضية مياه النيل، وهذا جعل المصريين الآن يتخذون مواقف متراجعة تكتيكيا وليس استراتيجيا”.

وشدد على أن مصر لن تغير استراتجيتها تجاه نظام الخرطوم، لكن التكتيكات التي اتخذتها مؤخرا، تم التعامل معها بشكل حازم جدا، سواء من الجانب السوداني أو الإثيوبي.

ومضى قائلا: “تغير حكومة السيسي مع السودان مرحلي، لأنها تحتاج إلى الهدوء في العلاقة حاليا، حتى تتمكن من تسوية ملف المياه وسد النهضة”.

ومن آن إلى آخر تشهد العلاقات بين السودان ومصر توترا ومشاحنات في وسائل الإعلام، على خلفية قضايا خلافية، منها: الموقف من سد النهضة الإثيوبي على نهر النيل، كان أحدثها في 4 يناير الماضي، باستدعاء السودان سفيرها لدى القاهرة، عبد المحمود عبد الحليم.

عباس قال أيضا إن “زيارة أردوغان إلى السودان، جعلت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وبنصائح كثيرة من مخابرات بعض الدول (لم يحددها) يتراجع عن أي سلوك لمحاصرة السودان عسكريا، سواء عن طريق إرتريا أو عن طريق خليفة حفتر في ليبيا، أو عن طريق الحركات المتمردة في دارفور أو الحركة الشعبية/ قطاع الشمال”.

وعقّب قائلاً: “إن تركيا جزء من من تحقيق التوازن في المنطقة”.

**التقارب مع تركيا

وأشار عباس إلى “تطابق وتشابه إلى حد كبير بين القوى السياسية في السودان الآن، ونظيراتها في تركيا، وقد شكلت الخلفية الإسلامية، إضافة جديدة لهذا النوع من العلاقة التاريخية”.

وأضاف: “العلاقة مع تركيا تأخرت جدا، ولم يكن التقارب السياسي والتبادل التجاري والتنسيق الدولي بالمستوى المطلوب، خلال وجودنا بالحكم على مدار 28 عاما الماضية، بما يتناسب مع واقع العلاقة التاريخية بين البلدين”.

وأنهى الرئيس التركي، في 26 ديسمبر/ كانون الأول الماضي زيارة إلى السودان، برفقة 200 رجل أعمال، في إطار جولة إفريقية، وشهدت الزيارة توقيع 21 اتفاقية في مجالات مختلفة.

وتطورت العلاقات الثنائية بين السودان وتركيا بعد وصول حزب “العدالة والتنمية” إلى السلطة في تركيا عام 2002، وشهدت تحسنًا لافتًا خلال الفترة اللاحقة.

الاناضول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.