كيف أطاح الرئيس البشير بالمدير السابق لجهاز الأمن

فوجئ المراقبون بقرار الرئيس السوداني عمر البشير، صباح الأحد 11 فبراير/ شباط 2018، بإقالة الفريق محمد عطا المولى، مدير جهاز الأمن والمخابرات وإعادة تعيين الفريق صلاح عبدالله الشهير باسم الفريق صلاح قوش من جديد مديراً لجهاز الأمن والمخابرات السوداني، بعد أن كان قد أقيل من هذا المنصب في أغسطس/آب 2009.

مصدر في الحزب الحاكم، فضل عدم ذكر اسم، تحدث لـ “هاف بوست عربي” عن ارتباط وثيق بين إقالة الفريق عطا وتعيين الفريق قوش وملف العلاقات السودانية المصرية المتوترة منذ مدة ليست قصيرة، فالرئيس حسب المصدر لم يكن راضياً عن مخرجات الحوار الذي ضمَّ وزيري خارجية السودان ومصر ومديري جهازي مخابراتهما، ولذلك لم يصدر قرار بإعادة السفير السوداني للقاهرة حتى الآن.

الحرب الاقتصادية

سبب آخر عجّل بإقالة الفريق محمد عطا، حسب المصدر الحكومي دائماً، ويتمثل في فشل الأجهزة الأمنية في إحباط ما وصفه الرئيس السوداني بالحرب الاقتصادية على السودان، التي تشنها مصر، وذلك عن طريق طباعة عملات سودانية مزيفة ثم شراء الدولار من السوق السوداء من أجل رفع سعر الدولار أمام الجنيه، مما جعل الدولار يقترب من عتبة الخمسين جنيهاً، وهو ما تم في الأسابيع الماضية، ما تسبب في انهيار حاد في سعر الجنيه السوداني أمام الدولار، واضطر البنك المركزي إلى تخفيض قيمة العملة.

وكان النائب العام السوداني قد كشف قبل أيام عن القبض على أفراد قادمين من مصر، يحملون مبالغ مالية مزورة ضخمة من فئة أوراق الخمسين جنيهاً، وتمت إحالتهم إلى نيابة أمن الدولة العليا للتحقيق معهم، ولذلك فالفريق قوش قادم لحسم هذه الملفات مع مصر، بما يتمتع به من خبرات سابقة.

ويضيف المصدر أن المسألة ليست متعلقة بمصر فقط، وإن كان ملف العلاقات مع مصر هو الملف الرئيسي، إلا أن هناك ملف العلاقات مع دول الخليج وحرب اليمن، وملف العلاقات مع أميركا، الفريق صلاح قوش هو الأقدر على إحداث فرق في هذه الملفات، نظراً لدوره السابق في مكافحة الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول.

من التخطيط إلى التنفيذ

ويكشف مصدر لـ”هاف بوست عربي” أن الفريق محمد عطا كان ضابطاً ممتازاً في جمع المعلومات، لكن عمل جهاز الأمن في بلد مثل السودان، يجب ألا يقتصر على جمع المعلومات، بل التخطيط والتنفيذ ومجابهة “أعداء الداخل والخارج، ولذلك فقد تمت إعادة الفريق صلاح قوش لخبرته في الجهاز وقدرته على اتخاذ القرارات المناسبة، وتم منحه الصلاحيات اللازمة لإحباط أي مؤامرة خارجية على البلاد”.

يذكر أن الفريق صلاح عبدالله هو خريج كلية الهندسة جامعة الخرطوم، وكان يعمل مهندساً إلى جانب نشاطه في مكتب أمن حزب الجبهة الإسلامية القومية، وفي الفترة التي أعقبت انقلاب الإنقاذ، 30 يونيو/حزيران 1989، انضم قوش إلى جهاز الأمن، وتنقل في صفوفه حتى وصل إلى رئاسة جهاز الأمن والمخابرات، بعد دمجهما مع بعضهما في 2005.

وكان أبرز إنجازاته توقيع اتفاق تعاون مع الولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب، لكنه ما لبث أن تمت إقالته من رئاسة جهاز الأمن والمخابرات، في أغسطس/آب 2009، وتم تعيينه في منصب مستشار لرئيس الجمهورية في الشؤون الأمنية، ولم يستمر في هذا المنصب، إذ تم اعتقاله في نوفمبر/تشرين الأول 2012، بتهمة التدبير لمحاولة انقلاب عسكري بالتعاون مع مجموعة من الضباط متوسطي الرتب في القوات المسلحة، ثم تم العفو عنه، واتجه إلى العمل البرلماني والتجارة، قبل أن يعيده الرئيس البشير إلى رئاسة جهاز الأمن والمخابرات من جديد.

هاف بوست عربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.