(10) يحتكرون الدولار و(4) القمح الحكومة والتُجّار.. حرب الأرقام المكشوفة

لم يكن حديث وزير الزراعة والغابات دكتور عبد اللطيف العجيمي عن احتكار 4 أفراد لاستيراد القمح بالصادم أو المفاجئ حيث سبق وأن صرح وزير التعاون الدولي السفير إدريس سليمان عن احتكار 4 مطاحن استيراد وطحن القمح بالبلاد. ذات الوزير سبق وأن صرح بوجود عشرة أشخاص يسطرون على سوق الدولار، قبل أن يعود يؤكد إعلان مع الحرب عليهم من قبل الحكومة والتضييق عليهم بغية هزيمتهم في معركة كسر العظام التي أصبحت مكشوفة بعد تحديد الحكومة لأشخاص معروفين، والقول بأنهم وراء احتكار الدولار والقمح، غير أن بعض الخبراء يتساءلون عن كيفية السماح لهؤلاء التجار بالتوسع في الاحتكار في كافة المجالات؟ وحول الكيفية التي تستطيع الحكومة التخلص منهم؟

صناعة حكومية
الخبير الاقتصادي دكتور بابكر محمد توم لا يستبعد أن تكون الحكومة هي من صنعت هؤلاء الأشخاص وتمكين شركاتهم الحكومية التي قال عنها إنها تعمل بانتقاء وتتعامل مع عدد محدود بطبيعة تركيبتها، لجهة أن الشركات الحكومية لا تعمل في أجواء من المنافسة، مؤكداً في حديثه للصيحة أن هذه الشركات لا تعلم بعمليات الشراء، راهناً القضاء على محدودية الأشخاص الذين لديهم تأثير بتحقيق انفتاح ومنافسة أكبر وفرصة أكبر لتقوية القطاع الخاص ومؤسساته، مبيناً أن النظرية الاقتصادية الخاصة بالتحرير تقوم على عدم وجود عدد قليل يتحكم في السعر والكمية، مضيفاً أن هذا يعد من موجبات الاقتصاد الحر، جازماً بأن ذلك أحد مشكلات الشركات الحكومية التي لا يوجد فيها الإلمام بالآليات الحقيقية التي تؤثر على الاقتصاد أو السوق بجانب عدم الاكتراث لها لتنال الأفضل، لذا فهي دوماً ما تكون فريسة للتعامل مع عدد محدود من الأشخاص.

إلغاء الشركات
وقطع التوم بأن هزيمة وكبح جماح المحتكرين للدولار والقمح يأتي عن طريق إلغاء الشركات الحكومية، مضيفاً أن هذا الإجراء تم إعلانه من قبل الدولة بالتخلص من الشركات الحكومية الموجودة في السوق، مؤكداً أن الإسراع في التخلص من الشركات الحكومية يفتح الباب واسعاً وحماية الاقتصاد من تأثير فرد أو أفراد بجانب وفرة سلع أو أسعار، منادياً بضرورة عدم احتكار صادرات السودان في أسواق عالمية بعينها كبيع الذهب في دبي، داعياً إلى البحث عن بدائل أخرى مثل الصين واليابان، بجانب ضرورة عدم استيراد القمح من دولتين أو ثلاث، وإنما يجب أن تمتد العلاقة أكثر لقطاع أكبر من الشركات والدول، وأضاف أن المطلوب من الوزراء الذين تحدثوا عن وجود أشخاص يتحكمون في العملة واستيراد القمح أن يعوا أن السبب في ذلك الشركات الحكومية التي توجد في جميع الوزرات، وعليهم بالسعي بموجب التوجيهات العامة في خصصة الشركات التابعة لهم عبر الجهاز المكلف بالخصخصة، مؤكداً أن الدولة غير بطئة في خصخصة الشركات بيد أن الوزراء يجب أن يبدأوا بالتخلص من الشركات التابعة لوزارتهم، مستغرباً من شكوى الوزارء حول سيطرة أشخاص على العملة واستيراد القمح ولديه شركات حكومية تتيح لهم ذلك، وقال إن استيراد القمح مفتوح لأي جهة لديها القدرة على الاستيراد، متوقعاً انخفاض سعره نتيجه لتحريره خلافاً لما كان يحدث في السابق حين كان استيراده محتكراً لشخص أو شخصين، مشيراً إلى أن هذه تعد من الأخطاء التي اضطرت إليها الحكومة في فترة من الفترات حين كانت في حاجة مستعجلة للقمح رغم أنها تعلم أن هنالك شخص واحد قادر على ذلك، داعياً إلى ضرورة التنظيم والترتيب قبل سنة لسد حوجة البلاد من القمح على مدار العام عبر أساليب اقتصادية وقائية يمكن أن تتخذ.

اعتراف بالواقع
وزير الدولة بوزارة المالية الأسبق دكتور عز الدين إبراهيم أشار إلى أن حديث الوزيرين عن سيطرة بعض الأشخاص على السوق الحر يؤكد الحاجة الماسة لإنشاء أسواق للمحاصيل والعملات الأجنبية، وقال لـ(الصيحة) إن هنالك مفاهيم اقتصادية خاطئة كاعتقاد البعض بأن تحرير السوق سيعمل على زيادة الأسعار، وأضاف بحسب حديث وزيري التعاون والزراعة فإن هنالك أشخاص بعينهم يتحكمون في السوق ومن ثم تتحدث الدولة أنه سوق حر متسائلاً بقوله: “كيف يستقيم ذلك؟”، داعياً الدولة للاعتراف بالواقع وتحديد سعر الصرف في سوق مفتوحة بها شفافية.

وضع مقلوب
فيما يتعلق بعجز الدولة في محاربة هؤلاء الأشخاص – رغم معرفتها التامة بهم – يقول عز الدين إن من المفترض على الوزراء عدم وضع أنفسهم في منزلة المواطنين ويشتكون للإعلام، وإنما الصحيح هو أن المواطن هو من يشتكي وأن السلطة هي التي تستجيب لتلك الشكاوى، أما الوزراء فعليهم رفع شكواهم إلى مجلس الوزراء أو رئاسة الجمهورية في جلسات مغلقة يترتب عليها اتخاذ إجراءات حاسمة لحل المشكلات، واصفاً حديث الوزراء بالحالة الفريدة وأنها (وضع مقلوب). وزاد “باتت المسألة “جيبناك يا عبد المعين تعين لقيناك تتعان”، مبدياً استغرابه من حديث الوزارء للإعلام علناً وليس في جلسات خاصة. وتابع “في هذه الحالة إلا نأتي بأمريكا أو إسرائيل لمعالجة الوضع “، لافتاً إلى أن الاحتكار سياسة غير صحيحة لأنه يجعل الأشخاص الذين يقومون بعملية الاستيراد هم المسيطرون على الأسعار، لافتاً إلى أن فكرة إنشاء بورصة للتحديد سعر الصرف تمت محاربتها من قبل البعض بالرغم من شفافية الشراء والبيع.

اتهامات مبطنة
دائرة الاتهام في البلاد تتسع وتوجه أصابع الاتهام لأفراد بعينهم ربما لم تنحصر على الدولار أو القمح لتشمل بقية السلع الاستراتيجية التي تدعمها الدولة مثل الدواء والمحروقات التي تشهد هي الأخرى صراعاً بدأ يظهر للعلن من قبل الشركات المستوردة الأمر الذي يعني أن العملية الاقتصادية فيما يتعلق بالشراء والبيع تسير وفق مصالح شخصية تنخر جسد الاقتصاد السوداني دون رحمة، وهو أمر بدوره يستدعي تدخلاً جراحياً عاجلاً من قبل أجهزة الدولة على حد قول خبراء اقتصاديين.

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.