المدير العام لهيئة المواني…رفضنا عرض شركة دبي لتشغيل ميناء بورتسودان.. مضاره أكبر من منافعه!!

جالساً في مكتبه في هيئة الموانئ السودانية ينفي مديرها العام جلال شلية الاتجاه نحو التخلص من ميناء بورتسودان بالبيع.. الرجل في حواره مع (اليوم التالي) لا ينفي (الخصخصة) باعتبارها سياسة دولة معلنة لكن يتحدث عن توفر مجموعة من الضوابط لإنجازها يقول أنهم يبحثون عن شركة تساهم في تشغيل الميناء ويبرر رفضهم لعرض شركة موانئ دبي بأن الأمر قد يتجاوز تحقيق المنافع الاقتصادية لمنافع سياسية وهو يستدعي تجارب تشغيل (دبي) لموانئ أخرى في المنطقة ولا يستقيم عقلاً أن تنافس نفسها بنفسها ونفى أيضاً أن يكون لمصر دور في إيقاف تشغيل ميناء أوسيف وأن الأمر ينتظر قرارا من الدولة.. عدة قضايا ناقشها مدير هيئة الموانئ السودانية في حواره مع اليوم (التالي) فإلى ما قاله:
أنت الآن مدير لهيئة معروضة للبيع؟
أولاً الأمر لا يبدو مثل ما يحاول الكثيرون توصيفه ونعته ببيع الموانئ والتخلص منها مثلها وأي سلعة هذه أمر غير منطقي وينافي قيم التفكير المصلحي الحقيقي لا توجد دولة عاقلة تنتهج إغلاق أبوابها بيدها وأؤكد لك أنه لا اتجاه للتخلص من ميناء بورتسودان بالبيع.
لكن الحكومة أعلنت منذ التسعينات سياسة (الخصخصة)؟
نعم هذا الأمر صحيح وسياسة الخصخصة هي سياسة معلنة وتم تنفيذها في بعض المؤسسات وطوال السنين السابقة كان الاتجاه العام هو السعي لخصخصة ميناء بورتسودان ووفقاً لهذه السياسة فقد توقفت هيئة الموانئ من استيعاب موظفين جدد تحت دعاوى أن المؤسسة في انتظار خصخصتها وهي السياسة التي دفعت الموانئ فاتورتها في انقطاع عملية تواصل الأجيال ونقل التجارب بين الأفراد قبل أن يتم تجاوزها مؤخراً.
تنفي بيع الميناء وتؤكد على استراتيجية الخصخصة الا يبدو الأمر متناقضاً؟
لا، ليس هناك تناقض حين يتعلق الأمر بعقود تشغيل للموانئ السودانية وللمعلومية فإن ميناء بورتسودان تم توقيع عقد تشغيله بواسطة شركة فليبينية متخصصة في تشغيل الموانئ وامتد العقد لحوالي ثلاث سنوات قبل أن ينتهي العقد بين الطرفين وهي تجربة كانت لها آثارها الإيجابية على ميناء بورتسودان خصوصاً وأنها جاءت بالتزامن مع وقوع البلاد تحت طائلة العقوبات الأمريكية.
هل تتبنون كإدارة موانئ موقفا ضد الخصخصة؟
لسنا ضد الخصخصة لكن عندنا مداخل نعتقد أنها الأميز ورؤيتنا أن الشراكات الذكية في الإدارة هي الأفيد والأصلح للموانئ السودانية بشكل عام.
الأمر يحتاج للمزيد من الشرح
يعني أنه لا اتجاه لبيع ميناء بورتسودان أو خصخصته، وكما ذكرت فإن الحديث عن الدخول في جزء من الموانئ فنحن لدينا عدد من الموانئ المتخصصة ولديننا القدرة على إدارتها بما يمكن من تطويرها مستفيدين في ذلك من رفع العقوبات الاقتصادية علينا ولدينا أفضل الميزات في الموانئ حيث الأحواض والأعماق الطبيعية وطالما استطعنا العمل بقدرات وطنية خلال فترة الحصار يعني يمكن أن نطور هذه الموانئ بقدراتنا دون الحاجة لدخول آخرين معنا ومشاركتنا في مواردنا التي تدخل الخزينة العامة.
رغم النفي إلا أن مندوبي شركة موانئ دبي وصلوا إلى بورتسودان وتناقل البعض أنهم امتلكوا الميناء؟
هذا الأمر غير صحيح وكل الذي تم هو أن شركة دبي العالمية طلبت التعاقد معها لإدارة ميناء الحاويات ببورتسودان وقدمت لنا عرضها بتعاقد إيجاري، لكن وزارة النقل قررت طرح التعاقد في عطاء لشركات عالمية للمنافسة وعندها ممكن تاتينا شركات بميزات أفضل، فلدينا تجربة مع شركة فلبينية عالمية تدير 27 ميناء حول العالم تعاقدت معنا في السابق على إدارة ميناء الحاويات لمدة ثلاث سنوات استفدنا منها في تدريب العاملين السودانين في إدارة الموانئ وهذه الشركة عملت معنا في فترة الحصار، وانتهى عقدها في أكتوبر الماضي، والآن أصبحنا ندير موانئنا لوحدنا وسنواصل في هذا الاتجاه.
لكن في ظل تراجع حالة الموانئ السودانية لماذا رفضتم عرض شركة موانئ دبي لتشغيلها وهي أصلاً تشغل عدداً من الموانئ في البحر الأحمر؟
هنا الإجابة تبدو في السؤال نفسه، شركة موانئ دبي تقوم بتشغيل أربعة موانئ في البحر هي ميناء عدن في اليمن وميناء جدة بالباطن وميناء جيبوتي والعين السخنة في مصر فلماذا تضيف إليها ميناء بورتسودان؟ هل هناك شركة تنافس نفسها؟
تبدو في حديثك وكأنك تتهم شركة دبي بمحاولة السيطرة على البحر الأحمر؟
نحن في الموانئ قمنا بتقييم طريقة إدارة الشركة آنفة الذكر وتوصلنا إلى نتيجة مفادها أن معظم الموانئ التي تديرها دبي تراجعت وعلى رأس هذه الموانئ ميناء عدن في اليمن رغم الميزات النسبية التي يمتلكها وهو أمر كافٍ لإعادة النظر في إمكانية إعطاء حق تشغيل ميناء بورتسودان لدبي.
هل يبدو الهدف من تقديم العرض سياسيا أكثر منه اقتصاديا؟
المعلوم أن ميناء بورتسودان يمثل منفدا إلى أفريقيا عبر البحر الأحمر وهو يتجاوز البعد الاقتصادي إلى بعد استراتيجي في مقومات قوة وضعف الدولة. ما يمكن تأكيده هنا هو أن شركة موانئ دبي هي الوحيدة التي تقدمت بعرض للتشغيل وحين قيمناه وجدنا أن مضاره يمكن أن تكون أكبر من منافعه وهو مبرر كافٍ للرفض وبالطبع الوصول إلى نتيجة مهمة جداً (ما حك جلدك مثل ظفرك).
لكن يبدو السؤال المهم: هل تمتلكون القدرة على إدارته؟
نعم نملك قدرة إدارة ميناء بورتسودان وهو أمر كنا نفعله طوال السنوات السابقة ولن يعجزنا مستقبلاً خصوصاً وأننا نمتلك المقدرات لهذا الفعل وهو لا يعني أن الأمور تمضي من دون مشكلات نعم هناك عدد من المشكلات لكننا سنعبر فيها إلى الأمام.
مثل مشكلة التكدس؟
أولاً لا يوجد تكدس واستخدام لفظ (تكدس) في الميناء تعني أن العمل متوقف تماماً وأنه لا يمكن دخول أو خروج أي باخرة وهو ما يعني أنه لا ميناء في الأصل كل ما يحدث الآن هو مجرد ازدحام لحاويات افترضته أسباب معينة وانتهى الآن.
رغم نفيكم لعملية بيع الميناء إلا أن شكاوى العمال من التشريد ما زالت مستمرة؟
لن يتم تشريد العاملين وحتى المطروح هو إدارة ميناء الحاويات وهو أحد الموانئ المتخصصة التي تمتلكها هيئة الموانئ السودانية وهذا الأمر سيصب في مصلحة العاملين إن تم بجانب أنه سيسهم في فتح فرص عمل جديدة لآخرين بعد تطويره ودخول اليات بالطبع تحتاج لعمالة لتشغيلها لكن ليس هناك اتجاه للاستغناء عن أي عامل بالميناء بل على العكس من ذلك فحتى الذين تقاعدوا قامت الموانئ ورئاسة الجمهورية بمنحهم معاشا استثنائيا وهو ما يؤكد أن الاهتمام بالعمال وتحقيق مطالبهم من أولويات هيئة الموانئ وأنها تقدر ما قدموه لهذه البلاد وسيكون الجزاء من جنس العمل.
دفع هذه المبالغ للعمال لن يؤثر على الميزانية؟
بالعكس هذا العام زادت إيرادات هيئة الموانئ في شهر يناير بنسبة 13 % وهو ما ينفي الحديث الذي يدور حول التكدس داخل الموانئ ويؤكد أيضاً على أن الأمور المالية والفنية تمضي بسلاسة.
على ذكر الإيرادات كم هي الموارد التي تدخلها الموانئ على خزانة الدولة؟
هذا السؤال أجابته في وزارة المالية بالمركز وليس من اختصاصاتي.
يقول الكثيرون إن الموانئ السودانية تبدو متخلفة مقارنة بالموانئ العالمية؟
الأمر ليس صحيحاً نحن نعمل بجهد من أجل اللحاق بالآخرين في العالم ويمكن التأكيد على أن الموانئ السودانية تبدو الأفضل مقارنة بالموانئ في المنطقة الأفريقية وهي أفضلية لا تتعلق فقط بالموقف وإنما بعوامل العمق والقدرة على استقبال السفن كما أننا نقوم الآن بتطبيق نظرية التخصصية في إنشاء الموانئ طبقاً للحاجة.
إن كان ذلك صحيحاً فلماذا فضلت إثيوبيا ميناء جيبوتي على الموانئ السودانية؟
أولاً ميناء جيبوتي ليس أفضل من الموانئ السودانية وعملية المفاضلة ترتبط بشكل كبير بالموقع الجغرافي وبتوفر وسائل الدخول والخروج من الميناء، مثلاً هناك خط سكة حديد رابط بين أديس أبابا وجيبوتي يضاف لذلك الطريق البري الرابط بين الدولتين هذه العوامل من شأنها أن تجعل جيبوتي خيارا أفضل من بورتسودان. لكن رغم ذلك فإن معظم الوارادات والصادرات من وإلى الغرب الإثيوبي تمر عبر الموانئ السودانية، وهناك عامل آخر هو أن عملية تفريغ الباخرة التي تأخذ خمسة عشر يوماً في بورتسودان تأخذ أربعين يوماً في الموانئ الجيبوتية، والمؤكد أن معظم صادرات الحبوب الإثيوبية تأتي عبر الميناء الأخضر ببورتسودان. لدينا عدد كبير من الميزات النسبية التي تجعلنا الأفضل في البحر الأحمر فمثلا البواخر عندنا تفرغ شحناتها في فترة لا تتجاوز الـ(21) يوما خاصة بواخر السماد فمثلا في ميناء جيبوتي تأخد نحو (90) يوما ونحن أسرع وأفضل من جيبوتي وغيره من الموانئ المطلة على البحر الأحمر.
تحدثتم عن تأثيرات العقوبات الاقتصادية على عملكم فما هي استراتيجيات عملكم ما بعد رفعها؟
بالرغم من الحصار الاقتصادى على السودان الذي استمر زهاء العشرين عاما نحن كنا نطور في الموانئ ووضعنا خططا وبرامج جاهزة لمرحلة ما بعد الحصار فطورنا ميناء بورتسودان الحاويات برافعات وافتتحنا في العام 2011م الميناء الأخضر وطورناه وهو أحسن الموانى الغاطسة وهيأنا ميناء سواكن ووسعنا مداخله لأكبر البواخر التي يمكن أن تدخل الى الميناء وأضفنا أرصفة 16 مترا والآن نعمل في زيادتها إلى 18 مترا وهو الـ(ستاندر) العالمي للأرصفة وأنشانا ميناء حيدوب لتصدير الثروة الحيوانية لتفصل تصدير الثروة الحيوانية من ميناء الركاب، وفي ميناء سواكن أنشأنا أكبر صالة للركاب بمواصفات حديثة وستكون موانئنا بوابة أفريقيا للحركة التجارية العالمية وحركة الركاب، وقد زارنا وزير الدولة الإثيوبي وقال إن حجاجهم يمكن أن يسافروا إلى الأراضى المقدسة عبر سواكن والآن بجانب برنامج الأتراك في السياحة سيكون هناك عمل تركي بسواكن لنقل الحجاج الأتراك وغيرهم بعد السياحة إلى الحج والعمرة وبرنامجنا في هذا الصدد جاهز في انتظار التمويل حتى خط السكة حديد يجري تأهيله بتمويل قطري حيث قدم القطريون ما بين (1-5) مليارات دولار لتأهيل ميناء سواكن وفي المرحلة الأولى قدمت 500 مليون دولار ونحن في انتظار قرار من الدولة لتطوير ميناء سواكن، أما الميناء الجنوبي فهو روح الميناء ويمثل 70 % من إيرادات الموانئ.
يرجع البعض التأخر في إنجاز ميناء أوسيف لضغوط مصرية؟
ميناء أوسيف كان رصيفا في العام 1992 وذلك من أجل استقبال الحركة التجارية في أوسيف كما أنه كان الميناء الرئيس لتصدير المعادن وعلى رأسها الحديد والخطط الآن هي إعادة تشغيل الميناء للقيام بذات الدور وتصدير المعادن خصوصاً وأن الميناء في أوسيف قريب لمناطق الإنتاج، لا توجد قوة يمكنها منع السودان من الاستفادة من أوسيف.
كثيرون يتحدثون عن ضعف مساهمتكم في المسؤولية الاجتماعية في الولاية؟
نحن نقوم بتسديد نصيب سنوي لحكومة الولاية لدعم ميزانيتها بل حتى مشاركتنا في رعاية مهرجان السياحة والتسوق تأتي في هذا السياق فنحن ليس لنا منافس حتى نضطر للدعاية والإعلان.

اليوم التالي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.