السودان: عراقيل أمام قرار وقف تصدير اللحوم الحية

أثارت تصريحات بكري حسن صالح، النائب الأول للرئيس السوداني، حول توجّه الدولة لإيقاف تصدير الماشية الحية، عدا صادرات موسم الحج (الهدي)، موجة من التساؤلات، في الوقت الذي رحب فيه عدد من المختصين بالقرار، بينما رأى آخرون أن تطبيقه يواجه عقبات في الوقت الراهن.
وقال نائب رئيس غرفة المصدرين، سليمان محمد أحمد، لـ “العربي الجديد” إن اتجاه الدولة لإنهاء تصدير الماشية الحية، أمر مفيد للاقتصاد السوداني ويوفر الجلود، ويسهم في تطوير صناعتها، مما يجعل السودان في مصاف الدولة المنتجة للجلود المصنعة، فضلا عن إيجابية توجه الدولة لجهة إسهامه في تصنيع اللحوم.

وطالب محمد أحمد، الحكومة، في تصريحات لـ “العربي الجديد”، بتوفير المزيد من التمويل لضمان تصنيع اللحوم وتصديرها بعد ذلك، مشيراً إلى الجودة العالية التي تتمتع بها اللحوم السودانية، بفضل المراعي الطبيعية التي يتمتع بها السودان، الأمر الذي يقطع الطريق أمام أي منافس لها في السوق الخارجي.
وأضاف أن وقف تصدير الماشية الحية يوفر كذلك أكبر قدر من العملات الأجنبية، بعد دخول اللحوم المصنّعة والمذبوحة حيز الإنتاج.

في المقابل، يرى الرئيس الأسبق لشعبة صادر الماشية السوداني، صديق حدوب، أن حديث النائب الأول لرئيس الجمهورية مجاف للمنطق، ويُجانب المصلحة العامة للبلاد.
وأضاف حدوب، لـ “العربي الجديد”، أنه لا يمكن تطبيق الخطوة إلا بعد توفر بنى تحتية ضرورية، بإنشاء مسالخ مقننة ومخصصة لأغراض الصادرات، مشيرا إلى أن إعلان هذا التوجه في الوقت الراهن يؤدي إلى ابتعاد الدول المستوردة للماشية السودانية عن السودان، منتقدا التجاهل الرسمي للمصدّرين، وعدم مشاورتهم حول هذا القرار قبيل إعلانه على الملأ.

واشتكى حدوب، من سيطرة شركات القطاع العام المملوكة للحكومة على كافة المسالخ القائمة، واحتكارها للعمل في مجال الصادر.
من جهته، قال مقرر شعبة الماشية الحية السودانية، خالد علي محمد خير، إن السودان خرج منذ 15 عاماً من صادرات الهدي، وصار من الدول التي لا تلجأ إليها السعودية لتوفيره منها، بعد أن تحولت لاستيراده من دول أخرى كالصومال وإثيوبيا وجيبوتي ونيوزلندا وكرواتيا.

وأوضح خير، لـ “العربي الجديد”، أن لجوء السعودية إلى دول أخرى وترك صادر الماشية السوداني سببه التكلفة العالية، مشيرا إلى أن تكلفة الرأس الواحد في تلك الدول تُقدر بـ 55 دولارا، في حين تبلغ تكلفة الرأس من الصادرات السودانية أكثر من 200 دولار، إضافة إلى ارتفاع تكلفة الرسوم والجبايات ومشاكل الشحن بالبواخر.
وقال خير، إن الحكومة السودانية ترتب لتنفيذ القرار مستقبلا وليس آنيا، واصفا ما يحدث الآن في قطاع الثروة الحيوانية بأنه “رقص على واقع مرير”، مبينا أن إيقاف صادرات الإبل والأبقار تم نتيجة ممارسات سلبية لا تزال مستمرة، بجانب معاناة الثروة الحيوانية من الكثير من المشاكل، كذبح الإناث والتهريب والتصدير وانهيار أغلبية البنيات التحتية للصادر.

وقال الخبير الاقتصادي عبد الله الرمادي إن توجّه الدولة نحو إيقاف تصدير الماشية الحية، صحيح 100%، مشيراً إلى أن “الدولة اتخذت مثل هذا القرار، منذ وقت طويل، لأنها أدركت أن استمرار التصدير يؤدي إلى فقدان عناصر كثيرة يمكن الاستفادة منها وتصنيعها محليا، كالجلود التي يمكن تصنيعها بمواصفات حديثة، مما يشكل إضافة للناتج القومي الإجمالي، ويفتح فرص عمل كبيرة للمواطنين، كما يمكن الاستفادة كذلك من الصوف والأظلاف والدم في منتجات متعددة نفقدها بتصديرنا للماشية حية”.
ودعا الرمادي، الحكومة، إلى التدرج في تنفيذ القرار، ليتسنى لها إنشاء المسالخ المخصصة للصادر بأعداد كافية ومواصفات حديثة، حتى يحظى المنتج السوداني بالقبول في الأسواق العالمية، وبما يعود على الاقتصاد السوداني بفائدة أكبر.

وتختلف التقديرات الحقيقية لحجم الثروة الحيوانية، لعدم القيام بتعداد حيواني منذ أكثر من 40 عاماً، فيما تعهدت السلطات بإجراء تعداد خلال العام الحالي 2018. وأشار وزير الثروة الحيوانية، بشارة جمعة أرو، إلى امتلاك السودان أكثر من 108 ملايين رأس من الثروة الحيوانية.
ويصدّر السودان نحو 6 ملايين رأس سنويا، بعائدات تقدر بنحو 378 مليون دولار، طبقاً لإحصائيات شعبة مصدري الماشية لعام 2017.

العربي الجديد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.