(الطريق إلى الدمازين) خسائر في الأرواح والممتلكات وفشل للموسم الزراعي في منطقة بوط بالنيل الأزرق جراء رداءة الطريق الرئيس الرابط بين قرى محلية التضامن وحاضرة الولاية

معاناة كبيرة يعيشها مواطنو قرى محلية التضامن بولاية النيل الأزرق وبشكل خاص مواطنو (بوط) تصل بهم إلى فقدان الحياة أثناء رحلتهم إلى الدمازين خاصة في حالة إسعاف المرضى أو حالات الطوارئ.. فالمسافة بينهم والدمازين قد تصل إلى سبع ساعات وربما إلى يوم كامل أثناء فصل الخريف بسبب رداءة الطريق الرئيس الذي بات عبارة عن منعطفات وانحدارات ومحض (حفر) وهو طريق حيوي يربط قرى محلية التضامن السبع بمدينة الدمازين حاضرة الولاية.
وفي ظل تردي الخدمات التي تعيشها المنطقة والتي تكاد تنعدم تماما، مما يجعلهم مضطرين للسفر إلى مناطق ذات خدمات أفضل، ولكن مسؤولين في المحلية قالوا لـ(اليوم التالي) إن حكومة ولاية النيل الأزرق لم تول الطريق اهتماما وإنه لم يكن ضمن خططها الاستراتيجية رغم معاناة المواطنين وأهمية الطريق للمنطقة، بالرغم من الوعد الذي أطلقه رئيس الجمهورية لهم عند زيارته النيل الأزرق الاهتمام بأمر الطريق والذي يعيق الإنتاج بالمنطقة الغربية لولاية النيل الأزرق وخاصة منطقة (بوط) التي تضم عددا كبيرا من المشاريع الزراعية.
مشاريع زراعية
تقع محلية بوط في الجهة الجنوبية الغربية لولاية النيل الأزرق، على تخوم ثلاث ولايات هي سنار والنيل الأبيض ودولة جنوب السودان، وتعتبر المنطقة من المناطق التاريخية التي يرجع امتدادها إلى قيام السلطنة الزرقاء كما قال ناظرها العمدة حاج عدلان كما أنها أحد روافد التنمية لولاية النيل الأزرق والمناطق المجاورة، وتضم بوط العديد من المشاريع الزراعية حيث ينتج فيها السمسم والقمح والذرة وزهرة عباد الشمس ورغم كل هذه المميزات لكنها تعاني من التهميش والتدني في خدماتها بدءا من الطريق الذي هو المقوم الأساسي للتنمية بأي منطقة انتهاء بالصحة والتعليم والكهرباء والمياه.
الميلاد على قارعة الطريق
يقول المواطن محمد فتحي لـ(اليوم التالي) إن جميع مواطني محلية التضامن يعانون كثيرا أثناء مرورهم على طريق قرى التضامن الدمازين وخاصة مواطني محلية بوط كونها تمتاز بكم هائل من المشاريع الزراعية. وأشار فتحي إلى عدم اهتمام الجهات الحكومية بسفلتة الطريق، واتهم جهات ومسؤولين ـ لم يسمهم ـ بالتلاعب في تنمية محلية التضامن ما تسبب في عدم انتعاش التنمية والخدمات بها من كهرباء ومياه وتعليم وصحة. وزاد: هناك نفرة قامت بها لجنة بالمحلية لجمع تبرعات لرصف الطريق المؤدي للدمازين وفرضوا على كل منزل مبلغ مائة جنيه، لكن فتحي أثناء حديثه استغرب وتساءل قائلا: كيف يمكن أن يقوم طريق يستغرق السير فيه ست أو سبع ساعات بجهد شعبي خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة؟ واضاف: حتى لو وصل حجم السكان المتبرعين للطريق (100) الف نسمة، وأشار إلى أن النساء يعانين كثيرا من الطريق وخاصة الحوامل فبعضهن وضعن وهن في الطريق لمستشفى الدمازين خاصة في فصل الخريف.
مناشدة الوالي
رئيس لجنة الإعلام لنفير الطريق بمحلية التضامن خليل عبد الله أكد أن الطريق من أولويات التنمية بمحلية بوط ووصفه بالعائق بينهم والولاية وقال إن الطريق بصورته الحالية يزيد من معاناة المرضى في حالة إسعافهم لأقرب منطقة لتلقي العلاج وكذلك يعاني منه المواطنون في ترحليهم للبضائع من وإلى محلية بوط خاصة في فصل الخريف. وأوضح عبد الله أن المعتمد قد وعدهم برصف الطريق بالتعاون مع أهالي المنطقة وقد قامت مبادرة لنفرة الطريق تضم ثماني مناطق ترتاد الطريق إلى الدمازين ولكنه رجع وقال إن الأموال التي جمعت لا تكفي وهم في حاجة لدعم حكومي، وأشار إلى مناشدتهم للجهات الرسمية ومنها والي ولاية النيل الأزرق حسين ياسين حمد، وقال: لكن لم تكن هناك أشياء ملموسة على أرض الواقع وناشد الوالي مرة أخرى الاهتمام بالطريق لأنه يصعب تنفيذه بجهد شعبي
السير لأسبوع بالطريق
صديق بيل عضو لجنة الإعلام لنفير الطريق قال لـ(اليوم التالي) إن اهمية الطريق تأتي من حجم المواطنين الذين يسكنون هذه المناطق ناهيك عن سكان محلية بوط الذين يقدرون بحوالي (57) ألف نسمة.
وأضاف صديق أن النفير ساهم فيه عدد من الخيرين بالمنطقة إلا أن الفكرة تبناها معتمد المحلية لتكون هناك جهة رسمية تساهم في رصف الطريق وأشار إلى أن المبلغ الذي تم جمعه إلى الآن جيد، وأوضح بيل أن معتمد محلية بوط ساع لحل مشكلة الطريق وقد اجتمع مع والي الولاية وبعض المسؤولين بها وقال إن المعاناة من الطريق تزداد في فصل الخريف وقد تستمر الرحلة أسبوعا، وقال بيل: لكم أن تتخيلوا أن محلية بحجم السكان هذا، وليس فيها طريق لنقل مرضاها إلى منطقة أخرى خاصة وأن مشفى بوط غير معد مما يضطر الطبيب إلى تحويل كثير من الحالات، وأضاف: لكن مع كل ذلك نعاني في الوصول إلى جهة أخرى، كما أن هناك كثيرا من الوفيات حدثت أثناء حالات الولادة.
يربط “7” قرى
معتمد محلية بوط عبد العظيم التجاني اكد لـ(اليوم التالي) قيامهم بعمل نفرة للطريق لتقليل جزء من معاناة المواطنين الذين يرتادون الطريق من بوط للدمازين وللعابرين الطريق من قرى محلية التضامن التي تضم سبع قرى هي (رورو، قلي، جريوة، أحمر رورو، أقدي، بوك)، وأكد أنهم يقومون الآن بجمع الأموال من المواطنين، وقال التيجاني لـ(اليوم التالي) إن ولاية النيل الأزرق تمتاز بالأمطار الغزيزة وأن طبيعة الأرض فيها طينية مما يصعب تلقي المواطنين للخدمات سواء في الصحة أو في التعليم بسبب رداءة الطريق الذي يرتادونه.
حفر ومنعطفات
العمدة الحاج عدلان أكد لـ(اليوم التالي) أنهم طرقوا أبواب جهات كثيرة وتحدثوا لها شفاهة وكتابة عن مشكلة الطريق إلا أن الولاية لم تنظر للموضوع باهتمام خاصة وأن محلية بوط تعتبر منطقة للإنتاج كما أنها محلية رعوية وتجارية وغابية وتزخر بجميع الموارد وترفد الولاية بالأموال وأضاف: كل الطرق في ولاية النيل الأزرق مسفلتة ويتم ترميمها، وأشار إلى سعيهم لعمل ردمية للطريق لتسهيل الوصول إلى المناطق التي يترددون عليها بدلا عن الحفر والمنعطفات الكثيرة أثناء سيرهم.
عدم توفر الميزانية
وقال عدلان لـ(اليوم التالي) إن والي الولاية من خلال التواصل معهم أبدى لهم عدم توفر الميزانية في صندوق ولاية النيل الأزرق للطريق، وقال العمدة عدلان إنه أثناء زيارة الرئيس الأخيرة للنيل الأزرق أردت أن يناقشه عن مشكلة الطريق، وأضاف عدلان أن الناظر سيف أدهم تحدث مع الرئيس مباشرة واستنكر العمدة أن يقوم الطريق عبر النفير على الرغم من مساهمة (خيرين) في النفير وحمل الدولة مسؤولية الطريق بالرغم من أن محلية بوط دخلها كبير حيث تقوم بزراعة السمسم والذرة وزهرة الشمس والقطن وكل هذه المحاصيل تصدر عبر طريق الدمازين.
تلف المحاصيل
ووصف معتمد بوط عبد العظيم التجاني رصف الطريق بالمكلف وأشار إلى أن المعتمدية لتقلل من معاناة للمواطنين تحاول أن تعمل بعض الترميمات الطفيفة ببعض الأماكن التي تعيق سير العربات أثناء سيرها، وقال: ليس بإمكاننا سفلتة طريق بأكمله فهذا من صميم عمل الدولة بالرغم من أن الولاية تتحدث أن همها الأول هو الطريق باعتبار أن (بوط) هي محلية إنتاج تصدر منتجاتها لمعظم ولايات السودان. وقال عبدالعظيم إن كل المنتجات التي تصدر من الولاية يتم نقلها بمعاناة كبيرة بل سبق أن أتى البنك الزراعي في العام السابق بآلاف الجوالات من الذرة ولكن هطلت عليها الأمطار وتسببت في تلفها بسبب تأخير ترحيلها إلى الدمازين وغيرها من المناطق، وزاد: عبد العظيم هذا يؤكد المعاناة التي تعيشها المحلية.
يكلف المليارات
وأكد التجاني أن إيرادات محلية بوط مهما بلغت لا يمكن أن تكفي لرصف طريق يكلف المليارات إذ يقع علي المحلية ما تعانيه ولاية النيل الأزرق من أزمات كأي ولاية، على الرغم من أن فارق حجم السكان بالطبع أقل من أي ولاية أخرى، وعن حالات الولادة التي يذكرها المواطنون أثناء الطريق يقول المعتمد إنها موجودة ولكنها قليلة، وأضاف: كما أن المستشفى معد بطريقة جيدة وحققنا فيها عملا ملموسا وتتوفر بها الأدوية والحد الأدنى من الخدمات كما أننا نبذل قصارى لترميم الطريق وتوفير الخدمات من كهرباء أو مياه أو تعليم أو صحة.
وعود الرئيس
في السياق قال الناظر سيف الدين أدهم إن العمل في الطريق من قرى التضامن إلى الدمازين بدأ العمل فيه من قبل شركة بترودار وقامت بردم بعض الكيلومترات التي تربط القرى مع بعضها قبل انفصال جنوب السودان، وأضاف: يبدو أن الهدف من الردم كان هو ترحيل البترول، ولكن بعد الانفصال تم إيقاف العمل به، وطالب بتدخل الدولة لرصف الطريق لأنه لا يقوم بنفرة شعبية.
وكشف الناظر أدهم عن مقابلته لرئيس الجمهورية عند زيارته للولاية وأكد أن الرئيس قد وعدهم بضم الطريق لصندوق التعمير بالولاية وتم تسجيل كل ماذكرنا له من مطالب. وقال الناظر أدهم إن الرئيس وعدهم بأنه سيقوم بتكليف وزير الطرق والجسور مكاوي محمد عوض ليعمل دراسة للطرق ومن ضمنها طريق المنطقة الغربية الذي يضم محلية التضامن، وزاد أدهم: نحن ما زلنا نوالي اجتماعاتنا مع والي ولاية النيل الأزرق بصدد الطريق.
فشل الموسم الزراعي
وأشار الناظر أدهم إلى أن المنطقة الغربية هي القلب النابض لولاية النيل الأزرق من حيث الإيرادات لأنها منطقة زراعية وتضم عددا هائلا من الأراضي الخصبة المنتجة للمحاصيل الزراعية وأيضا ثروة حيوانية ضخمة وقال أدهم إن الطريق المؤدي من قرى التضامن إلى الدمازين يعمل على إعاقة الإنتاج في المنطقة الغربية ويعثر وصول مدخلات الإنتاج للمشاريع الزراعية بل يساهم أحيانا كثيرة يساهم في فشل الموسم الزراعي بالمشاريع الزراعية في (بوط). وزاد أدهم: الطريق يعوق حركة الكادر المؤهل ليأتي من منطقة أخرى إلى (بوط) خاصة أثناء حالات الطوارئ وكذلك ترحيل المعدات الحديثة بسبب بعد المسافة.
وقال: كل من ترددوا على المحلية لم نجد منهم سوى الوعود، واضح أن منطقة بوط منطقة تاريخية موجودة منذ قيام السلطنة الزرقاء لكن معاناتها موجودة منذ وجودها وأشار إلى أن المنطقة تقع في تماس مع الحدود لذلك فمن ناحية اقتصادية لابد من وجود الطريق ليسهل حركة التجارة لمحلية التضامن.

اليوم التالي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.