منح الجنسية للمواطن من أُم سودانية وأب جنوبي عاد الحبيب المُنتظر “

أبناء “جون” وبعد أن سُدَّت أمامهم الأبواب تماماً بدولة جنوب السودان، عادوا إلى الخرطوم مجدداً للبحث عن حق وصفوه بـ(المسلوب) دفعوا بأوراقهم الثبوتية التي كانت بحوزتهم قبل الانفصال، لكن إدارة السجل المدني طالبتهم بإحضار شاهد “عصبة”؛ فشلوا في الإتيان به بسبب وفاة والدهم ومقاطعة أهلهم لهم منذ فترة زواج جون، ليفقدوا الأمل في الإتيان بحقهم الضائع والمسلوب.
لكن ثمَّة بارقة أمل لاحت في الأفق بالنسبة لأسرة “جون” وكل الحالات المُشابهة لها حيث أقر مجلس الوزراء السوداني يوم (الأحد) المنصرم، مشروع قانون الجنسية السودانية تعديل لسنة 2018 ، وذلك لإزالة تعارض دستوري بين القانون والدستور.
وبموجب مشروع القانون يصبح من حق المواطنين من أم سودانية وأب جنوب سوداني التمتع بالجنسية السودانية، أسوة بأبناء السودانيات من أجانب من الدول الأخرى.
أمريكا (نفر)..!!
وبالطبع فهنالك عدد مهول من المواطنين دفعوا ثمن الانفصال ولاقوا ذات مصير أسرة ” جون”، ومن أولئك الشاب “ستيفن” والذي التحق بإحدى الجامعات السودانية كأي مواطن سوداني قبل الانفصال، لكن بعد الانفصال لاحقته العديد من الصعوبات ابتداءً من تحوله من مواطن إلى أجنبي فتعذَّر عليه حتى إكمال مسيرته التعليمية، ولأنه أصبح أجنبياً أُلزم بدفع الرسوم الدراسية بالعُملة الأجنبية “الدولار” ففشل في ذلك بسبب وضعه الأسري، ليقرر السفر إلى دولة مصر ومنها طلب اللجوء إلى الولايات المتحدة الأمريكية لانتمائه إلى دولة جنوب السودان، وسرعان ما تمت الموافقة على طلبه باعتباره من إحدى مناطق الحروب، ليواصل تعليمه هناك ويحصل على درجة الدكتوراه.
وتتوالى الحكايات..
(س) طالبة من أم سودانية وأب جنوبي الجنسية منعت من امتحانات الشهادة السودانية لعدم حصولها على الرقم وطني ما أدى إلى وقوع خلاف بين إدارة المدرسة وأسرتها حيث تساءلوا كيف تُحرم ابنتهم الكبرى من الجلوس للامتحان، الأمر الذي أدخلها في حالة نفسية سيئة وأصبحت تردد (يعني أنا ما ح امتحن؟).
أما المواطن الطيب فقد تزوج من فتاة سودانية وعندما ذهب لاستلام قسيمة الزواج رفض طلبه بحُجة أنه جنوبي الجنسية ولا يحمل الرقم الوطني، ولم يتوقف الأمر هنا بل سُلبت من الرجل حقوق كثيرة كان يستحقها، وقد تحدث لـ(السوداني) بأنه الآن يشعر بالفرح والارتياح الشديدين بعد القرار الأخير، وأنه سيذهب للجهات المختصة لاستخراج كافة الأوراق الثبوتية.
بالقرب من السوق الأفرنجي جلست الـ(السوداني) مع عدد من المتضررين لعدم امتلاكهم الجنسية السودانية رغم أنهم من أمهات سودانيات، حيث أوضح جيمس أكون بأن أبناءهم متضررون من عدم التعليم في الجامعات السودانية لأنهم يعاملون كأجانب ويدرسون بالدولار، أعلن جيمس فرحته بعد إرجاع الجنسية السودانية لهم، واختتم حديثه بأن هذه خطوة إيجابية قد تقود للسلام بين الجنوب والشمال.

أن تأتي متأخراً …
ويقول “بحر موين”؛ عمدة قبلية بنقو لــ(السوداني) بعد انفصال جنوب السودان، واجه آلاف الجنوبيّين أزمة الجنسية، لا سيّما الذين ولدوا لأمّ سودانية وأب جنوب سوداني، وقد سلك بعضهم طريق المحاكم لكن دون تحقيق أيّ شيء لأن نسبة أبناء الجنوبيين من أمهات شمالية كبيرة جداً بسبب أن منطقة أبيي واقعة بالقرب من عدة ولايات وتصاهروا مع بعضهم خاصة المنحدرين من ولايات بحر الغزال والبحيرات ورمبيك حيث أصبحوا ضحايا لقرار سحب الجنسية، وكانت أكثر الفئات تضرراً شريحة الطلاب بالمدارس والجامعات ما أدى إلى ترك العديد منهم مقاعد الدراسة، وأضاف: أن قرار المجلس الوطني بمنح أبناء الجنوب من أم شمالية الجنسية السودانية وهذا يصب في مصلحة أبناء البلدين لأنَّ هناك العديد من الأسر امتنعت عن تزويج بناتهم للجنوبيين خوفاً من الضرر الذي سيصيب أحفادهم لكن الآن ليست هناك موانع.
جبر ضرر
من جانبه وصف عضو المجلس الوطني لدائرة أبيي ومشرف الرقم الوطني لدينكا “نوك” بالسودان ماجد مياك كور لـ(السوداني) القرار الجديد بشأن منح الجنسية، بأنه يمثِّل طوق نجاة للكثيرين، لكنه في ذات الوقت يقف عائقاً أمام كبار السن لأنه يلزمهم بإبراز الرقم الوطني وشهادة الميلاد وهذا ما يفقده كبار السن، ومضى ماجد بقوله: إن دستور 2005 ينص على أن أي مواطن من أم سودانية وأب أجنبي يحصل على الجنسية السودانية ولكن بعد انفصال الجنوب تم تجميد النص، مؤكداً أن هنالك أكثر من (1000) أسرة تضررت من ذلكم القرار، لكن اليوم تم (جبر الضرر)، وفقط نطالبُ بتنفيذه فوراً، وتحسر على أهله الذين فقدوا أراضيهم ومنازلهم بولاية الخرطوم وأُجبرواعلى إخلائها وتوزيعها لغيرهم، هذا خلاف الطلاب الذين فقدوا فرص التعليم بالمراحل الدراسية المختلفة.
مشروع قانون
ويقول مولانا يس محمد إسماعيل لـ(السوداني) إن القرار الصادر من مجلس الوزراء بخصوص منح الجنسية، هو عبارة عن مشروع قرار عرض على اللجنة القانونية بالبرلمان وتمت إجازته من قبل النواب، وهو من ضمن مخرجات الحوار الوطني، علماً بأنه معمولٌ به في جميع دول الجوار وينص على أن تمنح الجنسية للأبناء سواءً كان والدهم أو والدتهم تنتمى إلى الدولة، لكن السودان لم يعمل به، حيث اإنه بعد الانفصال سحبت جنسية الأبناء من الجنوبيين المتزوجين من أم شمالية، واشترطوا عليهم لمنح الجنسية أن يكون الأب سودانياً، لكن اليوم تم إرجاع الحقوق إليهم حتى وإن لم تُضمَّن في الدستور.
يُذكر أن الفقرة (3) من المادة (4) بالفصل الثاني من قانون الجنسية السودانية لعام 2004 تنصُّ على أن يكون الشخص المولود من أم سودانية بالميلاد مستحقاً للجنسية السودانية بالميلاد متى ما تقدم بطلب لذلك، لكن التعديل الذي
أدخله البرلمان في قانون 2011 أسقط الجنسية السودانية عن السودانيين الجنوبيين، بعد أن أعلن جنوب السودان انفصاله في شهر يوليو من ذلك العام وبموجب تعديل القانون فإن كل من يحمل جنسية جمهورية جنوب السودان أصبح فاقداً للجنسية السودانية، واستند البرلمان في تعريفه للجنوب على قانون الاستفتاء الذي أجري بموجبه حق تقرير المصير لجنوب السودان وتضمن التعديل معالجة حالة إسقاط الجنسية تلقائياً عن أي شخص يحمل جنسية دولة جنوب السودان.

السوداني

Exit mobile version