الهندي عز الدين: انتخابات (حرة).. لا حكومة قومية

يستسهل بعض زعماء (المعارضة) وقادة الأحزاب السياسية السودانية المطالبة بحل الحكومة الحالية، وتشكيل (حكومة قومية) على وجه السرعة، حسبما يرد في تصريحاتهم الصحفية بالصحف اليومية.
} وهم إذ يلقون بهذا الطلب الاعتباطي على منضدة (المؤتمر الوطني) الحاكم، ينسون أو يتناسون حقيقة مهمة مفادها أن المعارضة (السياسية) و(العسكرية) فشلت تماماً في تهديد استقرار الحكم عبر انتفاضة شعبية، أو عصيان مدني، مثلما فشلت كل العمليات (الحربية) في مناطق التمرد بدارفور وكردفان في هز (شعرة) من رأس مركز السلطة في الخرطوم!!
} صحيح أن هناك أزمات سياسية، واقتصادية، وأمنية في البلاد، لا ينكرها إلاّ مكابر، ولكن الصحيح أيضاً أنها أزمات صنعتها بصورة أساسية أخطاء (إدارية) وسياسية ارتكبها وزراء ومسؤولون في الدولة والحزب، وليست نتيجة (حصار) داخلي بفعل المعارضة أو خارجي جراء العقوبات الأمريكية والأوربية، ودائماً أنا أردد أن أكبر إنجاز وإعجاز اقتصادي حققته (الإنقاذ) هو اكتشاف وتصدير البترول السوداني، وتم ذلك في أوج سنوات (الحصار)، وذروة (حلف الضد) العسكري والدبلوماسي الدولي والإقليمي نهاية عقد تسعينيات القرن المنصرم، ويومها كانت “الخرطوم” تطرد السفيرين (الأمريكي) و(البريطاني) بقلب قوي دون أن يرف لها جفن!!
} لا يمكنك أن تطالب حزباً حاكماً ومتحكماً في كل شيء بحل حكومته، عاجلاً وبدون شروط، فقط لأن هناك أزمات، أو مشكلات، أنت –كمعارضة – لا تملك عصا “موسى” لحلها، وليس لديك برامج، ولا كوادر اقتصادية وسياسية مميزة جاهزة ومستعدة تباشر – الآن – مسؤوليات (حكومة الظل)، كما يحدث في كل البلدان التي تنشط فيها (معارضات) مؤسسة وفاعلة وواعية.
} بالأمس أوقفنا في (المجهر) نشر تقرير صحفي، لأن الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي السوداني عندما سئل عن رأيه في خطاب الرئيس البشير قال حديثاً مطولاً ناقداً الحكومة والحزب الحاكم، غير أنه اعترف في بداية حديثه بأنه (لم) يستمع لخطاب الرئيس، لأنه (دخل هذا الفيلم كثيراً)!!
} بالله عليكم هل هذا كلام يقوله مسؤول سياسي (متفرغ) للعمل (المعارض) لسنوات طويلة؟! (لم) يسمع الخطاب ويريد أن يعلق عليه، وعلى تداعياته!! هل هذه معارضة (جادة) وقادرة على فرض برنامجها ورؤاها على الشارع السوداني؟!
} لستُ من أنصار (حل) الحكومة، ولا (البرلمان) حالياً، لأنه لا فائدة ترجى من إجراء كهذا، ولكنني مؤمن بضرورة وأهمية تهيئة الأجواء السياسية بإطلاق المزيد من (الحريات) في ممارسة العمل السياسي والإعلامي، والشروع في معالجات قانونية وتطبيق صارم للدستور، لأنه من أفضل الدساتير التي عرضتها بلاد خلال العقود الأخيرة. العيب ليس في هذا الدستور الذي أجمعت عليه كل القوى السياسية، العيب فينا، وفي سلطتنا التي تخرقه كل (يوم) ثم تدعو إلى إعداد دستور (جديد)!! مجرد ضياع زمن!!
} ومع مطلع العام 2015، ينبغي أن يطلق الحزب (الحاكم) جملة من الضمانات والطمأنات بقيام انتخابات حرة ونزيهة ومفتوحة وشفافة، لا يطمح في حصوله على أكثرية تزيد عن (50% + 1) في برلمانها (المنتخب). يكفيه (نصف) البرلمان، إذ إن التشكيلة الراهنة للمجلس الوطني تبدو معيبة للغاية، ومتراجعة للوراء حتى عن تشكيلة البرلمان (المعين) الذي راعى وجود قوى سياسية عديدة داخل الهيئة التشريعية.
} إن كان لابد من حل الحكومات المسؤولة عن الإشراف على العملية الانتخابية، فليكن ذلك في (يناير) عام 2015.
} تتشكل مع مطلع العام القادم – عام الانتخابات – حكومة (تكنوقراط) تكون مسؤولة عن الإشراف (الكلي) على الانتخابات، وتكوين لجانها المركزية والولائية والمحلية، لتأكيد مبدأ النزاهة والشفافية.
} الحل يكون بالتراضي على قيام انتخابات (حرة) حقيقية تحصل قبلها الأحزاب على (تمويل) حكومي مقدر حتى لا تكون الثروة (حصرية) على الحزب الحاكم، وتكون له الغلبة (بالمال) إن لم يكن (بالسلطان).
} الحل في انتخابات (حرة) لا حكومة قومية متشاكسة.

المجهر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.