لينا يعقوب: صدمة عبد المحمود

هدأ الإعلام المصري وكذلك السوداني، وعاد السفير عبد المحمود عبد الحليم إلى القاهرة ليختار صفحة جديدة من الكتاب الممتلئ بالصفحات القديمة.
لم يكن قرار عودته سياسياً ودبلوماسياً فقط، إنما كان شعوراً اجتماعياً ملحاً، ومطلباً سودانياً خالصاً، حتى تعود المياه إلى مجراها، ولا تعكر السياسة بتفاصيلها المزعجة، العلاقة الودودة والحميمة التي جمعت الشعبين منذ عقود من الزمان.
لكن، ما الذي حدث؟
وصل عبد المحمود إلى القاهرة بعد غياب شهرين، فوجد القضاء الإداري في مصر برئاسة المستشار بخيت إسماعيل “نائب رئيس مجلس الدولة” يحيل الدعوى المقدمة من سمير صبري المحامي، والمطالبة بإصدار قرار “بطرد السفير السوداني من مصر” إلى هيئة المفوضين وذلك لإعداد تقرير بالرأي القانوني في الدعوى.
وكأنك يا أبو زيد ما غزيت!
لم نسمع أن مواطناً أو ناشطاً يطالب بطرد سفير دولة ما من بلاده!
تمثيل السفراء في الدول، أمر سيادي يخضع لقانون دولي ولأعراف دبلوماسية، وليس من حق المواطنين والإعلاميين والناشطين التفكير فيه، أو تحديد شكل علاقات الدول مع بعضها.
ولا يمكن أن تفتح الدولة باباً غريباً مثل هذا، يسمح لأي أحد أن يتقدم بدعوى قضائية ضد سفير دولة.
كان من الأجدى أن يرفض القضاء الإداري المصري الدعوى المقدمة، بدلاً من أن يعلن إحالتها إلى هيئة المفوضين لإعداد تقرير حولها.
تزامن مع الدعوى، معلومة وردت على لسان نائب دائرة حلايب في البرلمان أحمد عيسى عمر، عن فتح السلطات المصرية مكتباً للجمارك في منطقة “حدرابة” بحلايب.
يقول النائب: “السلطات المصرية ما زالت تواصل التصعيد والحملات المكثفة في تمصير أبناء المنطقة”، مشيراً إلى أن فتح مكتب الجمارك الغرض منه استخلاص الرسوم والجبايات من المواطنين.
توقيت “فتح المكتب” بالتزامن مع عودة سفير السودان إلى القاهرة، وكأن القصد منه بث رسائل سياسية حول الموقف المصري من قضية حلايب، والتي يبدو أنها لن تكون منطقة “تكامل” كما تمنت حكومتا البلدين من قبل.
حديث النائب السوداني لا يمنعنا أيضاً من إبداء ملاحظات، بأن مصر ظلت تدعم حلايب بمشاريع خدمية وتنموية مهمة، ويبدو أن فتح “مكتب الجمارك” جاء في إطار سياستهم الكلية في المنطقة، غير أن توقيته لم يكن “مقبولاً” بأي حال.
ما يُكتب في الصحف حول علاقة السودان ومصر سيُعاد كل بضعة أشهر، فلا اللجان المشتركة ولا الاجتماعات الثنائية ولا التهدئة الإعلامية باتت قادرة على تحقيق اختراق ملموس.. فلمَ لا يرفع هذا الملف لرئيسي البلدين؟!

المصدر : باج نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.