مسلسل من اللقاءات أعقب التوتر المعلن بين الخرطوم والقاهرة حيث التقى الرئيسان “عمر البشير” و”عبد الفتاح السيسي” على هامش اجتماعات القمة الأفريقية في أديس أبابا ومن ثم انعقدت لجنة وزراء الخارجية ومديري أجهزة الأمن في القاهرة والخرطوم، ليعود السفير “عبد المحمود عبد الحليم” بتحفظ للقاهرة لمزاولة مهامه، ومن ثم زيارة مدير المخابرات المصري للسودان، وأخيراً الزيارة المتوقعة لرئيس الجمهورية “عمر حسن البشير” للقاهرة.
هل ستضع زيارة “البشير” للقاهرة نقطة النهاية في جملة الخلافات بين البلدين، وماذا عن القضايا الخلافية بين الخرطوم والقاهرة؟ وما مدى صحة ما يثار عن الطلب المصري لإدارة مشتركة لحلايب وما موقف السودان من هذا الطلب؟
الخرطوم – ميعاد مبارك
يزور رئيس الجمهورية “عمر حسن البشير” القاهرة غداً (الإثنين)، في زيارة تستمر ليوم واحد يلتقي خلالها الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” ومن المرجح أن يناقش الرئيسان عدة قضايا لعل أبرزها سد النهضة وملف حلايب وقضية اريتريا والراهن الليبي.
#سد النهضة
لعل تضارب التصريحات حول طلب القاهرة إقصاء السودان من اجتماعات سد النهضة كان البداية المعلنة للتوتر بين الخرطوم والقاهرة، حيث أعلنت الخرطوم بتحفظ تأجيل الاجتماع المشترك بين وزيري خارجية البلدين في القاهرة واستدعت سفيرها في القاهرة، من ثم عادت القاهرة ونفت أن يكون سد النهضة هو سبب الأزمة بين الخرطوم والقاهرة، حيث قال وزير الخارجية المصري “سامح شكري” إن سبب الأزمة هو حلايب، في وقت قال وزير الخارجية بروفيسور “إبراهيم غندور” في رد متحفظ إن الخرطوم أبلغت القاهرة بأسباب استدعاء السفير، دون إفصاح عن ماهيتها للإعلام.
ليأتي بعد ذلك اللقاء الثلاثي بين رئيسي السودان ومصر ورئيس الوزراء الإثيوبي في أديس أبابا، حيث اتفقوا على موعد الاجتماع الثلاثي لسد النهضة إلا أن المظاهرات في أديس أبابا واستقالة رئيس وزرائها قادتا إثيوبيا لطلب التأجيل الذي تفهمته الخرطوم وتذمرت منه القاهرة مع إبداء كل منهما لتفهمه للأوضاع في أديس أبابا.
ومن ثم جاءت تصريحات السفير الإثيوبي في الخرطوم “ملوقيتا زودي” التي أشار بها بأصابع الاتهام لدول ذات مصلحة في زعزعة الأوضاع في إثيوبيا، مؤكداً أن بلاده ستثبت ذلك قريباً بالدليل القاطع.
ولعل السفير “عبد المحمود عبد الحليم” قد أعلن قبل أيام أن السودان قدم الدعوة رسمياً لعقد الاجتماع الثلاثي لوزراء الخارجية والري ومديري أجهزة المخابرات في السودان وإثيوبيا ومصر، بشأن سد النهضة في الخرطوم يومي 4 و5 من شهر أبريل القادم.
ومن المرجح أن يناقش الرئيسان ملف السد والمستجدات في لقائهما المرتقب يوم (الإثنين).
#إدارة مشتركة
وحسب تسريبات صحفية مصرية فإن مدير المخابرات المصري في زيارته الأخيرة للسودان قد تقدم بطلب لإدارة مشتركة لحلايب.
السفير “عبد المحمود” قال في رد مقتضب (لا علم لي) في وقت أكد مصدر دبلوماسي عليم لـ(المجهر) السياسي الطلب المصري، وقال إن الخرطوم رفضت الطلب المصري وإنها مصرة على التحكيم وأضاف (اتفاقية تيران وصنافير كانت القشة التي قصمت ظهر البعير والسودان احتج على الاتفاقية لأنها تشمل جزءاً من مياهه الإقليمية وطلب ترسيم حدوده البحرية من قبل الجهات المختصة)، مشيراً إلى أن طلب ترسيم الحدود البحرية لا يشترط موافقة الأطراف الأخرى المشتركة في مياهها الإقليمية مع السودان، وإنما يتم البت في الأمر حسب الخرط المعتمدة في البنك الدولي ومجلس الأمن، وبالتالي ستكون المياه الإقليمية المحازية لحلايب، المياه الإقليمية للسودان، مما يعني أن حلايب تقع ضمن حدود السودان، وبالتالي يحق للسودان ممارسة سيادتها على المنطقة وأن مصر لا يحق لها إقامة أي نشاط أو موانئ في المثلث.
ومن جانبه قال الملحق الإعلامي السابق في القاهرة، المهندس “عبد الرحمن إبراهيم”.. لـ(المجهر) إن التسريبات حول الإدارة المشتركة لحلايب هي مجرد بالونة اختبار مصرية، ويجب عدم الانسياق خلفها، مشيراً إلى أن السودان متمسك بموقفه في حلايب، مشيراً إلى أن كل الوثائق تؤكد أن حلايب سودانية وأن على القاهرة أن تدعم رؤيتها بالوثائق، وأضاف (السودان يصر على عدم التصعيد والمواجهة المباشرة في المثلث دون التفريط في حق السودان).
#ملفات أخرى
الملحق الإعلامي السابق في القاهرة المهندس “عبد الرحمن إبراهيم” قال في تصريح لـ(المجهر) (إن الزيارة بشكل عام تأتي تتويجاً للخطوات واللقاءات التي سبقتها في فترة ما بعد الجمود، مشيراً إلى أن العلاقات بين البلدين بدأت تسير في اتجاه ايجابي لاستعادة دفئ العلاقات بين البلدين).
“عبد الرحمن” لفت إلى التهدئة الإعلامية الواضحة خاصة من الجانب المصري الذي كان صاحب الصوت الأعلى ملحقاً إياها بالمؤشرات الإيجابية.
وأضاف: (مع بداية الانتخابات المصرية قد يمثل إنجاز خطوات إيجابية خطوة موفقة “للسيسي”، لأن السودان يمثل عمقاً إستراتيجياً لمصر، وكل من يريد الاستمرار في قيادة مصر يجب عليه بناء علاقة جيدة مع السودان، مشيراً إلى أن المؤشرات تشير إلى تجديد ولاية “عبد الفتاح السيسي” في ظل عدم وجود منافس له في الانتخابات المصرية.
وتوقع “عبد الرحمن” أن يؤكد الرئيسان على أزلية العلاقات بين البلدين والتفاهم السياسي وبناء الثقة بين البلدين والتنسيق الإقليمي والدولي فضلاً عن تحريك الملفات الاقتصادية العالقة، لافتاً إلى المنتجات المصرية التي سبق وحظرها السودان واحتمال الاتفاق على صيغة للتعاون الاقتصادي بين البلدين دون تفريط فيما يلي المواصفات والمقاييس المطلوبة في المنتجات.
ومن الملفات التي رجح الملحق الإعلامي السابق النقاش حولها بين الرئيسين، الملف الليبي الفني والأمني والتقاطعات فضلاً عن الاتهامات من الجانب السوداني للقاهرة بتسليح جماعات مسلحة هناك، فضلاً عن ملف المعدنين والتعديات من الجانب المصري عليهم وعلى ممتلكاتهم من الجانب المصري والزج بهم في السجون وتحريك القرارات الرئاسية حول الإفراج عن ممتلكاتهم والذي لم ينفذ حتى الآن.
#معدنون
وناشد رئيس جمعية المعدنين السودانيين “سليمان مركز” في تصريح لـ(المجهر) رئيس الجمهورية بالمطالبة بتنفيذ الوعود الرئاسية المصري فيما يلي إعادة ممتلكات المعدنين السودانيين التي تقدر قيمتها بـ(8) ملايين دولار عبارة عن (350) سيارة متنوعة و(200) جهاز تنقيب و(400) جوال خام ذهب .
ووصف مركز الوعود المتكررة الصادرة من وزارة خارجية البلدين بالوعود الدبلوماسية البعيدة عن أرض الواقع، مناشداً الرئيس بأن يقول كلمته في هذا الصدد.
وأشار “مركز” لوعود تلقاها المعدنون من وزير الخارجية بروفيسور “إبراهيم غندور” وسفير السودان في القاهرة “عبد المحمود عبد الحليم” بوضع قضيتهم ضمن الملفات الرئيسية التي يتم الحوار حولها بين البلدين.
العديد من الملفات في انتظار لقاء “لبشير” و”السيسي”، فهل سيخرج اللقاء بقرارات رئاسية واضحة حول كل ما هو عالق أم سيكتفي الرئيسان بإظهار حُسن النية، وإعادة الثقة استعداداً لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين الخرطوم والقاهرة؟.
المجهر