قالت مصادر دبلوماسية سودانية في القاهرة إن المباحثات التي جرت بين الرئيس السوداني عمر البشير، ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي، الاثنين، ناقشت الحلول المطروحة لأزمة ملف مثلث حلايب وشلاتين وأبو رماد المتنازع عليه بين البلدين، كاشفة النقاب عن أنه تم الاتفاق بين الرئيسين على ما تمت تسميته “تسكين الملف”، وإرجاء حسمه لفترة تكون ظروف البلدين فيها مهيأة لتلك الخطوة، مع تعهّد الجانبين بعدم إثارته إعلامياً أو الإشارة إليه، وعدم استغلاله سياسياً من الجانبين.
تعهّد السيسي بوقف الأنشطة التي أثارت غضب السودان أخيراً
وتابعت المصادر أنّ السيسي تعهّد بوقف الأنشطة التي أثارت غضب السودان أخيراً، ولا سيما عدم ملاحقة المواطنين والقبائل السودانية المنتشرة في المنطقة، والسماح لهم بالتحرّك بحرية، وممارسة الأنشطة التجارية الخاصة بهم. كما تعهّد بعدم نشر أي قرارات حكومية أو رسمية ذات علاقة بالمنطقة عبر وسائل الإعلام الرسمية، مع تعزيز عمليات التبادل التجاري والاقتصادي بين الجانبين في الفترة المقبلة، لتحقق الخرطوم عوائد تساعدها على خروج الاقتصاد من كبوته، بحسب المصادر السودانية، خصوصاً أن الجانب المصري يملك علاقات طيبة بشركاء خليجيين، في وقت تستعد فيه الخرطوم لاستقبال مزيد من الاستثمارات.
وكشفت المصادر عن مفاجأة، بإبداء الخرطوم ارتياحها لتولي مدير الاستخبارات العامة الجديد، رئيس مكتب رئيس الجمهورية، اللواء عباس كامل، مسؤولية الإشراف الكامل على ملف العلاقات بين البلدين، وأوضحت أنّ “البشير أبلغ نظيره المصري عن ارتياح الخرطوم لتلك الخطوة”، مؤكدة أنه كانت هناك ملاحظات كثيرة على أداء رئيس الجهاز السابق خالد فوزي، في ما يخص العلاقات بين البلدين، وأنه كان أكثر حدّة في التعامل مع المسؤولين السودانيين.
كما كشفت المصادر أن مشاورات السيسي والبشير جرى خلالها الاتفاق على تنسيق أوسع بشأن الملف الليبي خلال الفترة المقبلة، موضحةّ أن الرئيس المصري “سعى لإذابة الخلافات بين الخرطوم والقيادة العسكرية الموجودة في الشرق الليبي” ممثلةً بخليفة حفتر، مرجحةً أن “يتم تنسيق لقاء بين البشير وحفتر خلال الفترة المقبلة بتنسيق مصري”.
ترجيح حصول لقاء بين البشير وحفتر خلال الفترة المقبلة بتنسيق مصري
ويأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه إذاعة “بلادي” السودانية اكتمال نشر محطات تقوية على مقربة من مثلث حلايب المتنازع عليه مع مصر، لوصول البث داخل المثلث الحدودي الذي تسيطر عليه القاهرة في إطار ما سمّته “القوة الناعمة”. وقال مدير إذاعة بلادي التي تملك الحكومة السودانية جزءاً كبيراً من أسهمها، عبد الرحمن إبراهيم، إن الإذاعة ستبث مسلسل “رمال وأصداف” الذي يرصد ويوثّق للحياة في حلايب وشرق السودان. وينتظر بث المسلسل في إبريل/نيسان المقبل.
وأكّد إبراهيم في تصريحات إعلامية أن الخطوة يمكن اعتبارها في إطار الـ”قوة ناعمة” ضمن جهود السودان لإثبات حقه في مثلث حلايب الذي وصفه بالمحتل. وأبدى ثقته بعدم تعرّض بث الإذاعة داخل حلايب للتشويش بعد اكتمال تركيب محطات التقوية في مناطق “هيا” و”طوكر” و”محمد قول” و”أوسيف” بالقرب من مثلث حلايب. وتابع “هندسياً نحن جاهزون لأي تشويش، لكن واثقون أنه لن يحدث”. ويتنازع السودان ومصر على المثلث الحدودي الذي يضم حلايب وأبو رماد وشلاتين، أقصى شمال شرق السودان على ساحل البحر الأحمر، وتتركز به قبائل البجا السودانية، وتبلغ مساحته 22 ألف كيلومتر.
العربي الجديد