مزمل أبو القاسم: ازدهار سوق الخِزَن!

‏* قد تفلح الإجراءات الاستثنائية المتخذة من قِبَل البنك المركزي في السيطرة على أسعار السوق الموازية للدولار، بتقليص حجم السيولة، وتحجيم حركة الاستيراد، لتقتصر على الأهم فالمهم، لكن تلك الإجراءات تحمل في جوفها مخاطر جمة على الاقتصاد الكلي، في المدى البعيد وحتى المتوسط.
* أدنى مظاهرها السالبة تتمثل في فقدان الثقة في البنوك، وهدم أهم أركان النظام المصرفي القائمة على الثقة بين البنك والعميل، بخلاف الآثار الأخرى المتمثّلة في خنق الأسواق، وتعطيل حركة الإنتاج، بمنع المنتجين والمصنعين من استيراد المواد الخام، مثلما يحدث لمعظم المصانع هذه الأيام.
* العميل الذي يذهب إلى البنك طالباً سحب مبلغ بعينه ويواجه بالرفض، أو يمنح مبلغاً أقل من حاجته لن يودع أمواله في المصارف مرةً أخرى، وسيلجأ إلى حفظ أمواله بعيداً عن الأوعية البنكية المعتادة، وذلك يفسر لنا سر الارتفاع الشديد الذي طرأ على أسعار (الخِزْن) في الأيام السابقة.
* الخزنة الصغيرة (مقاس متر) كورية الصنع، ارتفع سعرها من 14 ألفاً إلى 32، والصينية من 13 إلى 28 ألفاً، وقفز سعر الخزنة مقاس 120 سم من 27 ألفاً إلى 54 (بنسبة 100‎%‎)، أما الخزنة الكبيرة مقاس 175سم فقد طار سعرها من 67 إلى 125 ألفاً.
* إذا فقد الناس الثقة في النظام المصرفي وأداروا ظهورهم له، وكفوا عن التعامل معه وإيداع أموالهم فيه، فستكون المحصلة انهيار الاقتصاد كله، وليس المصارف وحدها، إذ لا يمكن بناء اقتصاد معافى، من دون الاستعانة بنظام مصرفي قوي وفعال وقادر على الوفاء بالتزاماته تجاه المودعين والمساهمين وطالبي التمويل.
* شتان بين (ضبط الاستيراد) وتعطيل حركة الإنتاج، وتدمير الثقة في البنوك.
* نتفهم أن يضع البنك المركزي ضوابط تحكم الاستيراد، ونتقبل أن يمنع استجلاب السلع الهامشية والمتعلقة بالرفاهية، لترشيد صرف العملات الأجنبية ومنع إهدارها في الفارغة، لكننا لا نفهم أن يشمل التعسف تعطيل استيراد مدخلات الإنتاج، والمواد الخام التي تعتمد عليها الزراعة والصناعة.. لأن ذلك يعتبر تخريباً لا تقويم، وتدميراً وليس إصلاحاً ولا يحزنون.
* المركزية المقيتة، والسلحفائية العجيبة، والتعنت الأرعن الذي يتبعه البنك المركزي في التعامل مع طلبات الاستيراد سيؤدي إلى خنق التجارة، وتدمير الصناعة والزراعة، وسيقود إلى وقف الإنتاج وتجفيف الأسواق من السلع، وسيوصلنا إلى (اقتصاد ندرة)، بدأت بوادره في الظهور فعلياً، بخلو أرفف بعض المتاجر من السلع، سيما في القطاعات الخاصة بمواد البناء والأدوات الكهربائية والصحية، ونخشى أن تتسع حالة الندرة لتشمل كل السلع المستوردة، أو التي يتم استيراد موادها الخام من الخارج.
* حتى الذين اختاروا الاستيراد المباشر، وقبلوا الدخول في تسويات مع الجمارك بدفع ما قيمته عشرة في المائة من قيمة البضائع المستوردة من دون استخراج أورنيك (IM) تم إيقافهم بأمر البنك المركزي، لتقتصر حركة الوارد على السلع الأساسية كالأدوية والوقود والسكر، وبضائع أخرى محدودة.
* ذلك التعسف الغريب سيقود إلى ازدياد معدلات التهريب، وينعش السوق السوداء، وسيقلص مداخيل الجمارك تبعاً لتراجع معدلات الاستيراد، وسينعكس سلباً حتى على الموارد التي تجنيها الدولة من الضرائب، فهل هناك تخريب للاقتصاد أكثر من ذلك؟
* مرة أخرى نسأل: من يفكر للبنك المركزي؟

باج نيوز

Exit mobile version