النواب لا يطالبون بإصلاح البوفيه ..!!

لم تتردد السيدة السودانية في أن تطرق على أبواب السناتور الأمريكي ..الأمر بالنسبة في تقديراتها مسألة حياة أو موت ..التفاصيل أن الحكومة السودانية وعقب الهجوم على أم درمان في مايو ٢٠٠٨شنت حملة اعتقالات واسعة.. كان شقيق المواطنة من الذين ساقهم الحظ السييء الى المعتقلات ..كان المشرع الأمريكي ينصت والسيدة تروي السيناريوهات السيئة المتوقعة..على الفور تبنى الرجل القضية..خاطب قيادات نافذة في الحكومة السودانية وأخرى في دوائر الهجرة الأمريكية..لم تمر الا أسابيع وإذا بالحبيس يصل إلى الأراضي الأمريكية دون المرور بالتعقيدات الإدارية المتبعة في حالات اللجوء السياسي.
قبل أيام كانت السيدة عائشة محمد صالح نائب رئيس البرلمان تطرق على أبواب والي الخرطوم..تم الاعتذار لها باعتبار أن السيد الوالي خصص يوم الثلاثاء لمقابلة النسوان وما عائشة إلا سيدة ..في غالب الظن أن البرلمانية المخضرمة صاحبة الشلوخ المميزة لم تكن محتاجة الى إبراز هويتها الشخصية..وفي الظن الغالب أن الوالي لم يكن يعلم بوقوفها على الباب ضمن نسوة يحملن مظلمة..لكن الذي يجعل السيدة عائشة تظلم في بيت الوالي هو عدم الإحساس بدور البرلماني..الذين يحرسون أبواب الكبار لديهم تقدير موقف جيد لأصحاب المقامات السامية..لهذا تم تصنيف السيدة عائشة من غمار الناس الذين يتوجب عليهم طلب موعد مسبق.
رغم الواقع البائس إلا أن ثمة ضوءًا خافتًا في آخر النفق..البرلمان يشهد هذه الأيام صحوة حقيقية تستحق الإشادة..رفع عدد من نواب البرلمان من ضمنهم نائب في الحزب الحاكم طلب لاستدعاء رئيس الوزراء الفريق بكري حسن صالح..تلك تشكل سابقة حيث لم يسبق أن تخطى الاستدعاء عتبة الوزير..كما أن الاستدعاء إن تحقق يزيل حرج التعامل البرلماني الخشن مع الفريق بكري حسن صالح باعتباره يحمل صفة النائب الأول لرئيس الجمهورية.. وحسب الدستور أن الرئيس ونوابه لديهم حصانة من المساءلة أمام البرلمان.
تجارب الأيام الماضية تشير إلى أن البرلمان تحرك من خانة السكون والمطالبة بتحسين الوجبات في البوفيه..معلومات أشارت إلى أن مجلس الولايات سيستدعي والي الخرطوم بسبب التعامل غير اللائق مع السيدة نائب رئيس البرلمان..جلسة أمس الأول شهدت إحالة بيان وزير مجلس الوزراء إلى اللجان المختصة ..النقاش الصريح دفع وزير مجلس الوزراء أحمد سعد عمر للخروج على قواعد اللياقة واتهام بعض النواب بالسعي لتشويه سمعة موظفي هيئة الحج والعمرة..بل أن معظم ردود الوزير كانت ضعيفة وغير متسقة وتستحق أن ترمى في سلة المهملات.
في تقديري أن علينا أن نشد من أزر نواب البرلمان في هذه المرحلة المفصلية.. كما أن علينا الإقرار إن دفعة نواب التعيين كان لها القدح المعلى في تطور الأداء البرلماني..لكن يجب أن نؤكد أن (الغريق قدام ) كما في المثل الشعبي ..الحزب الحاكم أعد عدته لمعركة إعداد دستور جديد في خروج سافر على روح مخرجات الحوار الوطني..معركة تصفير العداد تحتاج إلى شد الأحزمة حيث سيتم المرور بكثير من المنعطفات..ستضطر الحكومة لاستخدام كل الوسائل لتمرير ما يطلبه الحكام.
بصراحة.. قواعد الانصاف تجعلنا نصفق بشدة للنواب هذه المرة..دور النائب يجب ألا يقف عند اهتمامات دائرته أو رغبات حزبه..الشعب السوداني في مرحلة فاصلة يحتاج أن يعرف من يشعر بهمومه وآلامه في موسم الأزمات المتلاحقة.

الصيحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.