بعد إبلاغ المصارف الخليجية ببدء التعاملات مع السودان..

بدأت غيوم القطيعة الاقتصادية بين الولايات المتحدة الأمريكية والسودان والتي استمرت لعقدين وعام تنقشع، حيث سادت روح اليأس على المشهد الاقتصادي السوداني لشهور بعد إعلان واشنطون رفع العقوبات الجزئي عن الخرطوم، ولم تحدث التغييرات التي حلم بها الجميع، حيث انخفض الجنيه مقابل الدولار، وزادت أسعار السلع الاستهلاكية اليومية، وبدا رفع الحظر وكأنه أحجية لا وجود لها على أرض الواقع، ولكن بعد مضي شهور على الإعلان الاقتصادي، أمس قالت الولايات المتحدة الأمريكية أنها أبلغت المصارف الخليجية ببدء التعامل مع البنوك السودانية، ومن المتوقع أن تصبح عملية التحويلات المصرفية أسهل من وقع الماء في المنحدر.
فك الخناق:
بحسب ما ورد في وسائل الإعلام، فقد أكدت واشنطون استعدادها لبدء المرحلة الثانية من الحوار بين البلدين الذي وصفته بالإيجابي، في وقت عبر فيه وزير المالية الأمريكي “مارشال بيليغنسلي” عن ارتياحه من نجاح المرحلة الأولى لخطة المسارات الخمسة للحوار بين البلدين، الذي أثمر عن قرار رفع العقوبات الاقتصادية التي كانت مفروضة على السودان، مؤكداً أن حكومة بلاده قد أبلغت المصارف والمؤسسات بدول الخليج والمنطقة بإمكان التراسل والتعامل المباشر مع البنوك السودانية.
وهو ما اعتبره مراقبون بادرة جيدة في إطار الحوار والتعاون المشترك بين البلدين، وقد يدفع بعجلة الاقتصاد نحو التحسن عما هي عليه الآن، وكان قد أعلن وزير المالية محمد عثمان الركابي الثلاثاء، أن البنوك العالمية ما زالت تتحفظ في التعامل مع المصارف السودانية رغم مضي ثلاثة أشهر على رفع العقوبات الأميركية، بحسب فرانس برس.
فيما سبق:
وكانت البنوك السودانية قد بدأت استعداداتها مبكراً لتنفيذ عمليات مصرفية عالمية بالعملات الدولية خلال أبريل 2017م، ولأول مرة منذ فرض حظر أميركي على التحويلات المصرفية، ما زالت هناك تعقيدات تواجه التطبيق الفعلي لرفع الحظر، حيث لم تتلقَ بنوك كبرى في الخرطوم حتى الآن إشعاراً يفيد بالسماح بانسياب التحويلات من وإلى السودان بالدولار.
وما يزيد المخاوف أنه رغم ما أعلنته وزارة الخارجية وقتها عن بدء المعاملات التجارية بالدولار مع البنوك الأميركية، وقيام وزارة المالية وبنك السودان المركزي باتخاذ إجراءات مطلوبة لمثل هذه المعاملات، والبنوك العالمية ما زالت تتحفظ في التعامل مع المصارف السودانية، واصفاً قيمة العملة بأنه التحدي الرئيسي الذي يواجه الاقتصاد بقوله: إن “سعر صرف العملة هو المشكلة الحقيقية التي تواجه السودان”.. وقال الوزير “لم نندمج في الاقتصاد العالمي بعد، والشركات الأجنبية المستثمرة لديها مشكلات في تحويل أرباحها بالنقد الأجنبي”.
تجدر الإشارة إلى أن الدكتور حازم عبد القادر محافظ بنك السودان المركزي قام بجولة عالمية انتهت بالسعودية العام المنصرم للتبشير بالإجراءات الجديدة للتعامل مع المصارف السودانية، عقب رفع الحظر الاقتصادي الأميركي على البلاد، معلناً خطة جديدة لتهيئة البيئة المصرفية لاستيعاب حركة التعاملات المالية الدولية المتوقعة.
وتوقع محافظ بنك السودان المركزي تدفقات مالية وفتح أسواق جديدة وزيادة التعاملات التجارية بين السودان والدول الأخرى خلال الفترة المقبلة، بجانب زيادة عدد المستثمرين الأجانب الراغبين في الاستثمار وإطلاق مشاريع بالبلاد، والتعرف على حقيقة الأوضاع الاقتصادية والفرص الاستثمارية المتاحة، معرباً عن أمله في أن يكون القطاع المصرفي العربي طريق السودان للاندماج في القطاع المصرفي العالمي.
ثأثير غير مرئي:
قال الطيب عز الدين، الخبير الاقتصادي والباحث الأكاديمي لـ(المجهر): إن القرار الأمريكي القاضي ببدء التعاملات المصرفية مع البنوك السودانية من شأنه أن يحدث تأثيراً طفيفاً على الأوضاع الاقتصادية في البلاد، لا سيما توفر القليل من النقد الأجنبي الذي تفتقر له الخزينة الرسمية للدولة هذه الأيام، ومن شأنه أيضاً أن يسبب استقراراً نسبياً في سعر العملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني، ويغلق الطريق أمام المضاربين في السوق السوداء أو الموزاية، ولكنه بالطبع لن يخلق قفزة مرئية في الأوضاع الاقتصادية المتدهورة حالياً، لأن الأخيرة تتطور بالإنتاج والتصدير.

المجهر السياسي

Exit mobile version