الدول صاحبة أطول ساعات العمل “حتى الموت”

مرر البرلمان في كوريا الجنوبية مشروع قانون يقضي بتقليل الحد الأقصى لساعات العمل الأسبوعية، لتعزيز الإنتاجية، وتشجيع الموظفين على زيادة المواليد.

وصدر القرار بخفض الحد الأقصى لعدد ساعات العمل الأسبوعية من 68 ساعة إلى 52 ساعة، في محاولة لتعزيز الإنتاجية في البلاد، وزيادة عدد المواليد.

ويختلف متوسط ساعات العمل في الأسبوع حسب البلد الذي تعيش فيه. فما هي الدول التي يعمل الموظفون فيها أكبر عدد من الساعات؟

ومرر البرلمان الكوري الجنوبي القانون في شهر مارس/آذار، ما سيعطي عددا كبيرا من العاملين في البلاد راحة مستحقة من العمل. فكوريا الجنوبية بلد متقدم يعمل الموظفون فيه أطول ساعات عمل على الإطلاق، وفقا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (أو إي سي دي).

وسيدخل هذا القانون الجديد حيز التنفيذ في شهر يوليو/تموز 2018، وسيطبق في أولى مراحله على الشركات الكبرى، قبل أن يصل إلى الشركات والمشروعات الصغيرة.

وبرغم وجود معارضة من مجتمع الأعمال لهذا القانون، فإن الحكومة الكورية الجنوبية تعتقد أنه ضروري لتحسين مستويات المعيشة، وخلق مزيد من الوظائف، وتعزيز الإنتاجية.

استثناء من القاعدة

كما تعتقد الحكومة في كوريا الجنوبية أن هذا القانون قد يؤدي إلى زيادة معدلات المواليد في البلاد، والتي تراجعت بشكل كبير في العقود القليلة الماضية.

وتعد كوريا الجنوبية صاحبة عدد ساعات عمل يزيد عن أي دولة متقدمة أخرى، إذ يبلغ متوسط ساعات العمل في كوريا الجنوبية 2,069 ساعة سنويا لكل عامل، وفقا لبيانات جمعتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في عام 2016.

وقد شملت تلك البيانات 38 دولة أخرى، وأظهرت البيانات أن المكسيكيين فقط، الذين يبلغ متوسط ساعات العمل لديهم 2,225 ساعة سنويا لكل عامل، والكوستاريكيين، الذين يبلغ متوسط ساعات العمل لديهم 2,212 ساعة سنويا لكل عامل، يعملون أطول عدد من الساعات في الدول النامية.
يشيع في اليابان الموت من كثرة العمل، حتى أن اليابانيين صاغوا كلمة تدل على ذلك المفهوم، وهي “كاروشي” (الموت من العمل)

وقد خالفت كوريا الجنوبية الاتجاه العالمي في هذا الأمر، إذ تظهر دراسات أجرتها منظمة العمل الدولية أن الدول ذات الدخل المنخفض وذات الدخل المتوسط تميل إلى أن تزيد فيها ساعات العمل عن نظيراتها من الدول الغنية، وذلك بسبب عدة عوامل تتراوح ما بين نسبة عدد العاملين في أعمال حرة، وتدني الأجور، ومسائل تتعلق بالأمن الوظيفي، والتقاليد الثقافية.

لكن كوريا الجنوبية ليست وحدها من بين الدول الغنية التي تخالف هذا الاتجاه. فاليابان أيضا لديها مشكلة مع ما تسميه “الموت بسبب العمل”، وهو أمر تدعمه الإحصاءات، حتى أن اللغة اليابانية صاغت كلمة جديدة تعبر عن ذلك المعنى، وهي كلمة “كاروشي” (أو الموت بسبب العمل).

ويمكن لهذه الكلمة أن تعني موت الموظفين من أمراض ذات صلة بالضغط والإجهاد في العمل (مثل النوبة القلبية، والسكتة الدماغية)، أو قد تعني انتحار الموظفين نتيجة ما يتعرضون له من ضغوط في وظائفهم.

ورغم أن متوسط عدد ساعات العمل سنويا في اليابان ليس مرتفعا، وفقا لقائمة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والذي يبلغ 1,713 ساعة سنويا لكل عامل، هناك حقيقة واضحة، وهي أن البلاد ليس لديها تشريع أو قانون يفرض على العاملين حدا أقصى لساعات العمل الأسبوعية، أو يضع حدا معينا لساعات العمل الإضافية.

وفي العام المالي 2015/2016، سجلت الحكومة اليابانية 1,456 حالة “كاروشي”، أي وفاة بسبب العمل. وتزعم جماعات دعم حقوق العمال أن الأعداد الحقيقية قد تكون أكثر من ذلك بكثير، بسبب عدم تسجيل كل الحالات.

ووفقا لأحدث أرقام صادرة عن منظمة العمل الدولية، تعد آسيا هي القارة التي تضم الكثير من العمال الذين يعملون أطول ساعات العمل في العالم.

ومعظم البلدان، (32 في المئة منها) ليس لديها نظام قومي عام للعدد الأسبوعي الأقصى لساعات العمل، و29 في المئة منها لديها حد أقصى لساعات العمل يبلغ 60 ساعة أسبوعيا أو أكثر. وهناك فقط أربعة في المئة من الدول تلتزم بتوصيات منظمة العمل الدولية، وتسير وفق معايير العمل الدولية التي تحدد 48 ساعة (أو أقل) كحد أقصى لعدد ساعات العمل الأسبوعية.

وفي الأمريكتين، والبحر الكاريبي، هناك 34 في المئة من الدول ليس لديها حدا أسبوعيا قوميا موحدا لعدد ساعات العمل، ومن بينها الولايات المتحدة الأمريكية.

لكن في منطقة الشرق الأوسط، حيث تعد المعايير القانونية لعدد ساعات العمل مفتوحة، هناك ثمانية من بين عشر دول تسمح لعدد ساعات العمل الأسبوعية أن يتجاوز 60 ساعة.

وفي المقابل، في أوروبا، تضع جميع الدول حدا أقصى لعدد ساعات العمل الأسبوعية، وفي بلجيكا وتركيا فقط، هناك ساعات عمل قانونية تزيد على 48 ساعة أسبوعيا.
مدن “مدمني العمل”

لكن أفريقيا تضم أكبر عدد من الدول التي يعمل ثلث القوى العاملة فيها أكثر من 48 ساعة أسبوعيا. وتبلغ تلك النسبة في تنزانيا، على سبيل المثال، 60 في المئة من القوى العاملة.

لكن هناك بحوثا واستطلاعات رأي أيضا صنفت العديد من المدن من حيث متوسط ساعات العمل فيها.

ففي عام 2016، أصدر بنك سويسرا المتحد “يو بي إس”، تحليلا شمل 71 مدينة، وأظهر أن هونغ كونغ لديها متوسط عدد ساعات عمل يصل إلى 50.1 ساعة أسبوعيا، وأن مدينة مومباي الهندية لديها متوسط يبلغ 43.7 ساعة، ومكسيكو سيتي 43.5 ساعة، ونيودلهي 42.6 ساعة، وبانكوك 42.1 ساعة.

وبالإضافة إلى أن المكسيكيين يعملون أطول ساعات عمل في الأسبوع، فهم أيضا يواجهون أسوأ نظام للإجازات في العالم، إذ يقل عدد أيام الإجازة السنوية عن 10 أيام، كما هو الحال في بعض الدول الأخرى.

بينما في دولة البرازيل المجاورة للمكسيك، تتراوح أيام الإجازة السنوية ما بين 20 و23 يوما.

وفي بعض دول العالم، قد يكون الأمر أسوأ من ذلك. ففي الهند، حيث لا يوجد نظام قومي عام لعدد ساعات العمل الأسبوعية، ليس للعمال هناك حد أدنى مضمون لأيام الإجازة السنوية.

bbc arabic

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.