قناة الجزيرة : السودان لوّح بالانسحاب من عاصفة الحزم فأقبلوا إليه

حظيت الخرطوم في الأيام الأخيرة باهتمام ملحوظ من جانب السعودية والإمارات، لا سيما في الجانب الاقتصادي، بعدما أعلنت الحكومة السودانية أنها تقيّم تجربة المشاركة في التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن.

وأعلنت الحكومة السودانية أنها توصلت مع السعودية إلى مسودة اتفاق للحصول على المواد البترولية لخمس سنوات مقبلة، وذلك بعدما زار وفد وزاري سوداني الرياض بدعوة من وزير النفط السعودي.

وقال وزير النفط السوداني عبد الرحمن عثمان لدى عودته “سافرنا إلى السعودية لعقد اتفاق طويل الأمد، ويحتاج الآن إلى بعض الإجراءات مع بنك التنمية السعودي تنتهي خلال أيام ثم يكون التوقيع”. وأضاف أن “الاتفاق مدته خمس سنوات، والسودان يستهلك سنويا مليونا وثمانمئة ألف طن”.

أما الإمارات فأرسلت وفدا برئاسة مساعد وزير الخارجية للشؤون الاقتصادية محمد شرف إلى الخرطوم، حيث أجرى مباحثات لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية.

وجاء هذا التحرك بعد أن علت في السودان أصوات ناقدة لقلة الدعم المالي الخليجي للخرطوم، وفي مقدمتها البرلمان والصحافة، وردت الحكومة السودانية على ذلك بإعلان تقييمها تجربة المشاركة في حرب اليمن.

ويرى مراقبون أن السعودية والإمارات لا تريدان -خاصة في هذا التوقيت- أن يسحب الجيش السوداني قواته الموجودة في أرض المعركة، ويمكن تحليل الموقف السعودي الإماراتي من خلال النقاط الثلاث التالية:

المشاركة السودانية بالتحالف
بدأ الغضب السوداني من “التجاهل الخليجي” منذ فبراير/شباط الماضي عندما دخلت البلاد في أزمة اقتصادية أدت إلى ارتفاع الأسعار وانهيار العملة السودانية أمام الدولار الأميركي، حيث تجاوز حاجز الأربعين جنيها مقابل الدولار لأول مره في تاريخه، ومنذ مارس/آذار الماضي يعاني السودان من أزمة خانقة في المواد البترولية أصابت البلاد بالشلل.

وأشعل بعض الصحفيين والكتاب المقربين من الحكومة الشرارة الأولى، حين وجهوا انتقادات للسعودية بدعوى تقاعسها عن دعم الخرطوم.

وتبع ذلك البرلمان السوداني، حيث طلب بعض نوابه سحب الجيش من اليمن، مما حدا بوزير الدولة للدفاع علي محمد سالم الأربعاء الماضي إلى القول إن القيادة تقيم إيجابيات وسلبيات مشاركة القوات في الحرب الدائرة باليمن.
نواب في البرلمان السوداني طالبوا بسحب قوات بلادهم من اليمن (الأوروبية-أرشيف)

ويرى الصحفي ماجد محمد أن هذا التصريح هو الإشارة التي جعلت الحليفين العربيين يجددان الاهتمام بالخرطوم، لا سيما أنهما من أغنى الدول النفطية، فكيف لحليفهما الأساسي في حرب اليمن أن يعاني من نقص في المواد النفطية.

وقال محمد “كانت الرسالة واضحة لهذه الدول باعتبار أن ذلك يعد تغييرا في موقف السودان تجاه حرب اليمن وتأكيده الدائم أن قواته باقية”. ومنذ مارس/آذار 2015 يشارك السودان في التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن.

ولم يعلن السودان رسميا تعداد قواته المشاركة في عمليات التحالف، لكنه سبق أن أبدى استعداده لإرسال ستة آلاف جندي إلى اليمن.

تقارب سوداني قطري
ربما لا يكون التقارب السوداني القطري خلال الفترة الأخيرة مقلقا للسعودية والإمارات باعتبار أن الخرطوم ظلت محافظة على علاقات متساوية بين أطراف الأزمة الخليجية.

لكن بعض المحللين السياسيين يرون أن تزايد ظهور قطر في الساحة السودانية عقب توقيعها اتفاقية بشأن ميناء بورتسودان -وهو الميناء الرئيسي للسودان الذي يطل على البحر الأحمر- ربما لفت انتباه الدولتين إلى إمكانية أن تتطور علاقات الدوحة والخرطوم أكثر مما هي عليه الآن.

ووقعت الحكومتان السودانية والقطرية أيضا في 26 مارس/آذار الماضي اتفاقية لتأهيل ميناء سواكن المطل على البحر الأحمر بقيمة أربعة مليارات دولار، وفتح خطوط ملاحية جديدة بينه وبين ميناء حمد في قطر.

إيران الغائب الحاضر
ليس هناك ما يشير في الوقت الراهن إلى علاقات بين السودان وإيران، فمنذ عام 2014 اتخذت الخرطوم عدة خطوات لتحجيم علاقتها مع طهران انتهت بقطع العلاقات الدبلوماسية رسميا في 2016.

إلا أن بعض المحللين السياسيين يرون أن علاقة السودان لم تقطع بشكل نهائي مع طهران، مما قد يفتح الباب لعودتها في أي وقت، خاصة أن سياسة السودان الخارجية متغيرة، ويستدلون على ذلك بتوجه السودان نحو روسيا مؤخرا في خطوة مغايرة لمحاولاته المتكررة لتحسين علاقاته مع الولايات المتحدة، وزيارة الرئيس السوداني عمر البشير لروسيا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.