صادرات السودان…عراقيل داخلية تزيد من العجز التجاري

شهدت الصادرات السودانية تراجعاً ملحوظاً خلال الربع الأول من العام الجاري، وحسب أرقام رسمية فقد انخفضت قيمة الصادرات بنحو 18.7% إلى 1.187 مليار دولار خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، مقارنة بالربع الأول من عام 2017، فيما انخفضت قيمة الواردات 13% إلى مليارَي دولار.
وأرجع خبراء تراجع قيمة الصادرات إلى عوامل هيكلية وتأثير الأزمات الاقتصادية التي انعكست سلباً في انسيابها إلى الخارج، فيما يرى مختصون أن التعامل مع الصادرات تعتريه تشوهات، على رغم الإمكانات، ظل التعاطي معه عبر المسكنات من دون وجود محفزات حقيقية.

وقال وزير التجارة حاتم السر في تصريح سابق إن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد انعكست سلباً على انسياب الصادرات، وأكد انخفاض قيمة عجز الميزان التجاري إلى 812.5 مليون دولار مقارنة بـ832.7 مليوناً، وبنسبة انخفاض بلغت 2.4% خلال الربع الأول من العام الحالي.
ووفقاً لإحصائية وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، فإن حجم الصادرات السودانية عام 2017، بلغ نحو 4 مليارات دولار فقط، مقابل واردات بقيمة 6.4 مليارات.

الأمين العام الأسبق لغرفة المصدرين، خضر رضوان، يقول لـ”العربي الجديد” إن التعاطي مع الصادرات فيه تشوهات على رغم الإمكانات الضخمة، خصوصاً أنها لم توجه نحو مسارات حقيقية نتيجة الظروف التي مرّ بها السودان سابقاً.
ويلاحظ أن التعاطي مع الصادرات بقي من خلال المسكنات، بحيث لم تكن الحوافز بالقدر الكبير، ولم يتم توظيف الإنتاج في مصلحة التصدير على رغم الفرصة الكبيرة المتاحة للبلد في ظل ظرف يختلف تماماً عن ظروف الدول الأخرى.

ويرى أن البلاد تحتاج إلى سياسات تتسم بالديمومة والاستقرار “حتى يتعامل معنا المستثمر والمنتج والمصدر، لكن هنالك بعض المشكلات التي تتغول عليها، مثل منشورات بنك السودان المركزي”.
وأضاف قائلاً: “في تقديري، طالت المسألة ونحتاج إلى محطات أُخرى، والآن التداعيات كثيرة، كما أن موقف الصادرات بالسعر التأشيري الحالي وسعر الصرف السائد ليسا محفزين على هذا الصعيد، الأمر الذي أدى إلى انخفاض ثم إلى توقف”.

وشرح أن “سعر الصرف بالآلية الحالية غير محفز وغير آمن، لأن تكاليف الإنتاج والتصدير عالية، ثم أن الاستيراد أيضاً متوقف، لأن سياسات بنك السودان عقيمة” على حد وصفه.
رضوان أوضح أن السودان يمتلك 100 سلعة، وهو “عدد متواضع قياساً بحال عدة دول، وهذا العدد لم يزدد منذ التسعينيات، وغالبية سلعنا مواد خام لم نروج لها، ولذا مطلوب منا مجهود ضخم لتطويرها”.

وأردف: “كما أن من بين الـ100 سلعة، 10% فقط سلع نشطة، بينما الـ90% المتبقية منبعها عائد الصادرات، وهذا يعني أننا نعمل بـ10% من طاقتنا السلعية، في حين أن البقية ساكنة على رغم وجود مساحة تحرّك لجني عائدات أكبر”.
وتمثل سلعة الذهب 37% من ضمن الـ10%، وأكثر من 40% تتمثل في 6 سلع فقط، وهذا كل حجم الصادر الذي يعمل الآن، بحسب رضوان.
أمين مال شعبة مصدّري الماشية، محمد الرحيمة، وصف حال الصادرات بالبائس، وأكد وجود مشكلة حقيقية في الصادرات التي تواجه ضعفاً كبيراً وتراجعاً خطراً، مبيناً أن السبب الرئيسي هو السعر التأشيري الذي يحدده البنك المركزي، وطالب بإيجاد حافز ثابت ومعروف من بنك السودان إلى جانب سعر صرف لا يتأثر بمتغيرات السعر التأشيري، واعتبره حلاً جذرياً لكل الصادرات السودانية.
ويقول الخبير الاقتصادي عباس الأمين إن الخلل الذي يعانيه الميزان التجاري في السودان منذ السبعينيات سببه إعداد السياسيين موازنة الدولة تبعاً لما يتوفر لديهم من أرقام وتوجهات للدولة، وعندما تصدر بقانون يصبح ملزماً للحكومة، لكنها عادةً لا تلتزم به، وعليه فإن زيادة الصادرات مسألة سياسية لاعلاقة لها بالجوانب الفنية.

وتساءل عن الصادرات المطلوب زيادتها وتكلفة الإنتاج والأسواق التي يستهدفها وإمكان الاعتماد على القطاع الخاص.
ويقول: “على مستوى اتفاقية التجارة الدولية، إن دعم الصادرات ليس حُراً بل محدد بقانون يتمدّد عبر السنوات مع مواكبة الأسواق العالمية”، مبيّناً أن إنتاج البلاد لا يزال تقليدياً، ويجب أن تحدد فيه بوضوح أُسس التطوير ووسائله.

الأمين رأى في تصريح لـ”العربي الجديد” أنه لا يمكن الاعتماد على عوامل المناخ لتحقيق إنتاجية تنافس في السوق العالمي، مع أهمية توفير آليات الضمان ضد تغيّر الأسعار أي التنبؤ بحالة الأسواق واتجاهات الطلب العالمي.
وسبق لوزارة التجارة أن اعتبرت أن مشكلة الصادرات تكمن في المنتجين والمصدرين، وأن الحلول تكمن في استقطاب شركات عالمية لزيادة إنتاج السلع لتفتح فروعاً لها وتُعطى تسهيلات تمكّنها من إنتاج السلع بتكلفة أقل.

العربي الجديد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.