الطيب مصطفى يعتذر عن مقال كتبه في نورا حسين

لا أجد ادنى حرج في أن أعتذر عن مقال (اندعرت) فيه و(برطعت) وزمجرت فيه (وكوركت) وأطلقت زفرة حرى منتقداً موقف المحتجين على حكم الإعدام الصادر بحق المتهمة نورة حسين التي قتلت زوجها في شهر العسل بحجة أنه اغتصبها.

الجدير بالذكر أن عائلة الزوج القتيل تصر على تنفيذ حكم الإعدام على المتهمة بعد أن أدينت وحكم عليها قضائياً بالإعدام لأن الفتاة ، حسب وجهة نظرهم (جرحت كبرياهم بقتلها لابنهم بالسكين) على حد قول أحد أفراد أسرة القتيل.

أقولها بصدق إنني لم أكن أعلم صحة ما ادعته المتهمة نورة بأنها كانت رافضة للزواج من زوجها القتيل وأنها أجبرت على ذلك حتى اطلعت على اعتراف مدو من علي آدم ، قريب القتيل ، لإذاعة لندن (بي بي سي) حيث قال الرجل مستنكراً قيام نورة بقتل زوجها : (كيف تقتل زوجها بعد أن (رفضت زواجه) .. إنها إهانة كبرى بالنسبة لنا ولودفعوا لنا كل أموال الأرض لما تراجعنا عن موقفنا) مضيفا (إذا تركناها فإن هذا سيفتح الباب أمام النساء (لرفض الزواج من الرجال دون سبب معقول) .. وتساءل علي آدم : (لماذا ترفض الزواج منه أصلاً) ..هل به أي عيب.. ألم يكن رجلا مقتدراً)؟

إذن فإن أهل القتيل حسب هذه الإفادة أكدوا رفض المتهمة للزواج بل استنكروا أن يكون لها رأي رافض لقريبهم الذي يرونه بغير العين التي رأته بها!

الأدهى والأمر أن ما تم تداوله بكثافة في الأسافير مما أظنه يُعبر عمّا حدث بالفعل ، أن القتيل اغتصب زوجته ذات التسعة عشر ربيعاً بعد أن أحكم وثاقها (يعني ربطها قبل معاشرتها)!

لا تدهشوا أيها الإخوة فهذه الممارسة ، إن صحت ،.جزء من عادات وتقاليد معمول بها في بعض مجتمعاتنا بالرغم من أنها في انحسار وتراجع نرجو أن يبلغ مداه الأقصى قريباً .

شعرت ، بعد أن توافرت لديّ هذه المعلومة ، بتعاطف شديد مع المتهمة بالرغم من جرمها الكبير الذي ينبغي أن تنال عليه جزاء يكافئه ولا أدعو إلى تبرئتها تماماً فقتل نفس إنسانية أمر بشع لا يمكن تبريره إلا بموجب شروط صارمة ولكن اعتبار الحادث الأليم قتلاً عمداً بدون استصحاب الحالة النفسية للمتهمة وغضبها الشديد جراء القسوة التي مورست عليها في ليلة زفافها كما لو كانت قد قتلت ذلك الزوج بعد أن تزوجته برضاها الكامل ، لا يستقيم بأي حال.

أكثر ما يخفف على المتهمة ويُلغي حكم الإعدام حديث الرسول صلى الله عليه وسلم والذي رواه الشيخان البخاري ومسلم : (لا تُكره البكر حتى تستأذن) وهناك أحاديث أخرى تغل يد الوالد عن إكراه ابنته على الزواج ممن ترفضه.

أكاد أجزم أن مراحل التقاضي الأخرى ستُلغي الحكم الأول ما لم تكن هناك ببنات أخرى تدحض ما ذكرته في مقدمة المقال.

بقي لي أن أعلق على أمرين آخرين أولهما حول ثورة الخواجات من منظمات حقوق الإنسان ومناضلي ونشطاء الأسافير ثم منظمة الأمم المتحدة التي بلغت بها (الفياقة وقلة الشغلة) أن تصدر بياناً حول حكم الإعدام ثم إنه لمن العجب العجاب أن هناك من ربط بين ذلك الحكم والدين الإسلامي البريء من تفاهاتهم واتهاماتهم وأقول إنني والله لا يعنيني تخرصات هؤلاء إنما يعنيني أن أصدر عن الحق الذي سأساءل عنه يوم يقوم الناس لرب العالمين.

كلمة أخيرة أقولها لأولياء دم الزوج القتيل أن يتقوا الله في تعاملهم مع هذه القضية وليتهم يقدمون العفو على الثأر متذكرين قوله تعالى : (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) وليعلموا أن الانتصار للنفس الأمارة بالسوء حتى لو تبيّن لهم أن المتهمة أكرهت على الزواج بالمخالفة لأمر الله ورسوله ، يوقعهم في إثم عظيم.
الراكوبة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.