“الأزمة مكانا هنا”

رغم الهجوم الكثيف الذي تعرّض له وزير النفط السابق عبد الرحمن عثمان ،بما في ذلك عبارته التي سار بها ركبان الأسافير:” الأزمة مكانا وين”، أرى أن الرجل كان مُحقاً وأننا قد ظلمنا هذا العَالِمْ كثيراً وتجنينا عليه.. أولاً ظلمته الحكومة مرتين عندما ألقت باللائمة عليه وأقحمته في زمرة المُقصرين من أمثال وزير المالية الفريق الركابي ومحافظ بنك السودان الدكتور حازم عبد القادر وهولم يقصر ولم يتقاعس، وظلمته الحكومة أيضاً عندما أبقت على الأول والثاني رغم فشلهما وقلة حيلتهما وألقت به هو ـ أي وزير النفط ـ في كشف كباش الفداء، وبدا الأمر كأنما هو سبب الأزمة.. وظلمه الإعلام عندما صار يردد كالببغاء عبارة “الأزمة مكانا وين” دون علم ولا هدى ولا كتاب منير، ودون أن يتفحص مغزى عبارته تلك، وهو يُلمح ويشير صراحةً وضمناً إلى مكمن الأزمة ومكانها الحقيقي ويسأل عن مكان الأزمة ليقود الناس إليها قياداً سلساً حذراً… وظلمه الشعب عندما تعامل معه بانطباع أصبغه عليه الإعلام المُتسرع…غادرالعَالِمْ العفيف الشفيف الوزارة ولم يمض فيها إلا أشهراً قليلة، ولم تستفد البلاد من إمكاناته وعلمه الغزير في مجال النفط ولا علاقاته الدولية والإقليمية الممتدة، ولكن لاغرو في ذلك فـ “السيستم” أصبح يلفظ تلقائياً مثل هؤلاء، ويبقي على المُقصرين والفاشلين .
حزب المؤتمر الوطني في أعلى مستوى قيادي له سمعناه يرمي باللائمة على الوزير العالم عبد الرحمن ويقحم اسم وزارته إقحاماً ضمن ثنائي الفشل ” وزير المالية ، ومحافظ بنك السودان”…الناس كلهم يرددون كالببغاوات عبارته الشهيرة “الأزمة مكانا وين”…
فعندما سأل الوزير عبد الرحمن “الأزمة مكانا وين؟” كان مُحقاً ورب الكعبة، ولو كنتُ مكانه كان سيكون ردي “سؤالاً” لمُقدم البرنامج الأخ الزميل الطاهر حسن التوم :”الأزمة مكانا وين؟” حتى يهتدي الناس إلى مكان الأزمة…وعندما تساءل الوزير هو يعرف الإجابة ، وكذلك الزميل الطاهر يعرف الإجابة، وكلنا يعرف والحكومة نفسها تعرف أين الخلل، وأين مكان الأزمة، وكيف أن أضعاف كمية الوقود الذي تستهلكه ولاية الخرطوم يتم تسريبه وتخزينه وبيعه في السوق الأسود..الوزير أراد أن ينبه إلى الخلل الكبير في أجهزة الرقابة والتي سمحت بتمرير ثلاثة أضعاف الاستهلاك من الوقود وتسريبه إلى السوق السوداء..الوزير أراد أن يقول إن هناك جهة ما “ما شايفة شغلها” فيها خلل كبير وهنا تكمن أزمة الوقود التي أقامت الدنيا ولم تُقعدها.
ثم تعالوا أيُّها القراء المحترمين قفوا على حقيقة واحدة فقط رددها وزير النفط “المعفي” وهي أن حجم الاستهلاك الحقيقي للخرطوم هو 1800 طن بنزين بينما زادت الوزارة أيام الأزمة الحصة لتصل 3500 طن، والجازولين إلى 4500 طن مما يعني أن 1700 طن من البنزين، وضعفها من الجازولين يتم تهريبها للولايات وللسوق الأسود، والسؤال الذي يجيب عن سؤال “الأزمة مكانا وين؟” هو: ما هي الجهة المسؤولة عن رقابة محطات الوقود وانسياب البنزين والجازولين إلى تلك المحطات؟…هنا تكمن الأزمة وياهي دي ذاتا “مكان الأزمة” والجرح النازف على الدوام
…اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.

الصيحة

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.