تعرف على أسباب انخفاض قيمة الإيجارات في المملكة

لم يعد يُخفى على أحد أن أسعار الإيجارات في المملكة في الآونة الأخيرة، بشقيها التجاري والسكني، مازالت تواصل الهبوط يومًا بعد يوم حتى بات السوق العقارية يجري في اتجاه متسارع نحو إرضاء المستأجر على حساب أصحاب العقارات الذين كانوا في السابق يشترطون ما يريدون على المستأجر الذي كان لا حول له ولا قوة إلا الموافقة على طلباتهم حتى ينال الرضا بإيجاد المسكن.

ولكن المعادلة في الأشهر الأخيرة الماضية تغيرت، حيث فُرض واقع جديد في السوق، وأصبح المالك هو من يطلب ود المستأجر لأسباب عديدة، أهمها: وجود فجوة بين الأسعار وبين العرض والطلب، إضافة إلى القرارات الحكومية الرامية لاحتواء أسعار العقار وأهمها فرض الرسوم على الأراضي البيضاء وانخفاض القيمة الشرائية للعقار ودخول برنامج “سكني” مرحلته الثامنة إلى جانب مغادرة العديد من العمالة نتيجة فرض رسوم على المقيمين من أفراد أسرهم.

وحول تباين الآراء بانخفاض أسعار الإيجارات وأهم العوامل التي ساعدت أو قد تساعد على هذا الانخفاض استطلعت “سبق” آراء بعض الخبراء والمحللين، حيث أكد رئيس التقييم العقاري والخبراء في التشييد والبناء بغرفة جدة عبدالله الأحمري، أن السوق العقاري حاليًا يمر بحالة تصحيح في الأسعار سواء في البيع أو الإيجار والتباين واضح في ذلك والنزول في الإيجار وصل إلى 20 % وأكثر من ذلك في الأحياء القديمة والنزول مستمر.

وأشار إلى أنه سيحدث انخفاض لاحق في أسعار الإيجارات بعد شهر رمضان بعد مغادرة الكثير من العائلات المقيمة والعمالة التي ليس لها حاجة ولم يستفد منهم البلد خصوصًا أنهم كانوا عبئًا على الخدمات والمرافق العامة.

وتابع: “هي خطوات موفقة لمحاربة التستر، ومع نهاية العام سنشهد نزولاً يصل لـ 50 % في الأحياء القديمة والأحياء الجديدة والراقية تصل لـ 25 %، وهذا النزول ينسحب على القيمة الإيجارية وعلى حركة البيوع؛ وبالتالي على المواطنين أصحاب الدخول المنخفضة والمتدنية، والتي قد تسمح لهم الفرصة بإيجاد منازل يسكنون بها تتفق مع مدخولهم الشهري، ويبقى الميزان الحقيقي لأسعار العقار هو قانون العرض والطلب”.

فيما رأى المسوق العقاري فواز بن سقيان أن “أسعار الإيجارات متفاوتة من مدينة إلى أخرى، ففي المدن الكبرى النزول شهدناه في آخر ثلاثة أشهر، لكنها في المحافظات وأطراف المدن، فهي شهدت نزولاً قويًا وبشكل عمودي منذ سنتين وأكثر لعوامل اقتصادية وإجراءات حكومية تصحيحية نشيد بها”.

وأضاف: “لي تجربة في هذا الأمر لدي عمارة جديدة في مدينة الرياض أردت تسويقها، ووجدت مثيلاتها بنزول بـ 30 وحتى 35 %، وقد أجريت استقصاء وجدت أن الأحياء القديمة حصل بها نزول قوي في الـ 5 أشهر الأخيرة فيما أن أحياء كالملز والمربع ووسط الرياض النزول بها كان بحدود 25 % أما منطقة شمال الرياض فالنزول لا يشكل سوى 15 % ووجود الشقق شاغرة في الأحياء القديمة يشكل ما نسبته 40 %”.

وأوضح أن مدينة جدة تشهد نزولاً بل ربما انهيار في أسعار الإيجارات الأجانب الذين يشكلون ما نسبته أكثر من 55 % لأنها تأثرت بالإجراءات الحكومية والعوامل الاقتصادية والمتوقع أن نزول أسعار الإيجارات سيصل إلى مستوى40 % أو أكثر إذا بقيت العوامل والإجراءات كما هي.

أما الإعلامي أحمد المفلح مقدم برنامج “عقارات” وعضو اللجنة العقارية السابق فقال: “المتتبع للإحصائيات الرسمية يجد الانخفاض بدأ منذ العام 2015، لو نظرنا للتقارير الحديثة الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء نجد تراجع أسعار العقار خلال الربع الأول من 2018 مقارنة بالربع الأول من 2017 بنحو 1.5 بالمائة مدفوعة بانخفاض جميع القطاعات التي تفاوت انخفاضها بين 4.4 بالمائة في القطاع التجاري و0.2 بالمائة في القطاع السكني، وكذلك بيانات وزارة العدل التفصيلية نجد تراجعًا في عدد الصفقات المنفذة وما تنسحب عليه من أرقام”.

وتابع أن الإجراءات التي قامت بها الدولة أخيرًا من عمليات للحد الكبير بل لإيقاف المضاربات السعرية كذلك فرض الرسوم على الأراضي البيضاء وعملية فك الاحتكارات على الأراضي والبدء في المراحل الأخرى من البرنامج كفيل جدًا بزيادة العرض على الطلب، وهو ما تسعى إليه وزارة الإسكان عبر عملها الحقيقي وهي إحدى الأولويات للوزارة والحديث هنا عن أسعار الإيجارات التي بدأت بالانخفاض.

وكشف “المفلح” عن أن سبب التراجع والانخفاض عوامل عدة أهمها الإجراءات التصحيحية الراهنة في قضية العمالة الوافدة الزائدة عن حاجة البلد والتي أثرت على مكونات الاقتصاد، وقد طالعتنا البيانات الرسمية التي بدأت منذ منتصف شهر نوفمبر الماضي 2017 إلى ترحيل أكثر من مليون مخالف عن المملكة، بينهم (759) ألف مخالف لنظام الإقامة والعمل، و(85) ألف مخالف لنظام أمن الحدود، و(190) ألف مخالف لنظام العمل.

وأضاف: “لدي أرقام تؤكد رحيل ما يزيد على 127 ألفًا خلال شهري مارس وإبريل حتى منتصف شهر مايو من هذا العام 2018، وهذا يؤكد عزم الدولة رعاها الله على أنها جادة بتصحيح أوضاع العمالة الوافدة في سوق العمل المحلية، وهذا سيزيد كثيرًا من إخلاء مئات الآلاف من المساكن المستأجرة مضاف إليها مئات الآلاف من الوحدات السكنية الشاغرة من قبل، سواء تلك المتاحة للتأجير أو للبيع، وبالتالي سيؤدي لمزيد من خفض تكلفة إيجارات المساكن، ويؤدي بدوره إلى مزيدٍ من انخفاض الأسعار السوقية المتضخمة للأصول العقارية على اختلاف أنواعها وقد بدأ المواطنون بتلمس هذا الانخفاض وهذا الأمر إيجابي سواء على معدل التوطين أو التضخم غير المبرر”.

وتابع: “أخيرًا وزارة الإسكان عملت جهودًا كبيرة من خلال تنظيم السوق العقاري عبر شبكة إيجار، لكن المواطن يريد نتائج مدعومة بأرقام حقيقية تؤكد وتعكس رؤية المملكة ورؤية ولي العهد حفظه الله بحلول واقعية قابلة للتطبيق والتنفيذ مع مراعاة القدرة الشرائية للمواطنين ورفع نسب تملك المساكن بعيدًا عن منشار البنوك التجارية”.

ونفت الهيئة العامة للعقار بدورها صحة الأنباء المتداولة عن دورها في تخفيض أو رفع أسعار العقارات، مؤكدة أن دورها يقتصر على تنظيم العقار وتشجيع الاستثمار والتطوير.

“سبق” تؤكد أن الدولة على مدى السنوات الماضية لم تدخر جهدًا إلا وقامت به مثل العمل على إيجاد حلول وبرامج متنوعة على المدى المتوسط والبعيد، سعيًا منها لجعل تملك المسكن قريبًا من القدرة الشرائية للمواطن بحلول منها ما يختص بوزارة الإسكان والصندوق العقاري وصولاً لإنشاء الهيئة العامة للعقار.

سبق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.