اسمرا تصرخ والخرطوم لا تجيب

كعادتها حين تنقطع بها السبل تضيق بها الظروف الجيوساسية، عادت أسمرا قبل ايام إلى المحطة القديمة ذات المقاعد المتهالكة والرياح السوداء؛ محطة إطلاق الاتهامات إلى السودان والدخول في نفق التلاسن الدبلوماسي عسى ولعل ان يفضي إلى بر آمن.

أسمرا رغم كل ما تدركه وتعيه عن حسن الجوار السوداني واستراتيجية العلاقة واستدامة الاستقرار، إلا انها ادمنت لعبة اشعال موقد للنار قرب الجدار الحدودي. لعبة قديمة ظلت تلبسها ثياباً جديدة غير لائقة، تهاجم الخرطوم وتبالغ في العداء، أملاً في تفاوض يفتح لها آفاقاً هي بحكم صغر المساحة وقلة الزاد والمعطيات في حاجة ماسة لها.
قالت أسمرا ان الخرطوم تدعم الجماعات الجهادية المعارضة لها بغية زعزعة أمنها. ومضت أسمرا هذه المرة لكي تجعل لصحيفة الاتهام حيثيات مقبولة لتقول ان الخرطوم اتاحت لرجل الدين الاريتري المتشدد (محمد جعة) افتتاح مكتب في الخرطوم في فبراير 2018م، توطئة لتنظيم انشطة سياسية وعسكرية وتدريبية مناوئة لها.
وتضيف أسمرا ان سفارة قطر في الخرطوم تقوم بتمويل هذا الانشطة وتتولى الاجهزة الامنية السودانية عمليات التدريب والمهام اللوجستية. ولم تقف الاتهامات هنا، فقد توغلت أسمرا اكثر وزعمت ان زيارة رئيس الوزراء الاثيوبي الاخيرة إلى الخرطوم تم خلالها التنسيق لدعم المعارضة الاريترية المسلحة!!
والمدهش في هذه الاتهامات وفضلاً عن كونها مرسلة وتعوزها الادلة، انها جاءت هكذا صارخة وعلى ذات النسق القديم المتجدد. اما الاكثر إدهاشاً في توقيت هذه الاتهامات ان الازمة التى كانت مستحكمة بين اطراف سد النهضة، اثيوبيا ومصر والسودان، حدثت فيها انفراجة كبيرة باعتراف الجانب المصري، حيث امكن التوصل إلى نقاط ايجابية بناءة بين الاطراف، وهي الأزمة التى كان الافتراض ان أسمرا ركبت موجتها في محاولة للاصطياد في (مياهها العكرة) والاستفادة من التناقضات.
وعلى هذا فإن المرجح ان أسمرا التى باتت تشعر بقدر من العزلة الجغرافية والسياسية تريد ان تلقي ببعض اوراقها على الطاولة قبل انفضاض الجمع!! ولن ننسى هنا ان أسمرا تتألم غاية الالم جراء عملية اغلاق الحدود التي نفذها السودان في شرقه، إذ المعروف ان أسمرا تعتاش وتقتات على وارد الحدود السودانية، بدءاً من رغيف الخبز وانتهاءً بالمعينات المعيشية والادوية والوقود.
أسمرا تعيش ضنكاً في العيش جراء هذا الاجراء السوداني السيادي الطبيعي الذي لم تكن تتوقعه، ولهذا فهي بهذه الاتهامات تسعى لتأسيس مائدة تفاوضية تتمكن من خلالها من تليين موقف السودان من عملية اغلاق الحدود واعادة فتحها!! وهكذا عرف المحللون السياسيون ذهنية القيادة الاريترية شديدة الحساسية حيال قضايا الحياة والحبل السري، وفي الوقت نفسه قيادة مغامرة لا تتورع عن خوض أي معترك مقابل المنفعة ولو كانت بضع دريهمات يقمن صلب القيادة التى بالكاد تدير بلداً لا يملك مقومات الحياة. أسمرا تعزف على وتر سلمها السياسي، على أمل أن يؤدي إلى لحن سوداني يناسب كلماتها.

الانتباهة

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.