نكتة السنة الفاتت!

نكتة السنة الفاتت!
بقلم : أحمد المصطفى إبراهيم

نُعيد على قرائنا الكرام الطرفة التي تقول إن المرحوم الفنان عبد العزيز محمد داؤود كان قد تعود أن يحكي بعض النكات عندما يقوم بتقديم وصلات غنائية في الجلسات الخاصة.

ويتصادف أن المرحوم في عقد الستينات، وفي جلسة خاصة ضمت بعض الوزراء والزعماء قدم وصلته الغنائية وأردفها بإحدى النكات التي ضحك لها جميع الحاضرين فيما عدا الزعيم الكبير الذي ظل (بدون ضحك) ولم يحرك ساكناً.. ويبدو أن الفنان قد حز ذلك في نفسه وبعد عام كامل – يعني اطناشر شهر- قابل الزعيم الكبير في مناسبة أخرى وبادره بعد السلام قائلاً (عملت لينا شنو يا ريس في نكته السنة الفاتت)… وأحد الأصدقاء من الكوادر اليسارية حكى لي عن موقف أطرف من ذلك إذ قال إنه على أيام انعدام البترول في عهد الرئيس نميري ذهب وفد عالي المستوى برفقة رئيس الوزراء إلى دولة خليجية واستقبلهم زعيمها بأفضل ما يكون الاستقبال وجلس معهم للاستماع إلى طلباتهم… وتشاء الصدفة أن يجلس رئيس الوزراء “بتاعنا” على يمين الزعيم بينما جلس أحد وزرائنا الظريف جداً والمحب للنكات على يسار المضيف … ولاحظ الجميع من الجالسين على غير المائدة الرئيسية أن العاهل الخليجي كان يتبادل الضحك العميق مع الوزير الظريف ولمدة طويلة لافتة للنظر .. وانتهى الاجتماع بأن حصل الوفد على التصديق اللازم لمد بلادنا بما تحتاجه من بترول بالدفع المؤجل… ويبدو أن أحد أعضاء الوفد السوداني كان متشوقاً لمعرفة السبب الذي جعل العاهل الخليجي يتبادل الضحك مع الوزير بينما رئيس الوزراء لا يتكلم … والوزير الظريف قال إن كل ما في الموضوع هو أن العاهل كان يحب النكتة والطرفة وأن الوزير حكى أربع نكات متتالية ورد عليها جلالته بالمقابل بأربع نكات في مدة الاجتماع كله والتي لم تزد على ثلث ساعة … وقال الوزير إن أكثر ما أزعجه أن سيادة رئيس الوزراء لم يضحك لأي واحدة من النكات الثمان وهو يتعجب كيف أن سيادته لم يكلف نفسه مجرد الابتسام مع أنه في موقف كان يجبره أن “ينشرط” من الضحك حتى لو لم يفهم النكتة أو حتى لو كانت النكتة بايخة جداً جداً …

ويدو أننا لكي نحصل على بترول من دول الخليج فلا بد أن نضحك حتى الثمالة من نكات حكام الخليج فلا يكفي أن تكون لنا أرتال من الشهداء تموت دفاعاً عن أراضيهم ولا يكفي أن يكون لنا ملايين من الكوادر الفنية والكوادر المساعدة لكي نبني لأهل الخليج دورهم ومصانعهم وشوارعهم وسكك الحديد عندهم .. نحتاج أن نضحك معهم حتى لو كنا مغبونين منهم وأن نبتسم في وجوه قوم حتى لو كانت قلوبنا تلعنهم ونحتاج أن نضحك ملء أشداقنا على نكات السنة اللي فاتت عندهم حتى يمدونا بالغاز والوقود والزيوت … وهلم جرَّا …

ونتساءل مع حكامنا وأهل القرار منّا عن ما فعلوه لنا في نكتة السنة الفاتت والسنة الفاتت قبلها والسنة الفاتت قبل القبلها … النكتة بتاعة نأكل مما نزرع .. ونلبس مما نصنع فهي الأجدى أن نضحك حولها … أو على الأقل نبتسم مجرد الابتسام إن لم نتمكن من الضحك ….

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.