سقوط السيادة الوطنية للسودان !!

هنالك الكثير من الجهات الأجنبية الأخرى (مثل بعض خطوط الطيران الأجنبية) ترغم المواطن السودانى على التعامل معها بالعملة الأجنبية تحت سمع وبصر السلطات السودانية، فلا يجد الا الرضوخ لرغبتها واللجوء الى شراء العملة من السوق السوداء، وهى جريمة يعاقب عليها القانون بأقصى العقوبات، ولكنه مضطر الى إرتكابها لامتناع المنافذ القانونية، بأمر الحكومة، عن بيع العملة الصعبة، فمن أين يأتى بها لقضاء حاجته لدى الجهة التى ترغمه على التعامل بها تحت بصر ونظر السلطات السودانية؟!
_______
مناظير – زهير السراج
سقوط السيادة الوطنية !!

* لم استغرب قرار السفارة الاميركية بالخرطوم بعدم التعامل بالعملة السودانية اعتبارا من منتصف شهر يوليو القادم، بل إنها تستحق الشكر على أنها ما زالت تتعامل بها حتى الآن ولمدة شهر آخر، فإذا كانت الحكومة نفسها تصدر البيانات بأن العملة المتداولة مزورة، وتقرر استبدالها، ثم تلغى القرار وتأمر باستمرار التعامل بالعملة القديمة، فكيف يثق الآخرون فى هذه العملة، ويتعاملون بها ؟!

* أكثر ما يهين السيادة الوطنية أن تمتنع جهة أجنبية من التعامل مع عملة الدولة التى تتواجد بها فى شأن يخص مواطنى هذه الدولة، كما فعلت السفارة الأمريكية بالخرطوم، بل وتذهب بها الجرأة الى الاعلان عن ذلك عيانا بيانا فى تحدٍ واضح للسلطات السودانية، رغم وجود قوانين تمنع التعامل بالنقد الاجنبى داخل البلاد إلا لأغراض معينة وبتصديق من بنك السودان!!

* بل بلغت إستهانة السفارة الامريكية بالحكومة السودانية مبلغا أنها أصدرت فى شهر فبراير الماضى قرارا يحدد سعر الدولار الأمريكى الواحد بـ(40 ) جنيها سودانيا فى تعاملاتها مع المواطنين السودانيين، غير آبهة بالسعر الرسمى الذى تحدده الدولة، ولا حتى بالسعر الموازى للدولار فى سوق العملة الذى كان أقل من (40 ) جنيها بقليل .. وهى إهانة لا يمكن أن تقبل بها دولة مستقلة ذات سيادة وكرامة، غير أن الحكومة السودانية بلعت الاهانة وهضمتها فى صمت، ولم يفتح الله عليها بكلمة واحدة !!

* دعكم من السفارة الأمريكية ممثلة أكبر وأقوى دولة فى العالم، تستطيع ــ إذا أرادت ــ إرغام الحكومة السودانية على تسليم البشير للمحكمة الجنائية الدولية وإلا أسقطتها فى لمح البصر ــ فهنالك الكثير من الجهات الأجنبية الأخرى (مثل بعض خطوط الطيران الأجنبية) ترغم المواطن السودانى على التعامل معها بالعملة الأجنبية تحت سمع وبصر السلطات السودانية، فلا يجد الا الرضوخ لرغبتها واللجوء الى شراء العملة من السوق السوداء، وهى جريمة يعاقب عليها القانون بأقصى العقوبات، ولكنه مضطر الى إرتكابها لامتناع المنافذ القانونية، بأمر الحكومة، عن بيع العملة الصعبة، فمن أين يأتى بها لقضاء حاجته لدى الجهة التى ترغمه على التعامل بها تحت بصر ونظر السلطات السودانية؟!

* لو لم يكن هنالك أى مظهر آخر من مظاهر سقوط السيادة الوطنية غير امتناع الجهات الأجنبية (سفارات أو خطوط طيران ..إلخ) من التعامل مع المواطن السودانى داخل السودان بالعملة الوطنية وإرغامه على التعامل معها بالعملة الصعبة، فما هو سقوط السيادة إن لم يكن عدم إحترام الآخرين لعملتك الوطنية داخل وطنك، والامتناع عن التعامل بها، بل إمتناع مواطنى البلد أنفسهم من إيداع أموالهم فى البنوك والتهافت على تحويلها الى عملات أجنبية، لفقدانهم الثقة فى عملتهم ومصارفهم وحكومتهم ؟!

* وليس هنالك من يلام غير الحكومة التى تحاول إخفاء مفاسدها وأخطائها، بمفاسد وأخطاء أكبر ، كما نرى الآن من مهازل وقرارات متناقضة بشأن العملة والسياسات الاقتصادية والمالية لا يمكن ان تتخذها الا عصابة من اللصوص والحرامية والبلطجية، لم يبق لها إلا أن تقتحم البيوت وتستولى على ما فيها، بينما تترك الأجانب يمرحون ويفرضون إرادتهم على البلاد تحت بصر ونظر ومباركة العصابة التى تديرها!!
الجريدة

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.