الكيشة وسكر مشكور.. ضياع (150) مليون دولار (2)!

في أبريل 2014م، المتعافي رئيس مجلس شركة سكر مشكور وفي اجتماع مجلس الإدارة رقم (14)، حمد الله وأثنى عليه، ثم رحب بالسادة أعضاء المجلس وأبرزهم (ليلى بشير عمر وزير المالية بولاية الخرطوم، بدر الدين محمود محافظ بنك السودان آنذاك، د. محمد عبد العاطي المدير التنفيذي للمشروع).. في البدء تحدث عن بطء إجراءات وزارة المالية والاقتصاد الوطني فيما يختص بالعقد الموقع بين شركة مشكور للسكر المحدودة وشركة OIA الهندية المقاول الرئيس للمشروع الا أن هذه الإجراءات أخيراً انتهت وأصبح العقد جاهزاً للتنفيذ، ثم بعد ذلك تحدث السيد رئيس مجلس الإدارة عن الهجمة الإعلامية الشرسة التي تعرض لها مشروع سكر مشكور خلال الفترة السابقة في الصحف المحلية..
حيث أشارت بعض هذه الصحف الى أن هنالك نافذين في الحكومة تحصلوا على عمولة من هذا القرض تصل الى 22,5 مليون دولار أمريكي.. في هذا الجانب تحدث السيد رئيس مجلس الإدارة عن الملاباسات والكيفية التي تحصلت بها شركة مشكور للسكر على القرض الهندي.. عرضت شركة OIA الهندي توفير تمويل لصالح مشروع سكر مشكور في حدود مبلغ 150 مليون دولار أمريكي ويشتمل على تصنيع وتركيب المصنع والتشغيل التجريبي.. قام فريق فني من كنانة للهندسة والخدمات الفنية المحدودة المستشار الفني للمشروع آنذاك بالاتصال والتشاور مع عدد من بيوتات الخبرة الأجنبية وذلك بغرض معرفة التقديرات الفنية والمالية للمشروع. رأى الفريق المفاوض أن السعر أعلى من معدلات الأسعار العالمية خاصة الهندية والتي تم تقديرها في حدود 125 مليون دولار أمريكي، (غلوتية) وأخذ وعطاء استلمت (أو لم تستلم) الشركة الهندية (10) مليون دولار، والـ(15) مليون الأخرى ذهبت مع الريح.
الحكومة الهندية جمدت قرض سكر مشكور والبالغ (150) مليون دولار، على إثر تحقيقات أجرتها الأجهزة الرسمية والبرلمان الهندي، اتضح أن طريقة استخدام القرض مخالفة للقانون الهندي ولاتفاقية القرض، وعلى الأخص فيما أسمته الحكومة الهندية إضافة رشاوى (عمولات) لقيمة القرض ليصبح (150) مليون دولار، بعد موافقة الاستشاري بأن يكون القرض (125) مليون دولار، لا سيما وأن الجهات الحكومية السودانية سبق وخالفت اتفاقية القرض السلعي الهندي البالغ (50) مليون دولار المخصص لتأهيل مصانع الغزل والنسيج في السودان، لم تتم الاستفادة من القرض في الأغراض التي خصص لها، ولم يثار غبار كثيف حول الموضوع في وقته على خلفية التبريرات الحكومية التي اعتبرت أن المستفيد الأكبر هو مصانع النسيج (قطاع خاص)، وأن مصانع النسيج الحكومية لا أمل في إعادة تأهيلها،
ما جرى للقروض الهندية لا يختلف عن قروض أخرى من الصين أو بنك التنمية الإسلامي أو الصندوق الكويتي، فقد أجريت معاملات مالية بشأن هذه القروض تخالف اتفاقية الأقراض، عدة مليارات من الدولارات قروض تم عقد اتفاقياتها منذ سنوات عديدة ولم تنفذ، منها على سبيل المثال لا الحصر، (قرضا مطار الخرطوم الجديد، قرض ترعتي سد مروي، قرض مياه بورتسودان، قرض مجاري الخرطوم بحري، قرض كهرباء الفولة، قرض مياه الأبيض… الخ)، وهناك معلومات غير مؤكدة تفيد بسحب (4) مليون دولار فقط من القرض السلعي الهندي،
بينما توجد في البلاد حوالي (52) مصانع للغزل والنسيج معظمها متوقف عن العمل، وهذا القرض مضت عليه حتى الآن (10) أعوام، ولم يستفاد منه لأغراض تأهيل هذه المصانع، هذه القروض سعت خلفها الحكومة وحفيت أقدامها في سبيل الحصول عليها، وأجازها البرلمان، ويظل عسيراً على الفهم فشل الحكومة في سحب هذه القروض والاستفادة منها في ما خصصت له، وهناك قروض جرى تحويلها لأغراض أخرى (قروض مطار الخرطوم الجديد، أحد قروض خزان سيتيت.. وقروض أخرى)، الأسئلة تتواتر عن قروض سكر مشكور، كيف تجاوزت الحكومة نصيحة المجموعة الاستشارية (شركة بروكتر البرازيلية، وشركة أيبرو الألمانية) والتي رأت أن عرض شركة (OIA) أعلى من المعدلات العالمية وقدرت تكلفة المشروع بمبلغ (125) مليون دولار،
وسط إفادات متضاربة من رئيس مجلس الإدارة حول حجم القرض هل هو (108، 110، 125، 130، 150) مليون دولار؟ وكم تبلغ العمولة (19,5، 22,5 ) مليون دولار؟ وهل عمولة (15%) محسوبة على مبلغ الـ(125) مليون دولار؟ أم على (150) مليون دولار؟ وأسئلة عديدة عن العلاقة بين شركة القناطير (فيما بعد شركة الارتقاء) وبين شركة مشكور، ومتاهة العلاقات المتقاطعة بين هذه الشركات ومجلس الإدارة وبين شركة طيبة للمقاولات؟، وما هو وضع هذه الشركات التي سجلت كشركات مساهمة عامة؟، بينما سجلت شركة سكر مشكور كشركة خاصة!، وكيف تغيرت نسبة حملة الأسهم للمساهمين في الشركة دون إبداء الأسباب أو تسبيب القرارات التي جوزت ذلك؟،
الاتفاقية الموقعة بين سكر مشكور ووزارة المالية تلزم الشركة بسداد قيمة القرض لوزارة المالية السودانية مع تحصيل نسبة فائدة محددة تبلغ (1,75%) كل ثلاثة أشهر حسب نص الاتفاقية، هذا بخلاف رسوم بنك السودان، والرسوم المصرفية الأخرى، والسؤال هو لماذا؟ هل هناك ربا أكثر ثبوتاً من هذا؟ إنها أموال سائبة تنتقل بين الحسابات دون رقيب أو حسيب، الكتابة عن هذا الموضوع تستدعي شغل هذه المساحة لفترة طويلة، متى يتم تحريك هذا الملف الشائك وبقية ملفات القروض الأكثر (شواكة)، وعلى برلماننا أن (يبغر) من البرلمان الهندي، كيف للبرلمان أن يسكت عن تغيير بنود اتفاقية بعد إجازتها؟ ولماذا يسكت البرلمان عن التحقيق في ما جرى لمصنع مشكور؟ وأين نتائج تحقيقات لجنة الرئاسة؟ وهل يعفي ذلك البرلمان من مسؤولية مراقبة اتفاقية القرض التي أجازها؟ السؤال الأهم هل وزارة المالية ممولة للقرض، أم شريكة؟ وهي تساهم بـ(33%) في المشروع؟
أعاجيب لا تنتهي وليس آخرها تصريح في 2015م لوزير الدولة بوزارة الخارجية (آنذاك) حامد ممتاز قال (إن التمويل هو المشكلة الرئيسية التي تعترض مشروع سكر مشكور وهو شراكة سودانية هندية، مشيراً الى ديون عالقة بين البلدين، وقال ممتاز إن السودان والهند اتفقا على معالجة هذه الديون).
متى وكيف ولماذا أصبحت الهند شريكة في المشروع؟
نواصل..
المصدر : كوش نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.