علاء الدين بابكر: سيول

“سيول” رجل ضخم الجثة، مفتول العضلات، طويل القامة، محمر العينين، يُزبد أثناء الكلام ، أناني، سادي.

يُدمر كل من يجده في طريقه، يقتل، ويشرد ،ويتلف الممتلكات ،عن قصد ،يهدم المساكن علي رؤوس ساكنيها،
ولاتعرف الرحمة الي قبله طريقا.

رجلا تتجسد فيه كل موبقات السوء، يأتي إلي السودان في بداية شهر يوليو من كل عام ،الجميع يهابون هذا الغازي الكارثة ،
بالرغم من توقيت قدومه المعروف والثابت ،لكن الحكومة السودانية تتفاجأ بقدومه سنوياً وكذلك المواطنين .

من عيوب “سيول” أنه قاسي مع الفقراء والمساكين، يتعامل معهم بكل ما أُوتي من قسوة .

وحنين مع الأغنياء وأصحاب الحظوة، منحاز للطبقات الميسورة، كعادته يغسل لهم أسطح المنازل والفسحات بالداخل “والبلوكونات ” علي جوانب الغابات الاسمنتية.

لكن من حسناته أنه قومي في زمن تفشت فيه العنصرية وغابت فيه العدالة الاجتماعية.

يوزع “سيول” الدمار والقتل والتشريد لكل السودانين بكل اتجاهاتهم الجغرافية والسياسة والقبلية دون فرز .

بدأ “سيول” هذا العام مهمته التخريبية من ولاية”كسلا” بمساندة حليفه نهر “القاش” وبعض المجاري والخيران، هدَّم المنازل وقتل الأطفال واتلف كل الممتلكات علي مرأي ومسمع الحكومة.
وصادف ذلك وجود الضيف الرئاسي “فيصل حسن ابراهيم” في “كسلا” لكن لم يهتم “سيول” لأمر الضيف الرئاسي وكذلك الضيف بادله ذات الشعور لم يعره أي اهتمام .

الوالي “ادم جماع” اختفي لحين وصول وزير الداخلية “ابراهيم محمود” و من ثم ظهر أدان وشجب وتوعد.

فجأة تذكرت مواقف الجامعة العربية مع إسرائيل بقصة الشجب والادانة!

اتجه “سيول” غرباً واستقر في “النهود” “دار حمر” وكان اكثر دموية وفتكاً بهم.

قتل سبعة أفراد وهدم أكثر من “2500” منزلاً لستة احياء.
وترك الناس البتحب السترة ومستورة من يومها ،في العراء ، وبعد الكارثة جاءت الفتاة الجميلة التي تدعي “إغاثة” للتخفيف عن أهالي “النهود” لكن هنالك فرد من أعضاء المؤتمر الوطني تحرش بها واجبرها للذهاب معه إلي مكان معزول بعيداً عن أعين الناس، و من ثم مزق ملابسها وكاد أن يغتصبها لولا تدخل الوالي “عجب الفيا “في الوقت المناسب ،وحال دون ارتكاب الجريمة وقبض عليه متلبسا “عريان خلقة وأخلاق” وأعطاه الوالي سته شهور من كرمه وفضله وببركات قانون الطوارئ ، تمهيداً لمحاكمته، لكن الفتاة “إغاثة” شككت في أن ينال من حاول اغتصابها عقاب يستحقه، لانها اُغتصبت من قبل في السنين الماضية ، وفي وضح النهار، من نافذين ولم يحدث معهم شي ،
توقعت جميلتنا “إغاثة” أطلاق سراح الجاني بعد حين وتكريمه.

واصل “سيول” رحلته التدميرية ضد الإنسان ومنجزاته وزار مولانا “احمد هارون” صاحب الصوت العالي بين الولاة، وجرف طريق “ام درمان- بارا” الذي لم يفتتح بعد وقال لمولانا انت شغال “ساي” بدون استشاري عشان كدة قررت اعمل معاك كمستشار لمشروعاتك “الضاربة”

مبدئيا الشارع غير مطابق للمواصفات والمقاييس جننتنا “باللعلعة” بتاعتك “النفير النفير “ياها شغلتك، المرة الجاية جايك جوة الأبيض” نشوف مشروعاتك التانية!.

خرج “سيول” من “كردفان” مسرعاً صوب “دارفور” ” هبش” ” الفاشر” علي خفيف هدم مئتا منزل وعدد من المدارس “وحنَّ” علي الوالي “سموح” لأنه صغير في السن والتجربة.

كشر “سيول” عن أنيابه للبحث عن ضحايا جدد يمارس فيهم هوايته وحبه للانتقام.

وفي خضم هذه المأساة واحد من ناس “جيبي شاي سكر خفيف زي ما في” قال لماذا لانتصدي “لسيول” ببناء السدود والحفائر، بدل مايدمرنا ،نستفيد من خيره؟

رد عليه زميله الذي يصف حبيبته “بنصف نبية” بعدم جدوي فكرته لان تكلفة السدود والأضرار المصاحبة اكبر من الفوائد.

ويستمر التثاقف في “اتني” و”الفرنسي” بعيداً عن دائرة الفعل باستثناء محاولة “نفير” قبل سنين.

سنويا “سيول” يجدد مأساة السودانين والحكومة لم تعترف بفشلها في صده ولم تواجهه بصورة جادة.

قرر المواطنون مواجهته مستقبلاً بالتكاتف استناداً علي الموروثات الثقافية في النفير والفزع حتي لاتندثر.

المصدر : باج نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.