رسائل قطرية حادة إلى البشير على لسان الإخوان ..”البشير بلا إخوان بلا قطر”
الخرطوم – أرسلت قطر رسائل إلى الرئيس السوداني عمر البشير تتهمه من خلالها بالدكتاتورية والاستبداد، وذلك عبر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وهو ذراع سياسية لجماعة الإخوان تمولها الدوحة وتتحكم فيها، ورد البشير بدوره برسائل مضادة بأن اعتبر أن أزمة حكمه ليست في المؤامرة الخارجية ولكن في التشدد المستحكم الذي أنتجه تحالفه مع الإخوان.
ونفى علي القرة داغي، الأمين العام لاتحاد علماء المسلمين، أن يكون أي من ممثلي الاتحاد قد التقى البشير لدى زيارته إلى الدوحة الشهر الماضي.
وقال القرة داغي إن الاتحاد ناقش الوضع في السودان “وأبدينا الاستعداد والمساهمة في حل الأزمة في السودان”، وإن “موقفنا هو أننا لا نريد للسودان الفوضى وفي نفس الوقت لا نريد للسودان الاستبداد والدكتاتورية”.
وأوضح القرة أن “بيان الاتحاد الذي صدر حول الوضع في السودان، أشار إلى الفساد وضرورة المحاسبة”.
ومن الواضح أن الاتهامات التي وجهها القرة داغي إلى نظام البشير من دكتاتورية وفساد، تضاف إلى اتهامات سابقة بالقتل والتعذيب، تكشف عن غضب الجهة الممولة للاتحاد والمتحكمة في قراره، أي قطر، من الخطوات الأخيرة للرئيس السوداني وبينها خاصة علاقته المتينة مع مصر وانفتاحه على دول الخليج في الوقت الذي لم يحصل فيه على أي وعود خلال زيارته الأخيرة إلى الدوحة.
مع اشتداد الأزمة انقلبت جماعة الإخوان المسلمين في السودان على البشير، رغم أنها تتحمل جانبا من المسؤولية إلى ما وصلت إليه الأوضاع في البلاد
وأعلن البشير أن بلاده تلقت دعما من دولة الإمارات العربية المتحدة لتوفير المواد البترولية. وقال في حديث أمام قيادات أهلية بمدينة نيالا “إن الحكومة لديها ترتيبات لتوفير المواد البترولية عبر الموارد المحلية وبدعم من بعض الأشقاء خاصة إخوتنا في الإمارات، الذين وقفوا معنا في هذه اللحظة ونحن سنرتب معهم لتوفير كل حاجة البلاد من الوقود”.
لكن زيارة الرئيس السوداني إلى الدوحة لم تصدر عنها أي خطوات دعم عملية رغم الوعود العلنية التي قدمها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للبشير. وكان أمير قطر أكد، بعد أيام من بدء الاحتجاجات، في اتصال بالبشير “وقوف بلاده مع السودان وجاهزيتها لتقديم كل ما هو مطلوب لتجاوز المحنة التي يمر بها”.
ويعتقد السودانيون أنهم ضحية حسابات البشير الشخصية وتحالفه مع قطر وتركيا وجماعات الإسلام السياسي، وهو ما حال دون حصولهم على دعم قوي ودائم لدول مثل السعودية والإمارات أسوة بدول أفريقية جارة مثل إيرتريا وإثيوبيا اللتين أصبحتا ضمن دائرة اهتمام الرياض وأبوظبي.
وفي تحد مباشر للاتحاد الذي أسسه الإخواني المصري يوسف القرضاوي أقر البشير بأن المشكلة الرئيسية لنظامه هي “قانون النظام العام” المثير للجدل، وهو القانون الذي يجيز للسلطات إيقاف أي شخص يخرج عن “الضوابط” التي أسس لها النظام القيمي والقانوني الذي بناه الإخوان منذ انقلاب الإنقاذ في 1989.
وقال البشير (75 عاما) لصحافيين في مقر إقامته بالعاصمة الخرطوم في ساعة متأخرة الأربعاء، إنّ “الذين خرجوا إلى الشوارع شباب، وغالبيتهم فتيات”. وأضاف أنّ قانون النظام العام هو “واحد من أسباب تفجّر غضب الشباب”.
ويقول نشطاء إنّ القانون المعمول به منذ عشرات السنين يستهدف بالدّرجة الأولى النساء اللواتي غالبا ما يُتّهمن بـ”ارتداء ملابس غير لائقة وبسلوك غير أخلاقي”.
وتُفرض عقوبات شديدة، بما في ذلك الغرامات والسجن، على النساء اللواتي تُثبَت إدانتهنّ بموجب القانون.
كما يقول نشطاء إنّه بموجب القانون، يمكن لأيّ تجمّع لنساء ورجال سودانيين، سواء في الأماكن العامّة أو الخاصّة، أن يشكّل هدفا للشرطة.
ويعتقد متابعون للشأن السوداني أن البشير يرد بهذا التصريح على مساعي الإخوان لإدانته تحت شعارات بينها الاستبداد والفساد، وخطاب الاستعلاء والوعظ، مشيرين إلى أن رسالة الرئيس السوداني واضحة ومفادها أن أزمة نظامه لم يصنعها لوحده بل جاءت بتحالف مباشر مع الإخوان تحت غطاء تطبيق الشريعة الذي تحول إلى انتقام من السودانيين طيلة ثلاثين عاما.
ومع اشتداد الأزمة انقلبت جماعة الإخوان المسلمين في السودان على البشير، وأعلنت اعتزامها مع عدد من القوى معظمها خرجت من رحم الحركة الإسلامية على تقديم مذكرة للرئيس السوداني تدعوه فيها إلى تأسيس “مجلس سيادة انتقالي، لتسيير شؤون البلاد”، و”تشكيل حكومة قومية”، وهذه القوى نفسها من مؤثثي السلطة في السودان، وتتحمل قدرا مهما من المسؤولية عن الأوضاع في البلاد.
وتحاول قيادات إسلامية سودانية الترويج إلى أنه على خلاف ما يقال فإن المؤسسة العسكرية بقيادة البشير استغلت الحركة الإسلامية وقاعدتها الشعبية لضمان سيطرتها على مقاليد الحكم.
وأشار البشير إلى أنّ الأوضاع الاقتصادية عموما، بما في ذلك التضخّم المرتفع، تُشكّل أيضا سببا في اندلاع الاحتجاجات. وقال إنّ الشباب “طموحاتهم أعلى من الواقع، إضافة إلى قلّة الوظائف في القطاعين العام والخاص”.
وشاركت جموع من السودانيين الخميس في مسيرات في وسط الخرطوم دعما للمتظاهرين الموقوفين خلال أسابيع من الاحتجاجات المناهضة لحكم البشير.
وتمت الدعوة إلى هذه المسيرة للتعبير عن التضامن مع المئات من المتظاهرين الموقوفين منذ اندلاع التظاهرات في ديسمبر الماضي.
وعاد المتظاهرون إلى منطقة وسط المدينة، مرددين هتافهم الذي ميّز الاحتجاجات “حرية سلام عدالة”، على ما أفاد شهود عيان. ومنع التضييق الأمني المتظاهرين من التظاهر في هذه المنطقة لنحو أسبوعين.
وردّد المشاركون “رص (اجمع) العساكر رص الليلة تسقط بس″، حسب ما قال شهود مشيرين إلى أنّ قوات مكافحة الشغب واجهت المحتجين بالغاز المسيّل للدموع. كما هتفوا “”سلمية سلمية ضد الحرامية”. ودعا تجمّع المهنيين الذي يقود الاحتجاجات إلى التظاهر الخميس دعما للمعتقلين الذين يقول إنهم يتعرضون “للتعذيب”.
صحيفة العرب