المستثمرون يواصلون الهروب إلى الذهب لكن الـ”كاش” يكسب

أظهرت إحصاءات تدفقات الصناديق، تدافعاً من المستثمرين على السيولة والذهب والسندات عالية التصنيف، وسط ترقب في الولايات المتحدة لموافقة الكونغرس على تحفيز جديد، وتسببت بواعث القلق حيال مصير الحزمة في خروج 7.4 مليار دولار من صناديق الأسهم على مدى أسبوع حتى الأربعاء الماضي، في وقت فترت فيه أيضا التدفقات على الأسهم الأوروبية، إذ شهدت نزوح مليار دولار على مدار الشهر المنصرم، وفقا لبيانات بنك أوف أميركا.

ووفقاً لتقرير حديث أعده البنك سجلت صناديق الأسهم الأميركية أكبر نزوح في 6 أسابيع، إذ فقدت 6.5 مليار دولار. ورغم ذلك، يقترب المؤشر “ستاندرد آند بورز 500” من مستوى قياسي مرتفع إذ ساعدت إجراءات التحفيز المتخذة بالفعل مؤشرات الأسهم الأميركية على تجاوز عمليات البيع التي أعقبت تفشي فيروس كورونا.

واستقطب الذهب، الذي اخترق حاجز الألفي دولار للأوقية (الأونصة) ليبلغ مستويات قياسية مرتفعة هذا الأسبوع 2.7 مليار دولار. فيما جذبت السندات عالية التصنيف 14.7 مليار دولار مع اقتداء المستثمرين بالبنوك المركزية، التي تبلغ مشترياتها من السندات ملياري دولار في الساعة.

تحركات لتقليص استخدام العملات الورقية

في الوقت نفسه، أشار تحليل لوكالة “بلومبيرغ أوبنيون”، إلى أنه وفي جميع أنحاء أوروبا وخارجها، أدى الوباء إلى تسريع عملية التحول بعيداً عن النقد “الكاش”، كما شجع على انتشار المدفوعات الرقمية. وقبل أيام، ذكرت شركة المدفوعات الأوروبية “فيزا” أن وباء كورونا قد يؤدي إلى تحول بعيداً عن الكاش بشكل دائم.

وأشارت إلى أن التحركات المؤقتة للحد من استخدام العملة الورقية، بهدف كبح عملية تفشي الفيروس وانتقال العدوى، تسهم في تغيير عادات العملاء. لكن بغض النظر عن المصلحة الشخصية، فمن المرجح أن تكون “فيزا” محقة في هذا التوجه.

وبالفعل، شهد الكاش تراجعاً في معظم أنحاء أوروبا كما أن العديد من أولئك الذين أجبروا على البقاء في المنزل تحولوا إلى التسوق عبر الإنترنت وخدمات توصيل الطعام بشكل لم يحدث من قبل.

وفي الوقت نفسه، وصل سعر سهم “باي بال”، وهي شركة المدفوعات الإلكترونية الأميركية إلى مستوى قياسي مرتفع خلال الفترة الماضية. ومع ذلك، قد يكون من الخطأ الاعتقاد بأن الـ”كاش” سوف يختفي تماماً، أو أنه عبارة عن تكنولوجيا عفى عليها الزمن، حيث تعتبر العملات الرقمية أقدم كثيراً من ذلك.

وربما كانت الأموال الأولى تتمثل بأقراص الطين في بلاد ما بين النهرين القديمة، التي لم تترك أبداً المعابد والقصور المملوكة للبيروقراطين، تماماً مثلما هو الوضع حالياً بالنسبة للعملات الرقمية المحصورة في رقائق السيليكون.

وقدمت العملة الورقية، التي تم إنشاؤها لاحقاً من فئة الـ20 جنيهاً إسترلينياً، مزايا تتمثل في القابلية للنقل، والأهم من ذلك بالنسبة لعصر اليوم، الخصوصية وعدم الكشف عن الهوية. في ما لا يشكل الـ”كاش” جاذبية فحسب لأولئك الذين يريدون الابتعاد عن أعين البيروقراطيين لأسباب خفية، سواء لبيع المخدرات أو في أعمال مقابل تسليم الأموال باليد.

ومع انتقال المزيد من شركات التكنولوجيا إلى أعمال المدفوعات، فإن النقد يمثل وسيلة للمستهلكين للاحتفاظ بالبيانات الخاصة بإنفاقهم لأنفسهم.

وفق التحليل، تُعد العملات الرقمية للبنوك المركزية، التي توفر بديلاً حكومياً لشركات التكنولوجيا الكبرى بمثابة إحدى الوسائل للأفراد المهتمين بالخصوصية للاحتفاظ بسجلات لما يشترونه ويبيعونه بعيداً عن شركات الإعلان. ومع ذلك، يشعر الكثير من الناس بالقلق بشأن احتمالية وصول الحكومة إلى هذه البيانات مثلما يقلقون من الشركات الخاصة.

وفي ألمانيا، مع تاريخها المؤلم للحكومات الشمولية، كان العملاء يكتنزون الأموال حتى في الوقت الذي تشهد فيه دول أوروبية أخرى زيادة في الودائع المصرفية خلال فترة الوباء.

وكانت السويد، حيث ترتفع الثقة في الحكومة، واحدة من أسرع الدول التي تبنت نهج المدفوعات الرقمية، ولو أن الصين أيضاً تعتمد على هذا النوع من المدفوعات، حيث يتم دمج نظام “الائتمان الاجتماعي” المثير للجدل مع تكنولوجيات الدفع الجديدة.

وذكرت أن العملة الورقية لا يجب أن ينتهي عهدها، ولكن كأداة أكثر تخصصاً سيكون من الصعب العثور عليها حيث تخفض البنوك بالفعل عدد الفروع وأجهزة الصراف الآلي.

ويحتاج أولئك الذين لا يزالون يعتمدون على النقد، بخاصةً كبار السن من المستهلكين بالمناطق المعزولة، إلى الحماية من الوقوع في الجانب الخطأ من “الفجوة الرقمية”؛ بحيث يتم استبعادهم من الخدمات بسبب العجز أو العزوف بشكل مفهوم عن استخدام التكنولوجيا الجديدة.

وبالنظر إلى المصلحة العامة في الحفاظ على الخصوصية ومساعدة الفئات المهمشة، هناك مبرر للتدخل الحكومي، لكن شبكة الصراف الآلي كانت في الأصل مستقلة عن الدولة وتم دفع ثمنها من خلال الدعم المتبادل من قبل البنوك.

وتقوم البنوك في بريطانيا حالياً بتجربة بدائل للدعم، مثل الفروع المشتركة. ولكن بطريقة أو بأخرى، فإن أولئك الذين لا يزالون يقدرون قيمة النقود في عصر رقمي متزايد سيضطرون حتماً إلى دفع الثمن.

إندبندنت


انضم لقناة الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.