الطاهر ساتي: ليلى والبواكي..!!

:: مواكب السبت (19 ديسمبر)، لم تكن احتفالاً بعيد الثورة، أو كما تحتفي الشعوب بذكرى ثوراتها، بل كل تلك المواكب كانت أجندة تهتف وتمشي على قدمين، أي مواكب أحزاب.. (يُغني المغني، وكلٌّ يبكي ليلاه)، أو هكذا كان حال المتحزبين في المواكب.. هناك من خرج مطالباً بإسقاط الحكومة، ومن خرج داعماً للحكومة، ومن خرج ليحرق علم الحزب الشيوعي، ومن خرج ليشتم الجيش وحمدوك والفلول و.. و…!!

:: والمهم.. بغض النظر عن ليلى كل باكٍ، فإن المواكِب من التعابير السياسية المشروعة، ويجب ألا تكون مصدر توجُّس أو إزعاج، ما لم تنحرف نحو العنف.. ورغم الوضع الاقتصادي المتردي، فإن الوضعَ السياسي في بلادنا بخير، ويُبشِّر بغدٍ أجمل لو صبرنا على الديمقرطية وقمنا للإنتاج، بدلاً من انتظار مكرمات الخليج.. وما يحدُث من شد وجذب بين مكونات الحكومة – العساكر، قوى الحرية، الجبهة الثورية – ظاهرة صحية و(دليل عافية)..!!

:: ولكن المؤسف أن هناك مظاهر تتنافي مع قيم الديمقراطية، ومنها ظاهرة حرق أعلام وشعارات الخصوم، كما حدث لشعار الحزب الشيوعي، فالحرائق ليست وسيلة تعبير مشروعة، بل هي من مظاهر العنف والكراهية.. وكذلك ظاهرة إغلاق الشوارع بالمتاريس، ويجب التخلص من هذه الظاهرة المتخلفة بالتوعية والقانون، لأنها تسبب المتاعب لأبرياء لا ناقة لهم في السياسة ولا جمل، وكذلك تُعرِّض حياة المرضى للمخاطر..!!

:: كما لك حق التعبير بالتظاهُر، فلغيرك حق السير في الطُرق الآمنة بلا متاريس.. وكما نُطالب الشرطة بحماية المسيرات، نُطالب أيضاً أن تكون المسيرات مُنظّمة، وتحدد الشرطة مساراتها وتوقيتها، وهذا ما يسمى بالعمل المؤسسي.. وبالمناسبة، لماذا لم تفكر السلطات في تنظيم المواكب بالقوانين؟، أو كما الحال في دول العالم المتحضر.. هناك للمواكب قوانين تنظمها، أي هي ليست فوضى، بحيث من يشاء يغلق من الطرق ما يشاء..!!
:: نعم، فالديمقراطية لا تعني أن يبقى الشعب قابعاً كالأنعام في (حظيرة الوطن)، ولا الحرية تعني أن يكون المواطن في حالات السكون والجمود، ولكن كل هذا لا يعني التخلي عن (السلمية) في أفعالنا وأقوالنا.. والمواكب، طالما هي سلمية ومنظمة وذات أهدافٍ ومطالب مشروعة، فهي بعض من ملامح الدولة المدنية المُرتجاة، وواجب على الشرطة حمايتها، بدلاً من ضربها بالهراوات والغاز المسيل للدموع..!!

:: وكما تعلمون، فالدولة المدنية تختلف عن نقيضتها تلك – كشفنا سرها واستسغْنا مرّها – بتسابُق الرأي والرأي الآخر في مضمار العمل العام بوضوح وبكل الوسائل المشروعة، وليس في هذا السباق الشريف ما يُزعِج.. وكل المطلوب هو التزام الأطراف السياسية بقواعد اللعب الشريف.. ثم تقوية المؤسسية على مستوى الدولة، فالمفقود حالياً هو دولة المؤسسات….!!

:: وثمة نصيحة لمن يُضعفون الحكومة بالمزايدات السياسية، وهي (خيرٌ لكم أن تحموا هذه المرحلة الحسّاسة بالحكمة ومناخ الإنتاج، وليس بمناخ الانقلاب).. وعلى الحكومة أن تعلم إن كانت مواكب اليوم ذات مطالب سياسية، فإن مواكب الغد سوف تطالب بالكهرباء والمياه والرغيف و.. و.. و.. فلتحذر الحكومة ثورة الجياع.. ليست فقط الحرية والسلام والعدالة هي التي تستحق التضحيات، بل (الخُبز أيضاً)..!!

باج نيوز


انضم لقناة الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.