يا حمدوك.. من أين لك هذا؟

لا أعتقد ان هناك من يخالجه الشك ان السودان يقبع في قائمة الدول وتفشى الفساد لأسباب لا يجد الانسان السوي لها تفسيرا غير ضعف الإيمان وتراجع النخوة فمن أفسدوا حدثتهم أنفسهم المريضة المرتبكة بأنهم يلعقون الشهد والعسل.. وما نهبوه من خيرات البلاد وما دمروه من مشروعات كان كفيلا لتحقيق الحياة الرغدة والمتزنة لهم ولشريحة واسعة من أهلهم وذويهم ومجتمعاتهم لكنها النفوس التي لا ترعوي وتسير في جادة الطريق دون العصا وتشديد الرقابة وبسط القانون وتفعيل اللوائح والأنظمة الصارمة.. مع الأسف الشديد حتى بعد تكوين مؤسسات وآليات حكومة ثورة ديسمبر التي هبت ونهضت لجب ما قبلها من مساوئ ظلت الميديا تضج بكثير من حالات التجاوزات هنا وهناك قد يكون قليل منه مفبركا ومنسوجا بعناية لإحباط الهمم وغرس الدسائس والفتن وتفتيت العضد ولكن مهما كان ذلك حقيقيا أم تدليسا فان سد هذه الثغرات متاح ومتعارف وبات ضرورة ملحة قانون من أين لك هذا ؟

ان تشكيل وقيام حكومة الثورة في نسختها الأولى لم تخل من كثير هنات نقلتها وسائل التواصل الاجتماعي عن نهم وشره بعض النافذين والمستشارين والوزراء ومديري مكاتبهم لامتطاء فخيم السيارات والسكن في القصور واستسهال بوابات الفنادق وما لذ وطاب من مطاعمها في وقت لقمة الخبز الحاف باتت عصية على المواطنين بكل مستوياتهم وحقنة الأنسلين افتقدها مرضى السكري من حبوباتنا وعماتنا ومن يستسهل اللقمة سيستسهل بلع الجمل بما حمل .. من أين لك هذا؟ تسد الذرائع وتقفل بوابات “اللقف” والتمويه وتقف سدا منيعا أمام النفوس الضعيفة الرعناء وهو قانون معمول به في كثير من الدول والمؤسسات يضفي المصداقية ويسد السيل المنهمر من الأخبار التي تنسج حكايات وحكايات عن الفساد واستغلال السلطات ..

كوكبة وزراء النسخة الثانية من حكومة الثورة او حكومة السلام أصلا رافقها كثير من الأخبار المشينة منذ جولات التفاوض بجوبا إن كانت صحيحة أو كاذبة كما ان ضمن التشكيلة الوزارية تجار وأصحاب أموال ونفوذ ومصانع ولكي لا يختلط “الميري” مع الرسمي يجب أن يوقع الجميع على الصيغة المتعارف عليها بممتلكاته وحساباته وأمواله ليخرج كما جاء بعد ان يكون قد أدى ضريبة الوطن واخذ عليها استحقاقات الكرسي الوزاري دون زيادة أو نقصان ..
ان التشاكس والتدافع لاحتلال المقعد الوزاري والذي أجل تشكيل الوزارة لشهور لا يعتقد الكثيرون أنه إكراما لعيون المواطن والوطن بل لمآرب اخرى وهي النفس البشرية إلا تلك التي مسكت بحبل الله القوي وعصمت نفسها من الانزلاق في عالم يموج بالماديات والإغراءات والمفاسد ..

فيا سعادة رئيس مجلس الوزراء د. عبدالله حمدوك إن إعادة صياغة القوانين واللوائح والانظمة وتنقيحها وتفعيلها هو أقوى أياديكم لتسيير دفة هذه السفينة المتأرجحة وسط أمواج متلاطمة … ومن أين لك هذا ضرورة ملحة يجب حض كل الوزارات والمؤسسات لتفعيله والعمل به جنبا الى جنب مع الثقة في الكفاءات .

عواطف عبداللطيف
*إعلامية كاتبة

المصدر: صحيفة السوداني


انضم لقناة الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.