أحمد يوسف التاي يكتب: البشريات في زمن البؤس

(1)
قبل بضع سنوات خلون كتبتُ مقالاً تحت العنوان أعلاه ، وذلك تعليقاً على تصريحات جاءت على لسان البشير وبعض وزراء القطاع الاقتصادي يبشرون فيها الشعب السوداني بإقبال الشركات العالمية على ذهب السودان ويُمنونه برغد العيش والرخاء وانتهاء الأزمة الاقتصادية … كتبتُ حينها أقول: (لو أن السماء أمطرت ذهباً، وتفتقت الأرض ينابيع من النفط ، ولو أن الحصى والرمال تناثرت تحت أقدام هذا النظام لؤلؤاً، لن يفيد الشعب السوداني بشيء، ومن الأفضل أن ترقد تلك الثروات في باطن الأرض إلى حين أن يقيِّض الله سبحانه وتعالى للشعب السوداني حكومة رشيدة تستخرج خيرات الأرض وتديرها بمسؤولية وتنفع بها الناس)… وكانت فكرة المقال تقوم على أنه مهما استخرجنا من ثروات بباطن الأرض لن تفيد لأن نظام الحكم السائد فاسد وغير مؤتمن على ثروات الشعب ويجب ألا نفرح بالاكتشافات الجديدة من المعادن لأن التبديد والسرقة لن تبقي منها شيئاً والأفضل أن تبقى بباطن الأرض…

(2)
كنا نظنُ أن عهد الفساد والتستر على شبكاته قد ولى فإذا بمبارك أردول يصدمنا صدمة صاعقة ما لها من فواق… للأسف جاءت حكومة الثورة بذات العقلية الفاسدة التي تبدد الثروات وتهدر الموارد بالعبث والسرقات والنهب والتهريب والتستر على المجرمين العابثين بثروات البلاد، ولعل هذا ما تبين جلياً أن الفساد ما زال محمياً بالسلطة والنفوذ … إذن لماذا تتعقبون بعض الكيزان الفاسدين وتسعون وراء محاكمتهم واسترداد ما أخذوه بغير وجه حق… هنا فقط يسقط كل شيء، كل شيء ويتعرى أمام الناس ولن يجد من ورق التوت ما يستر عورته…

(3)
طوال يوم أمس ظل مسؤولو حكومة الثورة يبشروننا بجني القرارات الاقتصادية الجديدة وتعويم الجنيه بأنه سيفتح الطريق واسعاً لتعافي الاقتصاد المأزوم وإعفاء الديون الخارجية في وقت يشكو فيه مدير شركة الموارد المعدنية مبارك أردول من حماية الدولة لمجرمين ينشطون في تهريب الذهب فهل أقول إلا كما قلتُ في عهد النظام المُباد : (لو أن السماء أمطرت ذهباً، وتفتقت الأرض ينابيع من النفط ولو أن الحصى والرمال تناثرت تحت أقدام هذا النظام لؤلؤاً، لن يفيد الشعب السوداني بشيء، ومن الأفضل أن ترقد تلك المعادن الثمينة في باطن الأرض إلى حين أن يقيِّض الله سبحانه وتعالى للشعب السوداني حكومة رشيدة تستخرج خيرات الأرض وتديرها بمسؤولية وتنفع بها الناس)… فطالما أن الفساد لا يزال محمياً بالقانون والسلطة والنفوذ ويحتمي بـ (الحصانات) ولا أحد يستطيع أن يُسقطها لتقديم أصحابها للمحاكمة فارقدي ثروات بلادي إلى حين أن ينزل الله علينا ملائكة من السماء ليحكموننا، فالحال من بعضو، ولا حول ولا قوة إلا بالله…

(4)
آلمتني جداً حد الصدمة استغاثة مبارك أردول وهو يشكو من نافذين هرّبوا الذهب وتم ضبطهم قبل أكثر من عام وهم الآن معروفين وجزء من أجهزة الحكومة ومع ذلك عجزت الدولة عن رفع الحصانة عنهم لمحاكمتهم على جريمة تدمير الاقتصاد السوداني …أردول أيضاً تحدث عن عراقيل توضع بين المهرّبين المجرمين من «منسوبي الحكومة» والعدالة مما يعني أن هناك رؤوس كبيرة تحمي هؤلاء المجرمين، وإلا ما الذي يُعجز دولة عن رفع حصانة مسؤولين متهمين.. اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.

المصدر: الانتباهة أون لاين


انضم لقناة الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.