هل تقبل أطراف الأزمة في سد النهضة بجولة جديدة من المفاوضات بلا شروط… بعد الدعوة الأمريكية؟
دعت الخارجية الأمريكية أطراف الأزمة في سد النهضة الأثيوبي إلى جولة جديدة من المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي بعد جولة مبعوثها في أربع عواصم أفريقية… ما الجديد في تلك الدعوة؟.
أمريكا تدعو إلى جولة جديدة من المفاوضات… ما الجديد في أزمة سد النهضة بعد زيارة مبعوثها للقرن الأفريقي؟
يرى مراقبون أن الولايات المتحدة الأمريكية تكرر السيناريو السابق وتدعو إلى مفاوضات جديدة وهي تعلم جيدا أنها لن تأت بجديد، كان يجب أن تقترن تلك الدعوة بمواقف ومدة زمنية محددة، وأن يتم وقف البناء وإجراءات الملء الثاني قبل الدخول في أي مفاوضات جديدة، لكن البيان الأمريكي والذي جاء بعد جولة مبعوثها للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان جاء باهتا، وهو ما يعطي مؤشرا مسبقا لنتائج تلك الجولة إذا قبلت بها الأطراف المتضررة من السد.
يقول خبير السدود الدولي المصري، الدكتور أحمد عبد الخالق الشناوي، في تعليق له على بيان الخارجية الأمريكية بالدعوة لجولة جديدة من مفاوضات سد النهضة برعاية الاتحاد الأفريقي،
إن “القانون الدولي يمنع بناء سد النهضة من الأساس، وهناك واقعة سابقة حدثت مع نهر الدانوب الذي يمر بعدة دول أوروبية، حيث قامت إحدى دول النهر ببناء سد فذهبت الدول المتضررة إلى المحكمة الدولية والتي أمرت بدورها بإزالة السد، فلو تخيلنا أن هذا السد سوف يؤثر على الموارد المائية لمصر فكيف يكون الأمر”.
القانون الدولي
وتابع الشناوي في حديثه لـ”سبوتنيك”، “إذا كانت أثيوبيا نفسها لم تأخذ بهذا القانون الدولي ولا تعترف به، فما الذي يمكن أن تأتي به أي جولة مفاوضات جديدة، حتى إن وافقت أثيوبيا على مخرجات أي جولة جديدة لن تقوم بتفعيلها أو العمل بها، وعندما عزم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر على بناء السد العالي في الستينات أراد أن يجمع دول حوض النيل في أسرة واحدة أطلق عليها “الهيئة الفنية المشتركة لمياه النيل”، وضمت تلك الهيئة كل دول حوض النيل بحيث يشترك الجميع في إدارة حوض النيل، الدولة الوحيدة التي رفضت الانضمام للهيئة هى أثيوبيا، والخلاصة أن أثيوبيا دولة لا تحترم القانون ولا علاقات ولا أي شىء”.
ما الجديد
وأضاف الشناوي: “يجب أن نعلم جيدا قبل الدخول في أي مفاوضات، ما الجديد الذي نريده من تلك المفاوضات، يمكن أن توقع أثيوبيا بالموافقة نظرا لدخول أمريكا، لكنها لن تعمل بأي موافقات، الدعوة الأمريكية لجولة مفاوضات لن تأتي بأي جديد ولو كان هناك مرونة في الموقف الأثيوبي من البداية لانتهى الأمر منذ سنوات”.
سيناريوهات بديلة
وحول الحلول التي كان يمكن التعويل عليها لإنهاء تلك الأزمة قال خبير السدود الدولي، “في العام 2014، دعيت لإلقاء محاضرة حول سد النهضة من الجمعية العلمية المصرية، وقلت وقتها أن سد النهضة قابل للانهيار وقد انهار ثلاث مرات قبل ذلك، وقمت بطرح مشروع بديل يتمثل في 300 حائط لحجز المياه بارتفاع 6 أمتار لكل منها داخل إثيوبيا حتى حدود السودان، وهى سدود صغيرة جدا يمكن بناؤها من الطوب الأحمر بمواد أولية من الطمي النيلي”.
وتابع: “يستخدم في كل سد مولدات الكهرباء الصغيرة التي تنتجها الهيئة العربية للتصنيع، تلك السدود يمكنها توليد كهرباء 5 أضعاف ما سينتج عن سد النهضة، وتقوم بتوزيع الكهرباء للقبائل على طول النهر داخل أثيوبيا، والحل الآخر هو استعادة أرض بني شنقول المقام عليها السد وهى أرض سودانية بغض النظر عن اتفاقية 1902 والتي وافق عليها المستعمر البريطاني ولم يوافق عليها البرلمان أو الشعب السوداني، لذا من حقنا كمصر أن ندخل مع السودان لاسترجاع تلك الأراضي وبعدها تفعل إثيوبيا ما تريد”.
وأكد الشناوي على أنه “إذا تم ملء السد ولم ينهار، ليس أمامنا خيار سوى أن ننسى نهر النيل إلى الأبد، وسوف تستمر أثيوبيا في عملية الملء حتى تصل لمنسوب 145 متر مكعب خلف السد، والحل الثالث ونتيجة لاتساع الفوالق ومنها البحر الأحمر والذي يهدد بفصل القرن الأفريقي، لذا على الجمعيات الأهلية التابعة لإحدى منظمات الأمم المتحدة في تلك الدول، أن تجتمع وتطلب إزالة السد وعدم إنشاء أي سدود أخرى، ويجب علينا أن نقود هذه الحملة بمساعدة الأجهزة السيادية في البلاد، وأهم السيناريوهات في تلك المرحلة هو التدخل العسكري لاستعادة أرض بني شنقول المقام عليها السد”.
تكرار الموقف الأمريكي
من جانبه قال خبير المياه السوداني والعضو السابق في مفاوضات دول حوض النيل الدكتور أحمد المفتي، إن “أمريكا تكرر مقترحها الذي قدمته في نهاية العام 2019، وفشل فشلا ذريعا، بعد أن أكمل مبعوث أمريكا للقرن الأفريقي جولته في الخرطوم والقاهرة وأديس أبابا وأسمرا، خلال 4 – 13 مايو/ أيار الجاري، قدم تنويرا للإدارة الأمريكية، فأصدرت خارجيتها بيانا حول الموضوع”.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، “لكن بكل أسف تمخض الجبل فولّد فأرا، حيث طالبت أمريكا الدول بالرجوع إلى طاولة المفاوضات التي تعلم أنها فاشلة، تريد الدخول في جولة فاشلة جديدة من دون أي قيد أو شرط أو جزرة، وقد سبق لأمريكا أن فعلت نفس الشئ في نهاية العام 2019، عندما طالبت مصر بتدخلها، فطلبت من الدول الثلاثة الرجوع إلى طاولة مفاوضات هي تعلم أنها فاشلة، فرجعت الدول إلى طاولة المفاوضات وفشلت كما هو متوقع”.
اختلاف الظروف
وتابع المفتي: “حاولت أمريكا على استحياء أن تدفع إثيوبيا للتوقيع على مسودة أعدتها مع البنك الدولي، في فبراير/ شباط 2020، فرفضت إثيوبيا، وانفض أثر التدخل الأمريكي آنذاك، والآن تكرر أمريكا نفس المشهد على الرغم من اختلاف الظروف، حيث أنه لايوجد متسع من الوقت حاليا، وكل يوم يمر يعطي شرعية لترتيبات إثيوبيا للملء الثاني بإرادتها المنفردة.
وأشار الخبير السوداني، إلى أن “الحل الوحيد في اعتقادنا هو إعطاء الاتحاد الأفريقي مهلة أياما معدودات، لوضع حل جذري أو إنهاء المفاوضات والسعي لبدائل أخرى أكثر جدية وحسم”.
هذا وقد دعت وزارة الخارجية الأمريكية، الجمعة الماضية، لاستئناف المفاوضات بشأن سد النهضة على وجه السرعة، مشيرة إلى أن القرارات المقبلة ستكون لها تداعيات كبيرة على شعوب المنطقة.
وقالت الخارجية الأمريكية في بيان صادر لها، إن “واشنطن تبحث التوفيق بين مخاوف مصر والسودان بشأن الأمن المائي مع احتياجات التنمية في أثيوبيا من خلال مفاوضات تحت قيادة الاتحاد الأفريقي على وجه السرعة.”.
وأوضح البيان أن “القرارات التي ستتخذ في الفترة المقبلة بشأن سد النهضة سيكون لها تداعيات كبيرة على شعوب المنطقة”.
وفي سياق آخر، أعرب البيان عن “قلق واشنطن العميق إزاء تصعيد الاستقطاب السياسي والعرقي في أثيوبيا”.
وأكد البيان أن “الولايات المتحدة تعمل مع حلفائها لضمان وقف إطلاق النار في في إقليم تيغراي وتقديم المساعدات ومحاسبة منتهكي حقوق الإنسان”.
وأشار البيان إلى أن “فيلتمان أكد للرئيس الإريتري أسياس أفورقي ضرورة سحب القوات الإريترية من إثيوبيا على الفور.
وعاد المبعوث الخاص للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان من جولة قام بها الخميس الماضي في المنطقة، حيث زار مصر وإريتريا والسودان وإثيوبيا في الفترة من 4 إلى 13 مايو/ أيار الجاري.
المصدر : سبوتنيك